العلاقة الإسلامية والمسيحية ووحدة المصير

أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي….

 

إن القرآن الكريم معجزة علم بكل شيئ لذلك لا يوجد فيه ترادف في الكلمات والأسماء، فلا يجوز أن نخلط بين إسم (بني إسرائيل) وبين إسم (اليهود)، لأن الله سبحانه وتعالى ميز بينهما في القرآن الكريم،فيما بني آدم نداء في القرآن الكريم يشمل جميع بني آدم ومنهم بني إسرائيل وذكر خمس مرات، فلماذا خصمهم بالنداء؟!! وإذا كان إسرائيل هو سيدنا يعقوب عليه السلام كما يقولون، فلماذا لم يقل سبحانه وتعالى يا بني يعقوب أو يا بني إبراهيم ؟! فيندرج تحته كل بني إسرائيل نتيجة!!! وذكرت يا بني إسرائيل في القرآن الكريم 6 مرات للعلم فقط، قال تعالى في سورة المائدة آيه 78(لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى إبن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) صدق الله العظيم…

وهنا نريد أن نوضح العلاقة التاريخية بين المسلمين والمسيحيين عبر التاريخ، ونظهر اليهود الذين كانوا بين الفينة والأخرى يقومون بمحاولة تعكير صفوها، مستخدمين كل الوسائل والخطط الخبيثة والأكاذيب والخزعبلات والنبوءات المزورة والفتن والحروب ليظهروا للمسيحيين في العالم وبالذات في العالم العربي والإسلامي بأنهم الأقرب لهم من ناحية دينية وعقائدية من المسلمين، وبأن المسيحيين مدينون لهم بالكثير، وقد تأثر الكثير من المسيحيين الغربيين قديما وحديثا بمعتقدات هؤلاء المرضى النفسيين ونبؤاتهم المدبلجة في توراتهم المزورة بأيديهم المجرمة وحسب أهوائهم ومصالحهم وأحلامهم الهستيرية والكاذبة، ومن هؤلاء ( آرثر بلفور صاحب الوعد المشؤوم الذي أعطاه لليهود وبتأييد بريطانيا العظمى قديما لإقامة وطن لليهود في فلسطين تحت عنوان ومقولة (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض) وهذه أكاذيب لتنفيذ أحلامهم الهستيرية، وهذا يؤكد بأن آرثر بلفور كان نتاج مدرسة وثمرة منهج وحصيلة تراث طويل مزور، أعد له ذاك الجيل منذ بداية حياته إلى أن وصل إلى ذلك المنصب في بريطانيا، الأمر الذي سمح له بتحقيق ما يطمح له ولمدربيه اليهود الذين زرعوا فيه عقيدة مزورة ونبوءات مفبركة، وهو إنقاذ أرض الميعاد فلسطين من حكم العرب والمسلمين، فكان موقفه من إعطاء ذلك الوعد المشؤوم لليهود موقف ديني مزور وليس سياسي وذلك بحكم أن الإنجليز وإمبراطوريتهم كانوا يحكمون العالم ويتحكمون به…
وتقول إبنة أخيه ومؤرخة حياته دوجريل (لقد تأثر عمي آرثر منذ نعومة أظفاره بدراسة التوراة في الكنائس، وكلما إشتد عوده زاد إعجابه بالفلسفة اليهودية، وكان دائما يتحدث بإهتمام وبفخر عن ذلك، ولا زلت أذكر أنني في طفولتي إقتبست منه الفكرة بأن الدين المسيحي والحضارة المسيحية مدينة بالشيئ الكثير لليهودية، وأن ذلك الدين قد سدد في أبشع صوره)….

ولو نظرنا وعبر التاريخ لوجدنا بأن حكام الغرب والمسيحيين بشكل عام في أوروبا عامة وبريطانيا خاصة وفي أمريكا حاليا لوجدنا بأن الصهاينة اليهود كانوا يسيطرون على أفكارهم وعلى كنائسهم وبشكل كامل حتى أنسوهم الدين المسيحي الحقيقي وما زالوا يسيطرون عليهم للأسف الشديد، لذلك كان هناك وما زال مؤثرات خفية تسيطر على صانعي القرار في السياسة الأوروبية والأمريكية لأن مسيحيتهم لوثت بمعتقدات وأكاذيب ونبوءات اليهود الصهاينة….

وعبر التاريخ أيضا إستطاع اليهود الصهاينة بأن ينشروا فكرهم المريض على بعض القبائل والعشائر العربية والذين أوصلتهم بريطانيا إلى حكم الشعوب العربية والإسلامية في الإستعمار القديم، فحملوا نفس أفكار فكرهم اليهودي الصهيوني الكاذب فتمت السيطرة عليهم وعلى خيراتهم وحتى على صياغة السياسة العربية والإسلامية لأنهم أكثر غباءا من شعوب الأمة كاملة ومن حكامها الذين يعرفون حقيقة اليهود ونبوءاتهم المزورة، وكان هؤلاء الحكام قديما وأبنائهم وأحفادهم حاليا أكثر جهلا بأمور الدين الإسلامي فكان من السهل على اليهود الصهاينة من إدخال أفكار يهودية صهيونية وهابية دخيلة على الدين الإسلامي والسنة النبوية الشريفة لتكون بديلا عن الإسلام والسنة الالهية المحمدية الحقيقية، فطبق هؤلاء الحكام العرب فكر اليهود الصهاينة التلمودي الوهابي معتقدين أنه الإسلام الحقيقي والسنة الحقيقية، وهما منهم براء، قال تعالى لهؤلاء وأمثالهم التائهين والمتصهينين والذين ينفذون مشاريع اليهود الصهاينة وحكام أمريكا وأوروبا المتصهينين في منطقتنا وفي العالم ( يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين) المائدة 51 صدق الله العظيم…لذلك قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن زماننا هذا ( بأن صفوة خلق الله في بلاد الشام) وبالذات في المجالات الدينية والسياسية والعسكرية…وغيرها…

أما عن مدى العلاقة التاريخية بين المسلمين والمسيحيين والتي يعلمها الصهاينة جيدا فهناك الكثير منها شواهدها، فسيدنا عيسى عليه السلام هو من بشر برسول يأتي من بعده إسمه أحمد أي بشر بقدوم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وأن البشارة الأخرى إلى قدوم الإسلام ونبيه محمد عليه الصلاة والسلام جاءت على لسان راهب نصراني كبير كان يحمل المسيحية الحقيقية التي جاء بها عيسى عليه السلام لذلك كان محارب من قبل اليهود، حينما إستدعى الراهب بحيرة أبا طالب عم الرسول وأوصاه بإبن أخيه محمد عليه الصلاة والسلام وحذره من مكر اليهود به لأنهم إن كشفوا أمره فسيقتلوه، وتواصلت العلاقات بين المسلمين والمسيحيين بعد النبوة لدرجة أن الرسول عليه الصلاة والسلام إختار ملكا نصرانيا عادلا في الحبشة لا يظلم عنده أحد ليلجأ إليه أصحابه من ظلم الجهلة وعذابهم، ولا ننسى ما أوصى به الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه إذا فتحوا مصر بأن يكون الأقباط في ذمتهم كباقي المسيحيين والنصارى، وتواصلت العلاقات والتعاون بين أتباع الديانتين على مدار التاريخ وتعايش المسلمون والمسيحيون في العالم العربي والإسلامي بالإخوة والحب والإحترام والتعاون المشترك والمتبادل منذ وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى يومنا الحالي وستبقى بإذن الله تعالى مهما حاول اليهود الصهاينة ومن حمل فكرهم من المسيحيين الغربيين ومن حمل الفكر الوهابي الصهيوني من حكام العرب والمسلمين وقواعدهم ودواعشهم من أن يشوهوا تلك العلاقة الإلهية النبوي التاريخية ويتلاعبوا بها ظنا منهم أن يهجروا المسيحيين من الدول العربية والإسلامية إلى الغرب الجاهل والمتخلف والعنصري والذي لا يخاف الله ولا يتبع رسالته المسيحية الحقيقية…
قال تعالى في سورة المائدة 82 ( لتجدن أشد الناس عداوة للذين ءامنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين ءامنوا الذين قالوا إنا نصارى، ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون) صدق الله العظيم…

وما يجري في منطقتنا الآن هو تطبيق للفكر اليهودي الصهيوني العالمي المجرم عبر أدواته المختلفة وهذه حقيقة مهمة يجب أن لا تنساها شعوب العالم العرب والعجم مسلمين مسيحيين، فعلاقة الغرب المتصهين وأسلوبه الذي إنتهجه وعبر التاريخ كان ضد العرب والمسلمين على السواء، وما يجري في دولنا وفي العالم – من قبل العصابات والقتلة المأجورين والمجندين من قبل حكام الغرب وبعض حكام العرب والمسلمين التبع والحاملين لفكر اليهود الصهاينة-الصهاينة – وما إرتكبوه من جرائم وقتل ومجازر وتدمير للمساجد والكنائس والمقامات وغيرها هو دليل على فكرهم المشترك والموحد….

لذلك يجب العمل على القضاء على فكر الصهاينة وتبعهم وتخليص شعوب الأمة العربية والإسلامية والعالم من ذلك الفكر المجرم والقاتل لكل معاني الإنسانية، لأن هؤلاء أي أتباع الصهيونية العالمية في الغرب والشرق والشمال والجنوب يشكلون وحسب دراسة صهيونية ما نسبته 45 بالمئة من سكان العالم وهذه نسبة ليست بسيطة ويجب أن لا يستهان بها وقد كانت تزداد إلى أن كشفت أكاذيبهم المزورة أمام العالم أجمع، ومحاولات إيقاع الفتن في منطقتنا بين المسلمين والمسيحيين هي إسقاطات مرت كثيرا على الأمة العربية والإسلامية وعبر التاريخ كانت وما زالت بتدبير مدبر يستهدف مصلحة اليهود وأتباع فكرهم التلمودي الصهيوني على حساب الطرفين، حتى لو أباد الطرفين مسلمين ومسيحيين بعضهم البعض لتنفيذ مخططات فكرهم ومعتقداتهم المزورة وآمالهم وأحلامهم الكبيرة بحكم الأرض وما عليها لأنهم وحسب معتقداتهم شعب الله المختار…
حيث قال أحد الشعراء…
أمن السياسة أن يقتل بعضنا
بعضا ليدرك غيرنا الآمالا ؟؟؟

ومن آمالهم الآنية التي ما زالوا يعملون على تحقيقها وضمن عدة مسارات، مسار عسكري مستغلين الجيوش الأمريكية والأوروبية وبعض الجيوش العربية والإسلامية وبعض شباب أمتنا المغسولة أدمغتهم بفكرهم الوهابي الصهيوني ليكونوا جميعا وقودا لتنفيذ آمالهم في منطقتنا وفي العالم أجمع، ومسار سياسي وإعلامي يقوم به حكام أمريكا كترامب وحكام أوروبا وبعض حكام العرب والمسلمين وقنواتهم الإعلامية الكاذبة والمروجه والناشره لكل ما تخطط له الصهيونية العالمية لتحقيق عدة أهداف…
1- بقاء دول الأمة – وبالذات الممانعة والمقاومة والمناهضة لفكرهم-لفكرهم – مفتتة يتم نخرها من الداخل لإضعافها عبر المؤارضات الخارجية المعينة من قبلهم لإسقاط الأنظمة والدول وتدمير الجيوش وإلهائها عن العدو الرئيسي المحتل للأرض والإنسان والمقدسات وهم الكيان الصهيوني ليكونوا هم أسياد المنطقة…
2- العمل ليلا ونهارا لعمل إتفاقيات سلام كما يصفونها مع معظم دول المنطقة العربية والإسلامية وبضغط حكام أمريكا وبعض حكام العرب والمسلمين بالترغيب والترهيب ليزينوا صورتهم أمام شعوب العالم بأنهم أهل السلام ودول محور المقاومة هم أعداء السلام يزينوا الباطل ليصبح الحق بأعين الناس ولا تسير مخططاتهم إلا على الأغبياء والجهلة والمنتفعين بالمناصب والمال …وغيره من تلك الدول أتباع فكر اليهودية الصهيونية العالمية …
3- عدم عودة اللأجئين الفلسطينين إلى فلسطين وتوطينهم في البلدان التي يقيمون فيها وتهويد فلسطين كاملة مناطق 48 و67…
4- هدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم وبدأ ذلك الأمر قبل عدة سنوات بالحفر تحت المسجد الأقصى لبناء أساسات الهيكل الأرضية وأيضا الخطط الجاهزة لبناء مدرسة نورانية تلمودية في باحات المسجد الأقصى…
5- نشر فكرهم الضال والمضل والقاتل للعقل البشري والإنسانية جمعاء على شعوب المنطقة برمتها بعد تشويه صورة الإسلام والمسيحيية أمام أتباع الديانتين كما يروج ماكرون وترامب الآن…
6- التوسع بعد سيطرتهم على المنطقة كاملة وشعوبها وقادتها ودولها وجيوشها المغلوب على أمرهم وإستخدامهم أدوات لمخططاتهم والسيطرة على دول إقليمية وعالمية وبإتباع نفس الفكر والفتن الدينية والطائفية …وغيرها بحجة أنهم أبناء عمومتنا كعرب ويهود وأبناء وأحفاد إبراهيم وبأن المسيحيين لا ينتمون لنا وبذلك يسيطرون على الأرض وما عليها لا سمح الله ولا قدر….

ولكي ندرك أكثر بما يجري وخطورة ذلك الفكر نشير أن لدى الصهيونية العالمية واتباعها في الغرب والشرق والشمال والجنوب وحسب دراساتهم أكثر من 250 ألف مبشر وناشر لفكرهم اليهودي التلمودي الصهيوني، وعظاتهم ترتكز على معتقدات اليهود الصهاينة وخزعبلاتهم وآمالهم وأحلامهم وأكاذيبهم على أبناء وأحفاد سيدنا إبراهيم….وغيرهم…
وأيضا لهم أكثر من 500 قناة إعلامية موزعة في العالم أجمع في أمريكا وأوروبا وفي دولنا العربية والإسلامية السياسية والدينية والإقتصادية …وغيرها من القنوات الأخرى التي تثير الفتن بين المسلمين أنفسهم وبين المسلمين والمسيحيين وبين المسيحيين أنفسهم أيضا….

لذلك أرجو لكم الصحوة الصحوة والوحدة الوحدة أكثر مما مضى يا أمة العروبة والإسلام بمسلميها ومسيحييها في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم لأن هذه الحرب والمؤامرة على الجميع وبتحريض وتخطيط صهيوني عالمي مع أتباعهم بالفكر من أبناء المسلمين والمسيحيين وعلى كافة المستويات حكام وعلماء دين وفكر وأحزاب ومستقلين وجهلة من العصابات المسلحة وغيرهم، ولتأخذوا أكبر إثبات على وحدة المصير الإسلامي والمسيحي من أبناء فلسطين المحتلة والجولان العربي السوري المحتل وما يتعرضون له من إذلال وسجن وقتل ممنهج لدفاعهم عن مساجدهم وكنائسهم وأراضيهم المحتلة وبذلك الإثبات تتضح الصورة كاملة على هذا الكيان الصهيوني بأنه أداة تم زرعه في منطقتنا للتثبيت وللتنفيذ والتوسع والسيطرة لمخططات الصهيونية العالمية في فلسطين والمنطقة والعالم ولو آبادوا كل المسلمين والمسيحيين، لذلك يجب خلع هذا الزرع نهائيا من أراضينا المحتلة لأنه زرعا متعفن مسموم وسام مليئ بالديدان القاتلة للإنسانية جمعاء، وكما قال السيد المسيح في إنجيل يوحنا 22/4 ( إن الخلاص هو من اليهود )، ولا ننسى مقولة الممثل البابوي في بطريركية الروم الكاثوليك وأخذ نشره منه وهو عدد خاص بحرب تشرين التحريرية عام (1973) صفحة (44) دمشق كانون الثاني (1974) حيث قال ( عندما يغادر العرب والمسلمين القدس ترحل المسيحية في ركابهم)،
وأقول للمسيحيين وللمسلمين عربا وعجما كما قال لهم خالقهم الله سبحانه وتعالى للمسيحيين في المائدة 77 (قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل) صدق الله العظيم….
وقال تعالى للمسلمين عربا وعجما في المائدة 57 ( يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا الذين إتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء وإتقوا الله إن كنتم مؤمنين) صدق الله العظيم….

فالعلاقة الإسلامية والمسيحية يجب أن تكون علاقة وحدة مصير وصراع دائم مع اليهود الصهاينة وفكر الصهيونية العالمية وأتباعها من أبنائهم وأبنائنا حملة فكرهم الصهيوني، لأنه صراع وجود وحدود وبقاء على هذه الأرض المباركة لنشر رسالة الله على كل عباده وهي رسالة الإنسانية والمحبة والسلام الحقيقي وعمارة الأرض المباركة كما أمرنا خالقنا وبما يرضيه عنا…

الكاتب والباحث والمحلل السياسي…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي….

قد يعجبك ايضا