زعيم المصالحة ورأب الصدع العربي.. الكويت تودع أميرها ورافع علمها في الأمم المتحدة

وهج 24 : عن عمر تجاوز 91 عاما، توفي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الأمير الخامس عشر لدولة الكويت، الثلاثاء، عقب فترة حكم تجاوزت 14 عاما، بات خلالها “وسط الخير” في منطقة تموج بالصراعات السياسية.

ووفق الديوان الأميري الكويتي، وافت الأمير المنية في الولايات المتحدة، اليوم، حيث كان يتلقى العلاج.
وأثمرت قيادة صباح الأحمد الجابر للكويت، منذ يناير/كانون الثاني 2006، عن خلق دبلوماسية متزنة وعاقلة في المنطقة، طالما سعت للسلام والعمل الإنساني ورأب الصدع في علاقات الدول العربية، أبرزها لعب دور الوساطة في الأزمة الخليجية قبل أكثر من 3 سنوات.
وفي عام 2014، منحت الأمم المتحدة أمير الكويت لقب “قائد للعمل الإنساني”، لجهوده في مجالات العمل الخيري والدعم الإنساني والإغاثة في مختلف أنحاء العالم.
كما بات الأمير الراحل، منذ صيف 2017، زعيما لدبلوماسية السلام بين الرباعي العربي وقطر للخروج من نفق الأزمة الخليجية.
كما حَمل الأمير الراحل ألقابًا عديدة طوال مسيرة حكمه للكويت، أبرزها “أمير الإنسانية” و”رجل السلام” و”زعيم المصالحة” على المستويين العربي والدولي.
ووفق معلومات بعضها أوردته وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، ترصد الأناضول أبرز مراحل حياة الشيخ صباح الأحمد كالتالي:

** مسيرة حافلة

ولد أمير الكويت الراحل في محافظة الجهراء شمالي غرب العاصمة، في 16 يونيو/حزيران 1929، وهو أمير البلاد الخامس عشر، والابن الرابع لأمير دولة الكويت العاشر الشيخ أحمد الجابر الصباح.
في عام 1954، عُين صباح الأحمد الجابر عضوا في اللجنة التنفيذية العليا وهي معنية بمهمة تنظيم مصالح ودوائر الحكومة ومتابعة خططها، وكان آنذاك لم يبلغ الـ25 عاما، ثم تدرج بعد ذلك في تولي المناصب الحكومية.
وفي عام 1960، عُين عضوا بالمجلس الأعلى الذي كان بمثابة مجلس وزاري يدير أعمال الحكومة، وكان عضوا في المجلس التأسيسي لوضع دستور الكويت أيضا.
ومع صدور دستور 1962، تولى الشيخ صباح الأحمد عدة حقائب وزارية أبرزها “الإرشاد” و”الإعلام”، وشغل منصب نائب رئيس الوزراء في مارس/ آذار 1981 وحتى 9 فبراير/شباط 1982.
كما عين رئيسا لوفد الكويت لدى الأمم المتحدة والجامعة العربية، قبل أن يتولى عام 1963 حقيبة وزارة الخارجية، التي ظلت بحوزته حتى عام 1991.
وفي يوليو/ تموز 2003 صار صباح الأحمد رئيسا لمجلس الوزراء الكويتي، قبل أن يتولى مقاليد الحكم في البلاد في يناير/ كانون الثاني 2006، بعد مبايعة أعضاء مجلس الأمة له بالإجماع، خلفا لسعد العبد الله السالم الصباح الذي تنازل عن الحكم بسبب أحواله الصحية.

** أدوار بارزة

رفع صباح الأحمد علم الكويت فوق مبنى الأمم المتحدة بعد قبولھا عضوا فيها في 14 مايو/أيار 1963.
وسعى إلى لم شمل الأشقاء وحل الخلافات العربية العربية، عندما شارك في الستينيات من القرن المنصرم في اللقاء الذي نظمته الأحزاب المتصارعة في اليمن مع ممثلي مصر والسعودية لوضع حد للحرب الأھلية اليمنية.
وعندما تدھورت العلاقات حينھا بين اليمنين (الجنوبي والشمالي) قام أمير الكويت الراحل بزيارة إليھما في أكتوبر/تشرين أول 1972، إذ أثمرت جهوده آنذاك عن توقيع اتفاقية سلام بينھما.
وفي عام 1968، أسهمت الخارجية الكويتية تحت قيادته بجهود وساطة لحل قضية المطالبة الإيرانية بالبحرين وانتهت باستقلال البحرين عام 1971.

وعقب ذلك بعام واحد، بذل جهودا للوساطة من أجل الوصول إلى حل للنزاع الحدودي بين العراق وإيران.
وفي عام 1970، شارك في جهود تسوية الصراع المسلح الذي اندلع بين الجيش الأردني وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية، كما سعى في عام 1971 إلى حل النزاع بين باكستان وإقليم البنغال.
كما أسفرت جهوده من عام 1980 إلى 1984 عن توقيع سلطنة عمان واليمن اتفاقية خاصة بإعلان المبادئ، لإنهاء حرب إعلامية وإقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين.
وفي 1988، اختارته جامعة الدول العربية ليترأس اللجنة السداسية لتحقيق التوافق للأطراف المتنازعة في الحرب اللبنانية الأهلية.
وفي 1990، وقف العالم مناصرا لحق الكويت مقابل عدوان العراق فيما عرف بـ”حرب الخليج الثانية”، وصدر قرار مجلس الأمن في نوفمبر/تشرين الثاني من العام ذاته باستخدام جميع الوسائل بما فيھا العسكرية ضد العراق ما لم يسحب قواته من الكويت.
وفي يونيو/ حزيران 2019، قام الأمير الراحل بزيارة رسمية إلى العراق، كانت هي الأولى من نوعھا إلى بغداد منذ 29 عاما، ودشن خلالها عھدا جديدا في مسيرة العلاقات على مختلف المستويات بين البلدين.
وفي السنوات الأخيرة، برز دور الشيخ صباح الأحمد، في وساطة مجلس التعاون الخليجي، وكان دائم الحديث عن أهمية تغليب وحدة الصف الخليجي.
كما استضافت بلاده المؤتمر الدولي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا لثلاث دورات متتالية، وأعلنت عن تبرع مئات الملايين لإغاثة اللاجئين السوريين في دول الجوار السوري.

** أوسمة رفيعة

حصل الشيخ صباح الأحمد على أوسمة رفيعة عالميا، أبرزها في مارس/آذار 2017، بتقليده “وسام الدولة” وهو أرفع وسام في تركيا.
وفي عام 2014 كرمت الأمم المتحدة أمير الكويت الراحل في احتفالية رعاها بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة آنذاك، تقديرا لجهوده الإنسانية، وسماه “قائد العمل الإنساني”.
ووفق خبراء ومراقبين، حافظت الكويت في عهد الشيخ صباح الأحمد على مبدأ الحياد ودعم المبادرات الإنسانية في حل الأزمات في اليمن وسوريا والعراق وليبيا وفلسطين، كما دعمت المسلمين في مناطق كثيرة في العالم أبرزهم مسلمي الروهينجيا في ميانمار.

** ختام المسيرة

في غضون نحو عام، أعلن الديوان الأميري الكويتي دخول الشيخ صباح الأحمد المستشفى لإجراء فحوصات طبية، ثم سافر إلى الولايات المتحدة للغرض ذاته.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعلن الديوان الأميري وصول صباح الأحمد الجابر أرض بلاده بصحة جيدة بعد رحلة العلاج في الولايات المتحدة.
وفي يوليو/ تموز 2020، دخل أمير الكويت الراحل مستشفى في الولايات المتحدة، لإجراء بعض الفحوصات الطبية، قبل أن توافيه المنية اليوم.

المصدر : (الأناضول)

قد يعجبك ايضا