3 خلافات رئيسية بين مصر وإثيوبيا في مشروع الاتفاق الأمريكي حول سدّ النهضة

وهج 24 : قالت مصادر حكومية مصرية إن الولايات المتحدة فشلت حتى الآن في التوصل لاتفاق مرض للقاهرة وأديس أبابا، فيما يخص النقاط الخلافية في مفاوضات سد النهضة.

وتنتظر مصر نص الاتفاق الذى يتم إعداده بالتنسيق بين الولايات المتحدة والبنك الدولي، والمقرر إرساله إلى إثيوبيا والسودان أيضاً، بشأن سد النهضة لبحثه قبل التوقيع النهائي عليه.
وأعلنت الحكومة المصرية أنها لم تتسلم حتى الآن مسودة الاتفاق الذي أعدته الولايات المتحدة، رغم مرور 10 أيام على انتهاء الجولة الأخيرة من المفاوضات برعاية أمريكية التي عقدت يومي 12 و13 فبراير/ شباط الجاري.
وعقدت اللجنة العليا المصرية لمياه النيل اجتماعاً برئاسة مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بهدف استعراض نتائج اجتماعات واشنطن حول سد النهضة.
وأكدت اللجنة على «تطلع مصر للحصول على نص الاتفاق الذى يتم إعداده بالتنسيق بين الولايات المتحدة والبنك الدولي، والمقرر إرساله للدول الثلاث للنظر فيه».
وتوقع مصدر حكومي شارك في مفاوضات سد النهضة الحالية، في تصريحات صحافية أن «الصياغات الحالية من جانب أمريكا لاتفاق نهائي بين مصر وإثيوبيا والسودان حول سد النهضة لن يكون لصالح مصر بنسبة 100%».
وكشفت مصادر شاركت في المفاوضات، أن الاقتراح الذي أعدته الولايات المتحدة يهدف في الأساس إلى تجاوز الخلافات بشأن حصة المياه السنوية التي تصل إلى دولتي المصب في السودان ومصر.
وتتمثل النقطة الخلافية الأولى في حجم المياه التي تمرر لمصر في فترات الملء والجفاف، ففي الوقت الذي تتمسك مصر بـ 40 مليار متر مكعب، تطالب أديس أبابا بخفض الكمية إلى 35 مليار متر مكعب في فترات الملء، و32 مليار متر مكعب في فترات الجفاف، فيما يتضمن الاقتراح الأمريكي أن تكون نسبة المياه التي تستقبلها مصر 37 مليار متر مكعب فقط.
ومن المتوقع أن يكون الاستخدام الفعلي للمياه في مصر أعلى من 55 مليار متر مكعب سنويًا. وبينما تحصل الخرطوم على 18.5 مليار متر مكعب من المياه، فإنها تستهلك فقط من 12 إلى 14 مليار متر مكعب، الأمر الذي ترفضه الخرطوم، حيث أعلن وزير الإعلام السوداني فيصل محمد صالح، نية بلاده التنازل عن جزء من حصته من مياه النيل إلى مصر، مؤكدا أن القاهرة لم تطلب ذلك.
لم يكن هذا هو الخلاف الوحيد، حيث تشترط أديس أبابا للموافقة على تمرير 37 مليار متر مكعب من المياه سنويا، أن تكون هذه الكمية هي الحصة السنوية الدائمة من المياه حتى بعد انتهاء الملء، وهو ما ترفضه مصر التي تحصل على 55 مليار متر مكعب سنويا.
الخلاف الثالث تمثل في ضبط آلية محددة للتنسيق بين مصر والسودان وإثيوبيا في إدارة فترة الملء الأولى، بحيث يتم السماح للقاهرة بالمطالبة باتخاذ التدابير الاستثنائية، بناء على مؤشرات مقياس فيضان النيل الأزرق بدلاً من مؤشرات السد العالي، وهو الأمر الذي ما زالت أديس أبابا ترى أنه سيمنعها من تنفيذ جدول ملء محدود للغاية زمنياً، لا يزيد على 7 سنوات لملء السد بشكل كامل ومستدام، لإنتاج أكبر قدر من الكهرباء والحفاظ على وتيرة الإنتاج في الفترة بين صيف 2021 وخريف 2026.
وترفض مصر أيضا هذا السيناريو، وتتمسك بالقياس على مؤشرات السد العالي في أسوان، ليس فقط للحفاظ على مرونة المنظومة المائية لمواجهة الظروف القاسية التي قد تنشأ عن ملء وتشغيل سد النهضة، بل أيضاً لمنع الخروج المبكر لمساحات زراعية شاسعة من الخطة المحلية لزراعة المحاصيل الاستراتيجية، وخصوصاً أن نصيب مصر الصافي من المياه يقل بنحو 21 مليار متر مكعب في السنة عن حاجتها المثلى، وترفض إثيوبيا هذا الأمر، بحجة أن الحفاظ على منسوب المياه في بحيرة ناصر عند 165 أو 170 متراً قد يؤدي إلى حرمانها من إمكانية الملء لشهور عديدة متتابعة، نظراً لتدني مستوى الفيضان في بعض الأحيان إلى أقل من 30 مليار متر مكعب، وبالتالي ترى أن المحددات لا يمكن أن تقاس بأي مؤشر في دولة المصب.
وكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، قد أدلى أثناء زيارته إلى أديس أبابا قبل 3 أيام بتصريح، قال فيه إن اتفاق سد النهضة بحاجة لمزيد من الوقت لتصفية الخلافات، ما بدا مخالفاً للاتجاه الأمريكي السابق إعلانه هذا الشهر.
وسبق أن قالت مصادر دبلوماسية مصرية إن فكرة تصدي الولايات المتحدة لصياغة الاتفاق كانت مطروحة منذ البداية، على ضوء أن تقتصر على الصياغة فقط، وليس التدخل في المسائل الفنية، لكن الممارسة العملية للمفاوضات أثبتت أنه لا توجد إمكانية للصياغة كعمل فني مستقل عن المسار الفني، ولذلك فإن الولايات المتحدة الآن تلعب دوراً أقرب للوساطة، منه إلى التسهيل والمراقبة.
تحول الولايات المتحدة للعب دور الوسيط أكدته الحكومة السودانية، وقالت إن الجانب الأمريكي تحول في الجولة الأخيرة من مفاوضات سد النهضة، من دور المراقب إلى دور الوسيط بشكل مباشر.
واستمع مجلس الوزراء السوداني، في اجتماعه الدوري الثلاثاء الماضي، برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء، إلى تقرير من وزيري الخارجية أسماء عبد الله، والري ياسر عباس، حول مشاركتهما في مفاوضات سد النهضة في واشنطن بين السودان ومصر وإثيوبيا تحت إشراف وزارة الخزانة الأمريكية.
وقال وزير الإعلام السوداني الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل محمد صالح، في تصريحات عقب الاجتماع، إن الوزيرين أوضحا أن المفاوضات قطعت شوطا كبيرا في الوصول إلى اتفاق واستكمال كثير من الجوانب الفنية المتعلقة بسلامة السد وتبادل المعلومات والبيانات الى جانب الدراسات البيئية.
وأضاف أنه «تم تجميع كل المقترحات من الدول الثلاث، ويعكف الجانب الأمريكي حاليا على صياغة الاتفاقية النهائية التي سيتم عرضها على الدول الثلاث لإبداء ملاحظاتها حولها، مشيرا إلى أنه في حال اتفاق الدول الثلاث سيقام احتفال في واشنطن يحضره رؤساء الدول والحكومات الثلاث للتوقيع على الاتفاقية.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا