الفرقة الرابعة مشاه

د.الطيب النقر   …..

 

من الصعب جداً أن يبرأ مقالنا هذا من الانحياز، فالفرقة الرابعة التي فرضت علينا نمطها الخاص في الحب والشعور، نعجز حقاً أن نقصي انتمائنا إليها، وتعصبنا لها، فالفرقة الرابعة، القوة المانعة من السقوط والانحدار في صقعنا هذا، استقرت محبتها في دواخلنا منذ أن كنا في ميعة الصبا، تلك المحبة التي أضحت وتيرتها أسرع، وإيقاعها أقوى الآن، لأن هذه الفرقة طوت كل مراحل هذه الحرب المستعرة فتية شامخة، وما فتئت في ظل هذه الأيام العصيبة، مثالاً للثبات والجلد، تحقق التحصين الكامل لهذه الولاية الخصبة، وتسرف هذه الفرقة التي ليست هي هشة، أوضعيفة، أو قابلة للانكسار، في الذب عن حياض السودان، تنافح عنه بيد، وتناضل عنه بسهم، في الميادين المختلفة للهيجاء، فنحن نعي أن هذا الضرب من الصراع بين الحق والباطل، يقتضي جنوداً للحق، في مواجهة جنود الباطل، والفرقة الرابعة التي لها رصيدها الهائل في تخليصنا من أشكال الاستبداد، ولها دوائرها المحكمة الاغلاق في حماية هذه الديار، كانت وما زالت من قوات الحق التي تجابه وتقاوم مخططات التهجير القسري، والتغيير الديمغرافي.
لقد حوت هذه الفرقة إرث المؤسسة العسكرية، وهضمت أدوات ومزايا إقدامها ورباطة جأشها، وأجادت” قانون التفاعل” الذي يجعلها خفيفة الحركة، رشيقة الخطى، تختزل الأمكنة، وتقارب المسافات، وتركض نحو التداعيات البعيدة، حتى تطهر الوطن العزيز من بائقة الجموح والشقاق، والتمرد، والعصيان، إذن الفرقة الرابعة تفهم قواعد الوغى، وتعرف كيفية التعامل معها، فالفرقة الرابعة مثلها مثل بقية الفرق العسكرية العتيدة، التي تجيد التصرف مع من زهتهم السطوة فلجوا في الباطل، وأعمتهم الشهوة فتدفقوا في الشر، نعم، لقد وقفت هذه الفرقة الباذخة العاتية، عقبة كؤود أمام هذه الدسائس والمؤامرات البغيضة، التي أراد لها البعض أن تستشري في وطننا الذي تركض فيه المصائب، وتتسابق إليه النكبات، هذه الشبكة المعقدة من الجهات المتآمرة في لحظات متقاربة، أسرف عليها هذا الاحساس الذي قادها لأن تدفع بهذا البلد إلى طرق مختلفة، طابعه يشير إلى عملية مستمرة من التحول والتغيير، ترمي في النهاية إلى هدف واحد، وهو جعل هذه البلاد التي احتفظت بالتنوع وقامت عليه، أن تتقزم وتتآكل من أطرافها، هي إذن غاية عنصرها غير مستساغ عندنا، وتحول مخزي مشحون بسقيم المعاني، رفضته القوات المسلحة، وواجهته وستظل تواجهه حتى يتحصص الحق، ويمكث في “مهد الحضارات، وأصل البشرية” ما ينفع الناس.
الفرقة الرابعة مشاه، أسهمت بتعددية عملياتها التي خاضتها في ربوع ومناطق هذه الولاية وغيرها من الولايات، وبامتداد تضحياتها آفقيا وعامودياً، وبتسارع ركضها نحو مواطن المنايا، وبتزايد أرتالها، التي أظهرت أنماطا مختلفة من الشجاعة والبسالة التي لا يمكن توصيفها، قادت هذه الجسارة المليشيا البغيضة أن تتراجع وتتقهقر عن الخرطوم، والجزيرة، وسنار، وسنجة، والنيل الأزرق، وتنزوي في بعض مناطق كردفان، وولايات دارفور، إن إسهام الفرقة الرابعة مشاه، في الحق يتبلور حول معنى مستقر وثابت، وطد أركانه شهدائها الذين لم يستصحبوا معهم شيئاً إلى العالم العلوي غير غرام مستحكم لبلد الآباء والأجداد، أحسنوا هم توظيفه.
د.الطيب النقر

الكاتب من السودان

قد يعجبك ايضا