بيت لحم التي تعاني آلام “كورونا”.. كيف توفر الطعام للأسر الفقيرة الواقعة تحت “الحجر الصحي”؟

وهج 24 : تعيش مدينة بيت لحم، التي تتواجد فيها معظم الإصابات الفلسطينيةبفيروس “كورونا” أزمة قاسية، طالت جميع مناحي الحياة، وأثرت على سكانها، بعد أن تعطلت غالبية مصالح العمل في داخلها، بسبب إجراءات السلامة، وخارجها حيث لا يتمكن عمالها من الخروج، بعد أن فرض عليها حظر على حركة المغادرة.

وبسبب التزام غالبية أسر المدينة وضواحيها المنازل، وافتقارها لمصدر الدخل، بتوقف رب الأسرة عن العمل، ضاقت الأوضاع الاقتصادية بالسكان بشكل كبير، وهو أمر دفع بالعديد من المحافظات الفلسطينية الأخرى للتدخل من أجل تقديم مساعدات غذائية لسكان هذه المدينة، في مسعى لتخفيف حدة الأزمة.

ويؤكد سكان من مدينة بيت لحم، أن هناك أسرا فقيرة كانت توفر قوتها بشكل يومي من خلال عمل أفرادها، سواء في مهن البناء والتشييد أو في مهن أخرى سواء داخل المدينة أو خارجها، كالعاملين مثلا في إسرائيل، التي فرضت منذ أيام حصارا على المدينة، منعت بموجبه عمال بيت لحم من دخول المناطق الإسرائيلية للعمل.
كما تواجه تلك الأسر التي وضعت في “الحجر المنزلي” ذات المعضلة، حيث هناك مئات الأسر يبلغ عدد أفرادها 3500 شخص، تقيم في الحجر، وفق إجراءات السلامة الاحترازية، بسبب اكتشاف إصابة أحد أفرادها بالمرض، أو مخالطتها مصابين، وهي أسر لا تقدر على التحرك في الخارج، ولا جلب الطعام، ولا حتى العمل بالمطلق.
وطال الأمر أيضا أصحاب المصالح التجارية الصغيرة في بيت لحم، فمثلا مع تردي وضع بعض الأسر اقتصاديا، لعدم توفر العمل، ومع لجوء السكان للإقامة في المنازل، والحد من حركة النزول إلى الشارع بشكل كبير، تأثر أصحاب محال البقالة، والمطاعم الصغيرة أيضا، بفقدانهم الزبائن.

كما تأثرت أيضا بشكل كبير حركة دوران المال في المدينة، فمنذ الإعلان عن حالة الطوارئ التي تستمر لشهر، أغلقت البنوك أبوابها، كما أغلقت بموجب القرار الفنادق وأخلي السياح بشكل كامل، ما أدى أيضا إلى تعطل جميع الأعمال المرتبطة بالسياحة في المدينة، التي كانت تستضيف وفودا سياحية على مدار أيام العام، خاصة وأن فيروس “كورونا” وصل إليها عن طريق أحد الوفود السياحية اليونانية.
وفي المدينة، أوصدت المحال المتخصصة في بيع التحف والهدايا للسياح، والتي تنتشر على مقربة من “كنيسة المهد” مقصد السياح الأول في المدينة أبوابها، كما تعطلت الكثير من المصالح الاقتصادية الأخرى المرتبطة بهذه المهنة، والتي يعمل فيها عدد كبير من أهل المدينة، كما أوصدت الفنادق السياحية أبوابها، بعد مغادرة السياح، وهو أمر أدى لتسريح العاملين فيها.

ومن شأن الوضع الاقتصادي أن يزداد سوءا في بيت لحم مع استمرار الأزمة، خاصة وأن هناك توقعات بارتفاع عدد المصابين بالمرض، وكذلك أعداد من يقيمون في “الحجر المنزلي”.
وبحسب أرقام الجهاز المركزي للإحصاء، فإن عدد سكان محافظة بيت لحم، يبلغ نحو 230 ألف مواطن، يقيمون في المدينة والبلدات التابعة لها، وتشتهر المدينة التي توجد فيها “كنيسة المهد” التي ولد فيها السيد المسيح بالسياحة، فيما يعمل سكان القرى في الزراعة.
ويقول إياد نمر، أحد سكان المدينة وهو ناشط في مجال تقديم خدمات للسكان لـ”القدس العربي”: “العديد من باعة البسطات، وأسر أخرى مصنفة كفقيرة، وحتى من تلك التي يعمل معيلها داخل مناطق 48، جميعها توقفت عن العمل، بجانب العديد من أصحاب المحال الذين يعانون من ضائقة مادية كبيرة”، لافتا إلى ان أي من سكان المدينة، لم يكن قد اتخذ أي احتياطات اقتصادية للمرض، الذي هبط بشكل مفاجئ.

وأشار إلى أن هؤلاء يحتاجون إلى استمرار وصول المساعدات خاصة الغذائية، وتلك المخصصة للمرضى بالفيروس، ومنها المدعمات والفيتامينات، بشكل أكبر مما هو عليه الآن، خاصة وأن الأزمة متوقع أن تدوم لفترة من الزمن، لافتا إلى أنه مع طول الفترة سيزداد العبء الاقتصادي، وسيطال أسرا أخرى من المصنفة ذات الدخل المتوسط.
وخلال الأيام الماضية، وصلت العديد من قوافل المساعدات من عدة مدن فلسطينية، لإسعاف أهالي بيت لحم، تمثلت في طرود غذائية ومساعدات أخرى، كما قدم الرئيس عباس 2500 طرد غذائي للمدينة.
لكن محافظ المدينة كامل حميد، قال إن المساعدات التي تصل إلى المحافظة، والتي توزع حسب الأولويات التي وضعتها لجنة الطوارئ والاسناد بالدرجة الأولى، غير كافية.
ويشير حميد في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا” إلى أن المساعدات تذهب لعائلات المصابين، والعائلات التي تم حجزها في منازلها، وللطواقم الطبية، ولكل الفرق القادمة من خارج المحافظة، وكذلك الذين ينزلون في المؤسسات وغير قادرين على تلقي المساعدات الخارجية أو الدولية، إضافة إلى المركز الوطني للتأهيل وللقائمين والعاملين وكل الطواقم التي تعمل في المحافظة سواء الأمنية أو الطبية أو المعالجين.
وأشار حميد إلى أن المساعدات الطبية، تذهب إلى المراكز الطبية والمركز الوطني والعيادات والمستشفيات والطوارئ، والفرق العاملة وما يحتاجه الأمن وطواقم الميدان ومتابعة الحجر المنزلي، يأتي بعد ذلك العمال الذين فقدوا عملهم في الفنادق والمؤسسات وورش العمل داخل أراضي 48 بالدرجة الأولى، مشيرا إلى أنه في حال تبقى شيء من إمكانيات ستوجه للعائلات الفقيرة والمحتاجة.
وشدد على أن توزيع المساعدات بشتى أنواعها يتم من خلال لجنة مركزية، ولها لجنة إسناد وهناك لجان فرعية في مختلف مناطق المحافظة يصل عددها إلى 10 لجان، بطاقم يصل الى 300 شخص ومتطوع من حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح” والمؤسسات الخيرية والرسمية.

وأشار حميد إلى أنه حسب الاحصائيات، هناك 3500 شخص في الحجز المنزلي، وأكثر من 2000 من رجال الأمن والطواقم الطبية والعاملة في الميدان، مؤكدا أن المساعدات للأسف لا تكفي للجميع، وقال: “وضعنا أولويات في ذلك، ومعظم ما وصل مساعدات طبية أو مواد معقمة أو ملابس وقائية، في هذا الاتجاه المساعدات الغذائية قليلة جدا، وجزء منها طازج يتم توزيعها مباشرة، أما مساعدات الرئيس كانت طرودا غذائية ستساعد كثيرا”.
وأوضح حميد أن هناك 600 منزل فرض عليها الحجر في المحافظة غالبيتها في بيت جالا وبيت لحم، لافتا إلى أن هناك لجنة في بيت جالا تقوم على مدار الساعة بتقديم المساعدات وكذلك بقية اللجان وفق الظروف المحيطة.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا