لماذا أصبح “كورونا” أضحوكة الشبكات الاجتماعية في العالم العربي؟

على الشاشة الكبيرة التي عُلقت في استوديو شبكة “الحياة” المصرية تم بث صورة ضيف أخضر، ها هو فيروس كورونا المزين بقرون، جاء لإجراء مقابلة صحافية مع المذيع جابر القرموطي، الذي قدم وجبات من السخرية والضحك في برامج سابقة له، وهو مستعد الآن للإجابة عن الأسئلة القاسية. “جميع المشكلات يلقونها عليّ”، احتج الفيروس. “وماذا عن الأمراض الأخرى؟ كل من يعطس أو يسعل يتهمونه بكورونا”، أجاب على ادعاء أنه يخوف كل العالم. “ربما عليكم الحفاظ على النظافة”، اقترح، “وبدلاً من مناديل القماش التي تستخدمونها يجب عليكم الانتقال إلى استخدام المناديل الورقية؟”.

  لا يكتفي  القرموطي بالمقابلة التي تحولت إلى افتراضية؛ فقد أحضر إلى الاستوديو فرقة موسيقية من الرجال والنساء وغنوا أغنية “احذروا كورونا”. الأغنية تقترح غسل الدين ووضع الكمامات، وتحديداً “احذروا من الشائعات”. والفرقة تكرر اللازمة “احذروا من كورونا”.

في الجزائر نشر أحد المتصفحين، بريك محمد، صورة لجرافة تعِدّ قبراً، وكتب تحتها “هذه هي تجهيزات وزارة الصحة للتعامل مع فيروس كورونا”. فكرة مشابهة نشرت في حساب “تويتر” لشخص من مصر كتب فيها “اكتشاف علاج للفيروس في مصر – التجاهل”. وأيضاً “لا يوجد كورونا في مصر لأنها صدرت الفيروس إلى الصين”. وفي تونس انتشرت نكتة تقول إن الفيروس دخل إلى جسم مواطن وانتحر على الفور بسبب الفقر والأمور المقلقة. وفي المغرب شرح المتصفح إدريس كولي كيف تمنع سلطة الهجرة دخول الفيروس إلى الدولة: “الشرطي قال للزائر: هل أنت مصاب بالكورونا؟ أجاب الزائر: لا. الشرطي: هل تقسم بذلك؟ الزائر: أقسم بالله العظيم. الشرطي: تفضل، أهلاً وسهلاً”.

ولكن هناك من لا يتسلى؛ فعدد من التغريدات في مصر تتهم السخرية من بيانات الحكومة، التي تقول إنها “تسيطر بشكل كامل على الفيروس”، ويقولون إن الساخرين هم السبب الأساسي الذي سميت مصر من أجله “مصدر كورونا” ومنع دخول المصريين إلى الدول العربية. أي أنه إذا كان المواطنون المصريون أنفسهم لا يصدقون بيانات الحكومة، فمن الأفضل أن لا يصدقها أي شخص في العالم.

انتقاد شديد وجه للحكومة بسبب سياسة التعتيم على التقارير المتعلقة بانتشار الفيروس. “كيف تستطيع الحكومة النفي بأن الفيروس ينتشر في الدولة في الوقت الذي نسمع فيه تقارير عن أشخاص مصابين جاؤوا من مصر؟”، كتب أحد المتصفحين. “يظهر أن الفيروس سيكتشف في مصر فقط عندما نرى أن الرئيس السيسي يسعل ويعطس”. وشخص آخر كتب غاضباً: “ليت الفيروس يدخل إلى البرلمان ويقضي عليهم جميعاً”.

في العراق أيضاً أصبح الفيروس منصة لانتقاد شديد يوجه للحكومة ولعجزها على علاج المرض ومنعه. “الفيروس يرفض الدخول إلى العراق بسبب الوضع الصحي المتردي فيه” كتب في تغريدة. “لدينا أمراض أخرى لا علاج لها مثل سرقونا، باعونا، خطفونا، أذلونا، اعتقلونا”.

 فسر الإخصائيون النفسيون في وسائل الإعلام العربية أن هذه الردود طريقة جيدة للتغلب على الإحباط والعجز، بالذات في فترة لا توجد فيها أي وسائل أخرى للتخفف منها مثل المظاهرات. فالسلطات في مصر ولبنان والعراق وإيران، التي اندلعت فيها هذه السنة مظاهرات صاخبة احتجاجاً على الوضع الاقتصادي الصعب، يمكن على الأقل أن تكون راضية من حقيقة أن قوات أمنها تنشغل الآن في الإشراف على عزل المواطنين وإغلاق الحدود وليس قمع المظاهرات. هكذا، اتحولت لشبكات الاجتماعية إلى الجسور الوحيدة التي بقيت للمواطنين في الدول العربية، الذين أصبحوا محبوسين في دولهم: السعودية ألغت جميع رحلات الطيران إلى الخارج. ودول الخليج تسير في أعقابها. وتركيا لا تسمح بدخول مواطنين أجانب من عدد آخذ في التزايد من الدول. ولمصر سياسة غير مستقرة فيما يتعلق بالزوار. فمن جهة تخشى من انهيار السياحة، ومن أخرى تدرك أهمية إغلاق الحدود من أجل تقليص انتشار الفيروس.

إزاء سياسة الغموض في الدول العربية وفي ظل غياب توجيه منظم للمواطنين، تحولت الشبكات الاجتماعية إلى ساحة إرشاد، يصبح فيها كل متصفح خبيراً، وكل شائعة تصبح حقيقة. اقتراحات لاستخدام الثوم والخردل كعلاج اعتبرت تعليمات طبية موثوقة. في موقع ما نشر “بروتوكول” موثوق يوضح من يمكن أن يصاب بالمرض ومن لا، يستند إلى دولاب الأبراج ويقول إن برج الثور هو نفسه كورونا وهو قادر على محاربة أي فيروس. ومثله برج العقرب الذي يهاجم الفيروس بالضربة القاضية من الخلف. وبرج الدلو يتجاهل دائماً. ومن الأفضل عدم مصافحة أبناء برج الجدي لأن هناك خطراً حقيقياً يحدق بهم.

من تجاهل التعليمات أو لم ينجح في التحقق من برج الشخص الذي صافحه، يمكنه أن يجد قائمة طويلة من الأعشاب العلاجية التي نشرها موقع “البوابة” في زاوية الصحة. في هذه الزاوية يوصون باستخدام، إضافة إلى الثوم، الكركم والزنجبيل واليانسون والفلفل الحار.

بقلم: تسفي برئيل

هآرتس 16/3/2020

قد يعجبك ايضا