تظاهرات في تونس ترفض تشديد الحظر الصحي في رمضان… والمشيشي يتعهّد بتخفيفه مع تحسن الوضع الوبائي
وهج نيوز : أثارت القرارات التي اتخذتها الحكومة التونسية للحد من انتشار فيروس كورونا خلال شهر رمضان، موجة استنكار في البلاد، حيث هدد أصحاب المقاهي بالعصيان المدني للتعبير عن رفضهم لهذه القرارات التي قالوا إنها ستتسبب في إفلاسهم، فيما اتهمت أحزاب المعارضة الحكومة بالتواطؤ مع رجال الأعمال بعد السماح باستمرار عمل مراكز التسوق الكبرى، في وقت تعهد فيه رئيس الحكومة، هشام المشيشي، بمراجعة هذه الإجراءات وتخفيفها في حال تحسن الوضع الوبائي خلال النصف الثاني من شهر رمضان، فضلاً عن تعهده أيضاً باتخاذ إجراءات أخرى لتعويض الفئات المتضررة من قرارات تشديد الحجر الصحي.
وكانت الحكومة التونسية أصدرت، مساء الأربعاء، قرارات جديدة تتضمن تشديد الحجر الصحي خلال شهر رمضان المبارك، من بينها “التشديد على تطبيق وسائل الحماية الفردية والبروتوكولات الصحية والرقابة عليها بكل صرامة، ومنع التجمعات الخاصة والعامة، وغلق الأسواق الأسبوعية، ودعوة ولاة الجمهورية إلى إعلان حظر الجولان من الساعة السابعة مساءً إلى الساعة الخامسة من صباح اليوم الموالي، وإجبارية الحجر الذاتي لمدة خمسة أيام للوافدين من الخارج بعد تقديمهم تحليلاً سلبياً قبل السفر، وتطبيق توقيت العمل الإداري لشهر رمضان بالنسبة للإدارات العمومية (وهو إجراء استثنائي ينطلق يوم 12 أبريل الجاري)”.
وبرر رئيس الحكومة هشام المشيشي القرارات الجديدة بأن الوضع الوبائي في البلاد “يشهد تطوراً يتطلب اتخاذ عدد من الإجراءات المصاحبة حفاظاً على الصحة العامة للمواطنين وأخذاً بعين الاعتبار لمتطلبات الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتربوية وشهر رمضان”.
لكن المشيشي أكد أن الحكومة تعمل على اتخاذ جملة من القرارات لصالح الفئات المتضررة من الإجراءات التي تم الإعلان عنها لمواجهة فيروس كورونا، مشيراً إلى أن “المحدد الأساسي لسياستنا في التعامل مع جائحة كورونا هو المحافظة على صحة التونسي. وفي حال تحسن الوضع الوبائي وتراجع انتتشار الفيروس فمن الممكن مراجعة هذه الإجراءات والتقليص منها”.
وقال وزير الصحة، فوزي مهدي، إن الوضع الوبائي الحالي “يشهد خطورة من خلال عدة مؤشرات أبرزها عدد التحاليل الإيجابية وعدد الوفيات وعدد المقيمين بالمستشفيات، وتم تسجيل نسب كبيرة في عدد المرضى الوافدين على أقسام الأوكسجين والإنعاش، ما استدعى من اللجنة العلمية اقتراح إجراءات عاجلة لمجابهة هذا الوضع. كما أن طاقة استيعاب أسرّة الإنعاش بالمستشفيات بلغت 80 في المئة وأسرّة الأوكسجين 50 في المئة على الصعيد الوطني ونتوقع ارتفاع هذه الأرقام في ظل الانتشار الحالي لجائحة كورونا”.
وأثارت الإجراءات الجديد موجة استنكار في تونس، حيث قام بعض عمال المقاهي بإغلاق الطريق وإشعال العجلات المطاطية قرب محطة قطار في ولاية منوبة المتاخمة للعاصمة، للتعبير عن رفضهم للقرارات الحكومية الأخيرة.
فيما أصدرت نقابة المقاهي والمطاعم بياناً عبرت فيه عن رفضها لهذا القرار “غير المدروس، والذي لم يراعِ الظروف الصعبة التي تمر بها هذه القطاعات والتي أغلقت أبوابها قرابة السنة بعد انتشار جائحة كورونا”، مهددة بلجوء أصحاب المقاهي والمطاعم لـ”العصيان المدني دفاعاً عن أرزاقهم، في صورة التشبث بهذه الإجراءات الهدامة”.
وقال صدري بن عزوز، نائب رئيس نقابة أصحاب المقاهي، إن الحكومة حكمت بـ”الإعدام” على أصحاب المقاهي، مشيراً إلى أن أكثر من ألفي مقهى في تونس أعلن إفلاسه وأغلق أبوابه نهائياً، كما أن 80 في المئة من المقاهي والمطاعم الباقية على أبواب الإفلاس.
فيما دعا حزب مشروع تونس الحكومة إلى “معالجة الأضرار التي ستلحق بأصحاب المقاهي والمحلات والفنانين وغيرهم بسبب تقديم ساعة حظر الجولان في شهر رمضان وخاصة في مجال الشيكات بدون رصيد ومصاريف الكراء (قضايا استعجالية في الخروج) واليد العاملة والبطالة الإجبارية”.
وكتب هشام العجبوني، النائب عن الكتلة الديمقراطية على موقع فيسبوك: “اتخاذ إجراءات “صارمة بمكيالين” للحدّ من تفشّي الموجة الثالثة لفيروس الكوفيد 19 بدون إرفاقها بإجراءات اجتماعية للفئات المتضرّرة منها (خاصّة عمّال المقاهي والمطاعم الشعبية) سيولّد حالة احتقان شديدة قد تصل إلى حالة تمرّد على هذه الإجراءات. هذه الحكومة “السخيّة” عليها اتخاذ إجراءات اجتماعية عاجلة تجاه هذه الفئات الهشّة المتضررة من قراراتها في فترة “الميسرة” بالنسبة إليها، أي شهر رمضان الكريم”.
ودون عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد: “من الواضح أن الحكومة تدفع ضريبة أزمة الاستقرار والتذبذب السياسي. ومن الواضح أيضاً أنها فشلت في استباق الموجة الثالثة للجائحة رغم كل المؤشرات الوبائية الحمراء وآراء الخبراء وتوصيات اللجنة العلمية للحد من انتشار فيروس كورونا، بل ورضخت لرغبة أحزاب وسادتها البرلمانية وحزامها السياسي ومعارضتها العدمية لاستعراض عضلاتها التجييشية في مظاهرات حشدت لها مئات الحفلات من كامل البلاد في انتهاك صارخ لإجراءات الوقائية الجاري بها العمل. ومن المؤسف أن الحكومة لم تستبق الموجة بقرارات صارمة قبل شهر رمضان حتى ينعم التونسيون بشهر صيام وبعيد فطر آمن، كما فعلت أغلب الدول الأوروبية التي أقرت إجراءات صارمة في الخريف لينعم مواطنوها وساكنتها بأعياد ميلاد ونهاية سنة آمنة”.
وأضاف: “ومن المثير للقلق أن الحكومة اضطرت اضطراراً تحت نواقيس الخطر لاتخاذ إجراءات صارمة غير متوافقة مع النسق الاجتماعي والاقتصادي للحياة الرمضانية، دون أن تأخذ أية إجراءات مراقبة ولا حتى أن تعدل من التوقيت الفرنسي لحظر الجولان بما يتوافق وحياة التونسيين.. المطلوب أن تراجع الحكومة إجراءاتها بمزيد من العدالة بين المتاجر والفضاءات الكبرى المغلقة التي سابقة مفتوحة والأسواق الأسبوعية المفتوحة التي قررت الحكومة إغلاقها، وبتعديل توقيت حظر الجولان ليتوافق مع نسق الحياة، وباتخاذ إجراءات المرافقة الضرورية للحرفيين المتضررين في شهر وموسم يمثل ذروة نشاطهم ومداخيلهم السنوية، والأهم من ذلك كله الإسراع في استجلاب وتصنيع التلاقيح واستحثاث نسق حملات التطعيم على نطاق واسع لمحاصرة انتشار الفيروس اللعين ولإنقاذ أرواح التونسيين والتونسيات.. اللهم احفظ بلادنا والإنسانية جمعاء من هذا الوباء”.
وبلغ إجمالي الإصابات بفيروس كورونا في تونس 265 ألف حالة، شفي منها 222 ألفاً، وتوفي أكثر من تسعة آلاف شخص.
المصدر : القدس العربي