ميدل إيست آي: وثائق بريطانية تصف مبارك بالفرعون وتكشف تعاونا معه ضد المعارضين المصريين في لندن

وهج نيوز : نشر موقع “ميدل إيست آي” في لندن تقريرا أعده ريتشارد تايلور-نورتون استعرض فيه بعض ما أظهرته الوثائق التي كشف عنها الأرشيف البريطاني وما كتبه المسؤولون البريطانيون من تعليقات وانطباعات عن أحداث الشرق وزعمائه.

وكشفت الوثائق التي يعود بعضها إلى سنوات التسعينيات من القرن الماضي أن المسؤولين البريطانيين وافقوا على مشاركة المخابرات المصرية بما لديهم من معلومات عن المعارضة المصرية. ففي إرسالية بعث بها السفير البريطاني في القاهرة وكانت جزءا من وثائق سرية وصف فيها الرئيس السابق حسني مبارك بـ “الفرعون” الذي أحاط نفسه بأشخاص “لحمايته من الأخبار السيئة أو النصيحة غير المرغوب بها”.

وجاء فيها أن الرئيس هو محل “للتودد والمداهنة” و”لم يعد لديه أفكار جديدة” في وقت “تنحرف فيه الناقلة المصرية العملاقة”.

وصف الرئيس المصري بالرجل الذي يجلس على السياج ويخشى من الثمن السياسي والاجتماعي لإعادة تشكيل البلد

ووصف السفير ديفيد بلاثرويك في تقريره الدبلوماسي إلى وزير الخارجية دوغلاس هيرد وأرسله عام 1995 الرئيس المصري بالرجل الذي يجلس على السياج “ويخشى من الثمن السياسي والاجتماعي لإعادة تشكيل بلد ترتفع فيه معدلات البطالة وأصبح فيه عدم توفر فرص العمل حالة طبيعية” و”مع أن حدسه يقوده نحو حرية التعبير والديمقراطية إلا أن الواقع هو السيطرة الأبوية والتحكم بالتأثير والرعاية التي يمارسها حزب الحكومة”.

وأخبر السفير هيرد أن “المعارضة الحقيقية تأتي من الإسلاميين”. وأضاف أن الدعم لهم نابع من “عدم الرضا الاقتصادي ورفض القطط السمان والفساد (الذي أصاب الحكومة وعائلة مبارك) وعدم الموافقة على علاقات مبارك مع إسرائيل واعتماده على الولايات المتحدة”.

وجاء فيها أن الدعم للإسلاميين يعكس “المشاعر الدينية الحقيقية والاعتقاد بأن الاشتراكية والرأسمالية فشلتا في مصر”. وتكشف الوثائق عن شكوى مبارك الدائمة من وجود “المعارضة المصرية” في بريطانيا.

وقالت السفارة إن حبيب العادلي وزير الداخلية وقع في أثناء زيارة للندن عام 1997 اتفاقا للتشارك في المعلومات ومراقبة “المعارضين” في بريطانيا. ولكن المسؤولين البريطانيين أخبروه أنهم بحاجة لمعلومات لأن “المزاعم الإعلامية لا ترضي محاكمنا”.

ورغم مواقفهم الخاصة من مبارك إلا أن المسؤولين البريطانيين كانوا راغبين ببناء علاقات قوية معه. وأرسلت السفارة البريطانية في القاهرة تقريرا للندن في 1997 جاء فيه: “نريد بناء علاقات مع مبارك ليس لأهمية مصر للعملية السلمية ولكن لتقوية العلاقات الاقتصادية والدفاعية النامية ومناخ جيد عملنا جهدنا على خلقه في المشكلة العالقة وهي مسألة المتطرفين المصريين في بريطانيا”.

وكشفت الوثائق عن مواقف مبارك من معمر القذافي بأنه “متقلب ولا يمكن التكهن به وحاجز ضد الأصولية الإسلامية في أفريقيا”. وأظهرت الوثائق أيضا محاولة الحكومة البريطانية تشجيع الصادرات البريطانية للعقيد القذافي حتى قبل تسوية التعويضات في قضية تفجير لوكربي 1988 ومقتل الشرطية إيفون فليتشر عام 1984. وتشير الوثائق إلى أن محاولة تعزيز المصالح التجارية مع ليبيا ضد المنافسين الآخرين خاصة الشركات الفرنسية ظلت موضوعا حاضرا في علاقات بريطانيا مع الدول العربية.

كشفت الوثائق عن مواقف مبارك من معمر القذافي بأنه “متقلب ولا يمكن التكهن به وحاجز ضد الأصولية الإسلامية في أفريقيا”

وكتب مستشار لدوغلاس هيرد وزير خارجية جون ميجر في 1995: “تظل علامة الصادرات البريطانية إلى ليبيا قوية بشكل نسبي”. وحذر من خطط الأمم المتحدة بناء على مقترح أمريكي توسيع العقوبات على ليبيا لكي تشمل المعدات الضرورية لإنتاج النفط: “ستترك أثرها على الصادرات البريطانية لليبيا والتي وصلت قيمتها إلى 240 مليون جنيه إسترليني تقريبا منها 100 مليون جنيه مرتبطة بالقطاع النفطي”.

ولاحظ المسؤول ديكي ستاغ أن فرنسا من المحتمل معارضتها لخطة الولايات المتحدة. ولاحظ جون سويرز الذي كان شخصية صاعدة في الخارجية وسيصبح مديرا لوكالة الاستخبارات الخارجية أم أي 6 أن خطة الولايات ستفشل وستؤدي إلى “شق الصف الغربي بشكل سيمنح القذافي راحة”. وأخبر ستاغ إداورد أوكدين مستشار رئيس الوزراء أن أي تحسين للعلاقات الرسمية مع ليبيا يعتمد على قرار يتعلق بالقضايا الرئيسية “ولا يوجد أي سبب يدعو إلى منع الشركات البريطانية من البحث عن فرص في ليبيا”. وكان هذا بداية عام 1995 حيث لم تتلق عائلة فليتشر تعويضات، وحصلت عليها عام 1999 عندما اعترف القذافي بدور في الحادث الذي قتل الشرطية من طلقة أطلقت من نافذة السفارة الليبية في لندن. ولم يتم التوصل لاتفاق مع القذافي لتعويض عائلات لوكربي بـ 2.3 مليار دولار إلا في 2003. وبعد التوصل للاتفاق وافق القذافي على التخلي عن برنامجه النووي والكيماوي حيث سارع توني بلير لعقد اتفاقيات تجارية وبداية برنامج سي آي إيه لنقل المعتقلين إلى ليبيا حيث تم تعذيب المعارضين في سجونه.

وبدت تقارير مسؤولي وزارة الخارجية مشجعة عن انقلاب أمير قطر عام 1995 وذلك عندما أطاح ولي العهد حمد بن خليفة بوالده خليفة بن حمد آل ثاني. وفي مذكرة أرسلت إلى مكتب جون ميجر: “هناك مكاسب ممكنة من التحرك سريعا والظهور بمظهر الصديق: هناك منظور جيد لحزمة مبيعات دفاعية وفرص تجارية أخرى واعدة لأن قطر لديها احتياطات غاز هائلة”. وسافر وزير الدفاع مايكل بورتيللو إلى قطر من أجل ما وصفته الخارجية “الحفاظ على موطئ قدم ضد فرنسا”. ووقعت بريطانيا لاحقا صفقة سلاح بـ 600 مليون جنيه إسترليني بما فيها سيارات بيرانها المصفحة وصواريخ ستار بيرست، أرض- جو، ومقاتلات هوك. وتحدث المسؤولون البريطانيون برضا عن دراسة نجل الأمير في كلية ساندهيرست العسكرية.

وكذا عن نجل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي كان يدرس في نفس الكلية وتحدث المسؤولون البريطانيون عن “فوائد تجارية ممكنة لبريطانيا”، مثل منطقة التجارة الحرة في عدن وتطويرها ولكنهم حذروا “من منافسة شديدة بين الشركات الأوروبية”. وفي وثائق أخرى تحدث المسؤولون البريطانيون عن شعور السوريين بالسرور نظرا لاختيار جاك شيراك، الرئيس الفرنسي، دمشق، كأول محطة له في جولته عام 1996، في تلميح حول ضرورة اهتمام بريطانيا في سوريا كمنطقة استثمار تجاري وتصدير ممكن.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا