نتنياهو قبيل لقائه ترامب: “صفقة القرن” فرصة تحدث مرة واحدة في التاريخ ولا يجوز تفويتها

وهج 24 : من المتوقع أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإثنين رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ورئيس المعارضة بيني غانتس، في اجتماعين منفصلين للتداول في “صفقة القرن” التي ستكشف فحواها بعد نحو عامين على طرحها.

ومن المقرر أن يجري نتنياهو لقاء ثانيا مع ترامب غدا أيضا. ويجري كل ذلك وسط جدل واسع في إسرائيل عما إذا كان طرح هذه الخطة الآن أمر حقيقي أم مناورة انتخابية من بنات أفكار ترامب ونتنياهو اللذين يواجهان مشاكل داخلية عشية جولتي انتخابات قريبتين.

وكرر نتنياهو قبيل سفره إلى واشنطن تلبية لدعوة الرئيس ترامب قوله إن فرصة مثل هذه تحدث مرة واحدة في التاريخ ولا يجوز تفويتها. وتابع في شريط فيديو: “لدينا اليوم في البيت الأبيض صديق لإسرائيل أكبر من أي وقت مضى ولذلك لدينا اليوم فرصة أكبر من أي وقت مضى. أتحدث مع الرئيس ترامب وفريقه منذ ثلاث سنوات حول احتياجاتنا الأمنية والوطنية الأكثر حيويةً التي يجب شملها في أي تسوية سياسية. لقيت آذانا صاغية في البيت الأبيض لتلك الاحتياجات ولذا إنني مليء بالأمل بأننا نقف على حافة لحظة فارقة في تاريخ دولتنا”.

نتنياهو الذي يواجه تهم فساد خطيرة وتراجعا في هيبته وشعبيته بسببها، وربما تنزع حصانته بخلاف رغبته، قال أيضا إنه “يغادر البلاد إلى واشنطن ويحس بأنه يحمل رسالة كبيرة ومسؤولية كبيرة وفرصة كبيرة لن تعود وذلك أجل من ضمان مستقبل إسرائيل”. لكن نتنياهو رفض الإجابة على سؤال صحافي في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية أمس هل يؤيد دولة فلسطينية؟
قبيل سفره للولايات المتحدة تلبية لدعوة رئيسها دونالد ترامب في البيت الأبيض وفي سياق السجال مع خصمه السياسي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قال رئيس معسكر المعارضة بيني غانتس إنه لا يوجد أي مخططات لانسحابات من الضفة الغربية المحتلة. وتأتي تصريحات غانتس هذه على خلفية زيارته منطقة الأغوار الفلسطينية والبلدة القديمة في القدس، حيث زار مدرسة توراتية قال فيها إنه لا توجد على الأجندة خطة لأي انسحاب من الضفة الغربية. وتابع ردا على سؤال صحافي: “لا داعي للجدل حول موضوع غير مطروح على مائدة البحث ولذا يفضل التمحور بقضايا داخلية”. موضحا أنه سيلتقي ترامب في البيت الأبيض اليوم الإثنين في زيارة خاطفة جدا ليعود فورا للكنيست للانضمام للمداولات الخاصة بنزع حصانة نتنياهو.

زيارة منفصلة لغانتس
يشار إلى أن نائب رئيس الولايات المتحدة مايك بينس قد كشف خلال مشاركته يوم الخميس الفائت في احتفالية إحياء ذكرى تحرير معسكر أوشفيتز النازي عن دعوة لغانتس للقاء الرئيس ترامب وبتوصية من نتنياهو نفسه الذي تلقى دعوة رسمية مباشرة من البيت الأبيض للتشاور في موضوع “صفقة القرن”.

وبعد تردد ومشاورات داخلية أعلن بيني غانتس أنه سيلبي دعوة ترامب لكن ليس برفقة نتنياهو كما خطط هذا، إنما في زيارة منفصلة وفي لقاء ثنائي مع ترامب سيجري الإثنين. واعتبر حزب “أزرق- أبيض” أن دعوة غانتس برفقة نتنياهو لزيارة مشتركة للبيت الأبيض يتصدر فيها نتنياهو الواجهة ليست سوى مناورة لصرف الأنظار عن تهم الفساد ومساعي نزع الحصانة عنه عشية الانتخابات العامة التي ستجري في 2 مارس/آذار القادم.

وأكد عدد كبير من المراقبين المحليين أن الزيارة المشتركة لغانتس ونتنياهو التي خطط لها الأخير بالتنسيق مع ترامب ليست سوى مصيدة للإيقاع بغانتس بهدف طرحه كمجرور وبحجم صغير مقابل نتنياهو في البيت الأبيض، علاوة على استبدال تهم الفساد بـ”صفقة القرن” خدمة لأهدافه الانتخابية.

وعن موقفه من “صفقة القرن” وجوهرها اكتفى غانتس بالقول: “نحن نمثل الآن أمام ساعة مصيرية لتحديد الحدود السياسية والأمنية لإسرائيل. الخطة من شأنها إثارة خلافات داخلية موجعة”. وأوضح غانتس في بلاغ صحافي متلفز ليلة السبت أنه سيلتقي ترامب يوم الإثنين ليعود للتو لمباحثات نزع الحصانة عن نتنياهو في الكنيست. وبعد تصريحات غانتس سارع نتنياهو للمزاودة السياسية بالقول إنه سيلتقي ترامب مرتين الأولى يوم الإثنين والثانية يوم الثلاثاء.

خلافات داخلية بيننا
وردا على سؤال الإذاعة الإسرائيلية الرسمية عما إذا كان سيبدي استعدادا للتباحث في “صفقة القرن” الآن أم أنه سيطالب الرئيس الأمريكي بتأجيل البحث بها لما بعد الانتخابات للكنيست بعد نحو شهر، قال غانتس: “سألتقي الرئيس ترامب وسنستمع منه حول خطته ونتبادل معه الأمور لكن هذا ما سنفعله داخل الغرفة وليس في الإعلام”. وتابع: “ترامب صديق حقيقي لإسرائيل وللإسرائيليين وليهود الولايات المتحدة. في الشهور الأخيرة أجرينا اتصالات ولقاءات مع موظفين كبار في البيت الأبيض ومع السفير الأمريكي في البلاد ديفيد فريدمان حول خطة الرئيس ترامب لتسوية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. نثمن مساعي الأمريكيين للوقوف إلى جانب إسرائيل وأخذهم بالحسبان مصالحها الأمنية بعيدة المدى”. موضحا أنه يستطيع القول إن “خطة ترامب سيسجلها التاريخ كواحدة من حجارة الزاوية المركزية التي تعرف ملامح الطريق التي يستطيع أطراف الصراع في الشرق الأوسط السير فيها نحو اتفاق إقليمي وتاريخي”.

في المقابل قال غانتس أيضا إن هذه الخطة التي شارك فيها نتنياهو أيضا ستثير مستقبلا خلافات داخلية كبيرة وموجعة بيننا، وأضاف: “ألتزم بتقليص حجم هذه الخلافات للحد الأدنى فنحن في فترة مصيرية ولذلك استجبت للقاء الرئيس ترامب بشكل شخصي كرئيس للحزب الأكبر في إسرائيل وفي نهاية اللقاء سأعود مسرعا للمداولات الخاصة بحصانة نتنياهو بعد اتهامه بثلاث تهم فساد”.

دعوة للمستوطنين
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن مصدر أمريكي رفيع المستوى دعوته لرؤساء الاستيطان لدعم “صفقة القرن” القابلة للتغييرات مستقبلا . وقال المصدر محجوب الهوية إنه يدعو المستوطنين لتأييد “صفقة القرن” لأنها ستكون مفتوحة للتعديلات وسيكون بوسعهم إدخال تغييرات فيها لاحقا. وعلى خلفية ذلك غادر رئيس مجلس المستوطنات يوسي دغان إلى واشنطن من أجل لقاء نواب جمهوريين وقادة المسيحيين المتجددين المعروفين بمناصرتهم العمياء لترامب، وذلك لمطالبتهم بتأييد إحالة السيادة الإسرائيلية على المستوطنات وشطب فكرة “دولة الإرهاب” عن الأجندة في إشارة لمعارضته لدولة فلسطينية.

أوساط معارضة لدواع متعددة
في المقابل تبدي أوساط قليلة في إسرائيل معارضتها لـ”صفقة القرن” أو تحفظها منها أمثال حزب “العمل” الذي قال رئيسه عمير بيرتس إنه لا يوجد أي شيء جدي في الخطة الأمريكية وأن المفاوضات ينبغي أن تتم بين إسرائيل وبين الفلسطينيين، لافتا إلى إرساله مذكرة للرئيس ترامب بهذا الخصوص. أما رئيس حزب “ميرتس” نيتسان هوروفيتس، فأبدى تشككه حيال “صفقة القرن” وللدعوة لزيارة واشنطن معتبرا ذلك بدعة انتخابية.

وتابع متسائلا: “كيف يعقل أن تتم دعوة نتنياهو للبيت الأبيض في اليوم المحدد لبحث الكنيست بنزع حصانته وبنفس الوقت عدم دعوة الرئيس الفلسطيني؟ إذن بين من ومن سيوقع الاتفاق؟ بين نتنياهو وبين غانتس؟”.

وعبر النائب أحمد الطيبي عن رفض القائمة المشتركة لـ”صفقة القرن” بنعتها أنها أقرب لموقف أو خطة مجلس المستوطنات. من جهتها قالت صحيفة “هآرتس” الناطقة بلسان اليسار الصهيوني التقليدي في افتتاحيتها إن قرار غانتس بالاستجابة لدعوة ترامب منطقية وحكيمة وبذلك نجح بالمناورة وإبعاد نفسه عن مصيدة نصبها له نتنياهو بواسطة صديقه في البيت الأبيض ترامب.

وتحت عنوان “مصيدة الحصانة في البيت الأبيض” أشادت “هآرتس” بقول غانتس بأن استبدال نتنياهو في الحكم سيواصل تصدر سلم الأولويات لدى حزبه “أزرق- أبيض” معتبرة “صفقة القرن” مناورة انتخابية.

توقيت مريب
أما وزير الأمن الأسبق موشيه يعلون أحد قادة “أزرق- أبيض” فهو يعارض صفقة القرن ليس فقط لاعتبارها مناورة انتخابية من صنع نتنياهو وترامب فحسب، بل لـ”عدم وجود احتمال لاتفاق مع الشعب الفلسطيني في المنظور القريب”. كذلك قال وزير الأمن السابق رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” وخصم نتنياهو السياسي أفيغدور ليبرمان، إن نتنياهو لن يسافر إلى واشنطن بل هو يهرب إليها من التزاماته، معتبرا أن الكشف عن “صفقة القرن” قبيل انتخابات الكنيست بنحو الشهر هو أمر مريب جدا ولا يبقى فرصة حقيقية لبحثها بجدية وعمق.

والتزم الوزراء والنواب من “الليكود” الصمت مستجيبين لتعليمات نتنياهو بعدم التحدث بموضوع “صفقة القرن” والزيارة لواشنطن. أما في أحزاب اليمين فتراوحت ردود الفعل بين الفرحة على النية بضم الأغوار والمستوطنات، وبين القلق من إقامة دولة فلسطينية على قسم من الضفة الغربية. وقال وزير الأمن رئيس حزب “يميناه” نفتالي بينيت، إن “إسرائيل أمام فرصة تاريخية لجانب مخاطر جوهرية وعلي أن أكون واضحا: حزبنا يميناه لن بسمح بتسليم أرض للعرب أو إقامة دولة فلسطينية”.

فحوى “صفقة القرن”
وتنص صفقة القرن وفق تسريبات نشرتها صحافة إسرائيلية على ضم 30% من الضفة الغربية لإسرائيل وإحالة سيادتها على كل المستوطنات وتقدم للفلسطينيين أراضي بدلا منها وإخلاء نقاط استيطانية “غير شرعية”.

كما تنص “صفقة القرن” التي ترفضها منظمة التحرير الفلسطينية وتستخف بها على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح في 70% من أراضي الضفة الغربية وضمان حرية حركة عسكرية لإسرائيل فيها والإبقاء على الحرم القدسي الشريف تحت سيادة الاحتلال، مع نقل الأحياء العربية في القدس للسيادة الفلسطينية مقابل اعتراف فلسطيني بإسرائيل كدولة يهودية ونزع سلاح غزة.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا