إسرائيل في زمن “كورونا”… بين مكافحة الفساد وتأجيل محاكمة المفسد
في الأسبوع الماضي أثناء معالجة رئيس الحكومة نتنياهو لأزمة كورونا، قام المقربون منه بفحص كيف نجح سلفه في المنصب، إيهود أولمرت، في تجاوز محاكمتين جنائيتين دون أن يتمكن المصورون من ضبطه وهو يجلس على كرسي الاتهام. أشخاص آخرون مقربون منه جمعوا معلومات عن أسلوب ونمط حياة وقرارات رئيسة طاقم القضاة، رفكا فيلدمان فريدمان، التي قد تستبدل المستشار القانوني افيحاي مندلبليت في وظيفة لوحة التهديف في حقل الرماية. في محادثة مع أحد السياسيين، قال عنها رئيس الحكومة نتنياهو بنظرة تآمرية: “لم يتم انتخابها لهذه الوظيفة بالصدفة”، الأمر الذي يشير إلى أنها هي التي عليها الدور في أن تجبر على السير بمرافقة الحراس.
ثمة شك بأن حملة التشويه ضد القاضية، إذا بدأت، ستجدي شيئاً. فريدمان معروفة في الأوساط القضائية كقاضية نزيهة. وسبق لها وحكمت في السابق على خصمين سياسيين أسطوريين لرئيس الحكومة. فهي التي كانت في موقع رأي الأقلية وقالت إنه يجب أن يفرض على وزير الدفاع السابق ايتسيك مردخاي، عقوبة بالسجن الفعلي بعد إدانته بمخالفات جنسية. وهي التي أدانت أولمرت في قضية تلنسكي ومغلفات الأموال. وسيكون من الصعب أن يتم إلصاقها باليسارية، أو علاقة خفية ومصلحية مع النيابة العامة أو ملاحقة استحواذية لنتنياهو.
ولكن الحقائق الجافة لا تهم نتنياهو كثيراً. ومن أيد بثبات جهاز إنفاذ القانون ومحاربة الفساد عندما جرت التحقيقات والمحاكمات ضد أولمرت، يعتبر النيابة العامة خطراً وجودياً اليوم في محادثات مغلقة. البيان الذي صدر تحت جنح الظلام من قبل وزير العدل أمير أوحانا بشأن وقف المحاكم مدة 24 ساعة، أشار إلى أن المداولات الأولية لمحاكمة نتنياهو يتوقع أن يتم تأجيلها. في صباح اليوم التالي، أعلنت هيئة القضاة عن تأجيل النقاشات إلى أيار المقبل. وسواء جاء إعلان التأجيل بأمر من أوحانا أو أنه بقرار مستقل للقضاة جراء الذعر من كورونا، فهناك شك كبير في أن هذا التأجيل هو في الحقيقة دراماتيكي. لا يوجد هنا أكثر من تأجيل بسيط للنهاية. ربما يستغل نتنياهو وجبة الأوكسجين البسيطة التي تلقاها من أجل تجنيد محامين معروفين. عملياً، رئيس الحكومة غير مزود بطاقم دفاع قانوني له تجربة، إن المحامي الوحيد الذي وقع على الوثائق في الأسابيع الأخيرة هو المحامي عميت حداد، الذي لا يملك القدرة أو التجربة لإدارة الدفاع القانوني المركب الذي تحتاجه ملفات نتنياهو.
“نتنياهو يتصرف منذ أشهر وكأنه لن يمثل أمام المحاكمة”، قال للصحيفة شخص يعرفه جيداً. “هذا الأمر وجد تعبيره الأساسي في أنه لا يجند محامين يجب عليهم أن يدرسوا بدقة ويحللون عشرات آلاف الوثائق”، قال، وأضاف: “لم يأخذ أي متهم من النخبة السياسية المخاطر الكبيرة التي يأخذها رئيس الحكومة على نفسه. قبل الانتخابات اعتقدت أنه يعمل وكأنه واثق من أنه سيجند ائتلافاً يحقق له حصانة على شكل القانون الفرنسي وفقرة الاستقواء، وأنه لن يصل أبداً إلى المحكمة. وهو ليس الوحيد الذي لديه هذا الوهم، حسب اعتقادي”.
قد يكون عدم تجنيده للمحامين هو أكثر ابتذالاً، والسبب: اليد البخيلة. عدم استعداد نتنياهو لأن يدفع من جيبه مقابل خدمات الدفاع عنه هو الذي لا يسمح له بتجنيد محامين مشهورين. ما زال نتنياهو في انتظار لجنة الإعفاءات الخاصة الجديدة التي يديرها مراقب الدولة متنياهو انغلمان، لتمكنه من الحصول على ملايين الدولارات من صديقه الملياردير سبنسر بارتردج، بعد أن رفضت اللجنة السابقة الطلب ثلاث مرات أيضاً لأسباب قيمية وأخلاقية.
قاضي المحكمة العليا مني مزوز، أشار في الأسبوع الماضي إلى لجنة الإعفاءات الجديدة –التي ظهر أنها تنوي جعل الحرام محللاً– بأن يمكن أن تصطدم بصعوبات. مزوز جمد النقاش في هذه القضية الذي كان يجب أن يجري أول أمس. وطلب ردود اللجنة ونتنياهو على الالتماس الذي قدمته حركة جودة الحكم. هذا القرار تسبب برد غاضب من قبل رجال نتنياهو.
من الصعب معرفة إذا ما كانت أزمة كورونا ستتلاشى في أيار، وإذا كانت الحياة ستعود إلى سابق عهدها. ومن الواضح تماماً أن أي قرار تم اتخاذه حتى الآن ويمكن أن يؤثر على محاكمة نتنياهو سيصطدم بشكوك كبيرة. هكذا هو الأمر بالنسبة للقرار الذي اتخذه أوحانا الليلة الماضية، والذي يبدو ظاهرياً معقولاً في ظل الظروف الحالية. ولكن هذا هو الثمن الذي يدفعه المجتمع عندما تكون هناك ثلاث لوائح اتهام موجهة لرئيس الحكومة. وأن أي خطوة من قبله أو من قبل وزرائه، تؤثر على وضعه القانوني بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، يتم النظر إليها كتضارب مصالح قاتل وفاسد.
بقلم: غيدي فايس
هآرتس 16/3/2020