أزمة لبنان الاقتصادية تعصف بقطاعي الرعاية الصحية والتعليم

وهج 24 : يواجه لبنان أزمة اقتصادية خانقة، هي الأكبر والأخطر منذ انتهاء الحرب الأهلية بين عامي1975 و1990، لم تترك جانبا من حياة المواطنين دون إحداث أضرار فيه، بما في ذلك قطاعي الرعاية الصحية والتعليم.

ويحمّل اللبنانيون الزعماء السياسيين الحاليين والسابقين مسؤولية التدهور الاقتصادي الذي يعيشه بلدهم، والذي يكاد يصل حد إعلان الإفلاس، بسبب الهدر المالي والفساد.
ويرى المواطنون أن البلاد ظلت طوال عقود معتمدة على نظام الاقتصاد الريعي، بدلاً من تطوير نظام اقتصادي إنتاجي يسهم في تطوير القطاعات المحلية.
ونتيجة لذلك، اضطرت الحكومات اللبنانية المتعاقبة إلى الإستدانة لتوفير السيولة اللازمة لنفقاتها الجارية، ما أدى إلى ارتفاع الديون العامة لتصل إلى 86.2 مليار دولار، حسب بيانات حكومية.
وكما هو متوقع طالت الأزمة القطاع الصحي وتجلى ذلك بشكل خاص في نقص المستلزمات الطبية في بعض المستشفيات، وعدم قدرة بعض المرضى من إجراء العمليات الجراحية حتى لو كانوا قادرين ماليا، أو حتى شراء العض الأدوية إما لعدم امتلاكهم المال، أو لعدم توافرها أصلا نتيجة صعوبة استيرادها بسبب شُح العملات الأجنبية.
يقول الشاب إبراهيم (18 عاما)، المريض بضمور المخ، أن سعر صرف الدولار في السوق المحلية صعّب عليه إجراء عملية جراحية مستعجلة.
ويضيف «العملية تكلف 1500 دولار، المستشفى والطبيب لم يقبلا بتقاضي تكاليف العملية وفق السعر الرسمي للدولار، ويصران على تقاضي التكاليف وفق السوق السوداء» الذي يزيد بنسبة 46% عن السعر الرسمي.
ويبلغ سعر صرف الدولار الواحد في السوق السوداء 2200 ليرة مقابل السعر الرسمي البالغ 1508 ليرات.
وقال سليمان هارون، نقيب المستشفيات في لبنان، في مقابلة أن تقاضي بعض الأطباء أجورهم من المرضى وفقاً لفرق صرف العملة بالنسبة للسوق السوداء، هو أمر غير قانوني.
وأضاف «بالنسبة للجهات الضامنة الرسمية، هناك تعرفة للأطباء بالليرة اللبنانية، ولا يحق للطبيب أن يطلب أكثر، يعني لو المريض مغطى من جهة ضامنة رسمية، لتقاضى الطبيب بالليرة وحسب التعرفة».
وأكد أن المصرف المركزي اتخذ إجراءات بالتعاون مع البنوك المحلية، «للسماح باستيراد المستلزمات الطبية والأدوية، عبر تأمين حاجة المستوردين للدولار بالسعر الرسمي».
من جهته، قال نقيب الصيادلة في لبنان، غسان الأمين، أن «البلاد لا تشهد حاليا أزمة في عدم توفر بعض الأدوية، المستوردون يوردون الدواء، ومصرف لبنان يغطي 85 في المئة من الفاتورة بالنسبة لسعر صرف العملة».
وأضاف «الدواء متوفر بالصيدليات، والمواطنون يشترونه بالسعر الطبيعي.. بالنسبة لمن لا يملك المال، فالشريحة المعدمة تشتري الدواء من المستوصف بأسعار أقل».
ولا يقتصر تأثير الأزمة المالية والاقتصادية على قطاعي الأدوية والمستشفيات، بل إن الأزمة باتت تهدد القطاع التربوي وخصوصاً المدارس الخاصة، حيث التخوف من عدم قدرة الطلاب من إكمال عامهم الدراسي بسبب عجزهم عن دفع الاقساط المتوجبة عليهم.
ويشرح الطالب هادي (17 سنة) الوضع بالقول «الأزمة الاقتصادية أثرت على أحوالنا المعيشية، والدي لا يتقاضى مستحقاته منذ 3 أشهر، لذلك لا يمكنني ان أدفع أقساط المدرسة في هذه الظروف».
وأضاف «أخشى من عدم قدرتي على تقديم الامتحانات الرسمية، وخصوصاً أن المدرسة تفرض علينا دفع كامل الأقساط لتسلمينا بطاقات الترشيح للتقدم إلى الامتحانات نهاية العام».
وطالبت سهام (16 سنة) «أن تجد وزارة التربية حلاً للطلاب الذين يواجهون صعوبات في دفع الاقساط وخصوصاً في المدارس الخاصة، وأن تقوم باستثناء لهم لتقديم الامتحانات الرسمية بحال استمرت الظروف على ما هي عليه».
فيما اشار الطالب الجامعي جهاد (20 سنة) إلى أن «أزمة عدم قدرة طلاب الجامعات على دفع الاقساط منتشرة بين الطلاب، وهذا يأتي مع الشروط الصعبة التي تفرضها الجامعات على الطلاب، التي تشترط دفع كامل المستحقات للتقدم إلى الامتحانات».
تقول ريما شرف الدين، وهي رئيسة جمعية خيرية تربوية، ومديرة مدرسة «تكلمنا مع الأهالي ويقولون أنهم غير قادرون على الدفع، ويدفعون نسبة قليلة من أقساطهم، ولكن هناك مستحقات للأساتذة ومصاريف للمدارس، هنا ماذا نفعل كإدارة؟».
وأضافت شرف الدين «اجتمعنا بالأهالي ولم يلتزم أحد حتى الآن.. نطالب وزارة التربية أن تجد الحلول لهذه الأزمة.. أكثر من 60 في المئة من التلاميذ لا يدفعون أقساطهم».

المصدر : الأناضول

قد يعجبك ايضا