نجلاء بودن على رأس الحكومة التونسية.. هل ستُصلح الجيولوجيا ما أفسدته السياسية؟
وهج نيوز : التونسية نجلاء بودن مهندسة جيولوجية في عقدها السادس اختارها الرئيس قيس سعيد، الأربعاء، لتشكيل حكومة جديدة، ما يجعل مهمتها صعبة نسبيا في ظل غياب الخبرة السياسية والاقتصادية، رغم علاقتها الجيدة بالبنك الدولي، وهو ما يطرح تساؤلات لدى المراقبين حول غاية الرئيس من اختيار هذه الشخصية.
وبينما يرى البعض أن سعيد يهدف من تكليف بودن إلى “ضمان الولاء” على اعتبار أنها ستكون مكلفة بتنفيذ برنامج الرئيس، يعول آخرون على نزاهة رئيسة الحكومة الجديدة، على اعتبار أن سلفها هشام المشيشي لم يكن سياسيا أو اقتصاديا، كما أن رئيس الحكومة الأسبق إلياس الفخفاخ كان مهندسا ورجل أعمال، رغم انتمائه في السابق لحزب التكتل، وهو ما يعني أن الانتماء السياسي والخبرة الاقتصادية لا يعدان مقياسين للنجاح.
ونجلاء بودن (63 عاما) هي أستاذة تعليم عالٍ في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، مختصّة في علوم الجيولوجيا، وكانت تشغل خطّة مكلفة بتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. وهي أوّل امرأة تتولى منصب رئيسة حكومة في تاريخ تونس.
وقال الوزير السابق عبد اللطيف المكي “فكرة جيدة أن يتم تعيين امرأة على رأس الحكومة، وأرجو أن نجد أيضا امرأة على رأس الجيش وبقية المواقع التي ما زالت حكرا على الرجل، ومع ذلك فإنني أعتبر هذا التعيين غير قانوني لأن الرئيس أباح لنفسه بعد الانقلاب أن يعلق الدستور ويعمل قانونا غير قابل للطعن وأصبح الحاكم بأمره، وبالتالي هذا التعيين غير دستوري وغير قانوني وهو إمعان في صم الآن عن الحوار والدعوات التي ترغب بخروج تونس من أزماتها”.
وأضاف، في تصريح إذاعي، “كما أن رئيس الجمهورية عقّد الأمر بعد تغيير الأولوية فالأولوية كانت لشخصية اقتصادية وكنا نلوم على حكومة هشام المشيشي أداءها الاقتصادي والاجتماعي السيء، وطالما بقي الوضع السياسي مضطرب فلن نستطيع تنفيذ البرنامج الاقتصادي والاجتماعي والتنموي المطلوب، وبالتالي رئيس الجمهورية يتحمل المسؤولية في أي اضطرابات اقتصادية تقع بعد شهور لأنه غير الأولوية من أولوية المجتمع الذي لديه مشكلة الاقتصاد والتنمية والصحة إلى اولوية ذاتية تتعلق بتعديل الدستور والنظام السياسي في البلاد”.
وفيما رحب سمير الشفي، الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل، بتكليف امرأة برئاسة الحكومة باعتباره “رسالة قوية حول قدرة المرأة التونسية عل تحمل المسؤولية على رأس الدولة”، أكد أنه “لا بد أن تتوفر في رئيسة الحكومة الكفاءة والقدرة على التجميع، وأن تكون لها رؤية وبرنامج اقتصادي واجتماعي للقضايا الشائكة، والقدرة على صياغة تشاركية لبرنامج إنقاذ لهذه المرحلة الصعبة. وعلى تنفيذ الاتفاقات المبرمة، وعلى ضوء ذلك سنحدد موقفنا من هذا التكليف”.
وكتب المؤرخ والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي “تعيين امرأة على “اختيار وادارة الحكومة” هو تكريم للمرأة التونسية وهي أول رئيسة حكومة في الوطن العربي، والاختيار ذو أبعاد رمزية للداخل والخارج لهذه المرحلة (لم يعيّن المرحوم بورقيبة امرأة في منصب الوزارة إلا سنة 1986 وهي المرحومة فتحية زوجة الوزير الأول انذاك المرحوم محمد مزالي)”.
وأضاف “رئيسة الحكومة لا تمتلك لا تجربة سياسية او مجتمعية ولم تكن منخرطة في الشأن العام (حسب المعطيات المتواترة) هي أستاذة تعليم عالي اختصاص علوم صحيحة تولت بعض المناصب الادارية في الوزارة التي تنتمي اليها وآخر منصب هو الإشراف على مشروع على علاقة بالبنك الدولي. والمرحلة التي تمرّ بها البلاد معقّة جدا سياسيا واقتصاديا-ماليا واجتماعيا. نرجو ان تتمكّن هذه السيدة من “اختيار” فريق كفؤ قادر على ايجاد الحلول للمرحلة القادمة”.
لكنه قال إنه لا يجب التسرّع في إطلاق الأحكام (مع او ضد) في انتظار تقديم البرنامج والحكومة كاملة (مواصفاتهم) جزء من نجاحها سيتحدد من خلال تفاعلها مع الأطراف السياسية والاجتماعية الوازنة والفاعلة في البلاد.
وخاطب النائب سمير ديلو رئيسة الحكومة الجديدة بقوله “أمامك تحدّيات كبرى: ستترأسين حكومة بلد يعيش اقتصادها صعوبات كبيرة وماليتها العموميّة في وضع لا يخفى على أحد، شارعها منقسم، والوضع الصحًي – رغم التّحسّن الملحوظ – لا يزال هشّا، وسيكون عليك أن تجيبي عن سؤال قد يطرحه نظراؤك في الحكومات الصّديقة والشّقيقة – أو مسؤولو المؤسّسات المانحة – حول أدائك وفريقك اليمين دون نيل الثّقة من مؤسّسة تشريعيّة منتخبة”.
وكتبت عضو الائتلاف المدني للدفاع عن الحقوق والحريات، يسرى فراوس، “ان تكون امرأة فهذا يجعلها حمالة لقضايا النساء وعليها اذا كانت تفتقد للحس النسوي تعديل اوتارها منذ فكرت في قبول المنصب كأول امرأة تتولى رئاسة حكومة في تونس والمنطقة العربية إذ سيتعامل معها وطنيا ودوليا على هذا الأساس. بعضهن يكسبهن المنصب شوارب لأنه ثقافيا وتاريخيا وسياسيا ذكرت كل المناصب بل كل الفضاء العام وجعلت لتكريس الهيمنة للغالبين وأصحاب الامتيازات وهو ما عليها مجاهدة نفسها فيه”.
وقال القيادي في حزب “تحيا تونس” وليد جلاد “من المهم تكليف امرأة لرئاسة الحكومة وهي باحثة جيولوجية وتم تكريمها سابقا من قبل رئيس الجمهورية الراحل الباجي قائد السبسي. مهم جدا نظرا لكونها أستاذة جامعية وعالمة في الجيولوجية، وكذلك بالنظر لرمزية اختيار امرأة لرئاسة الحكومة، ولكن الأهم هو أن يكون لديها برنامج متكامل اقتصادي واجتماعي لإنقاذ البلاد وأن يكون لديها رؤية للخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية”.
وأضاف في تصريح إذاعي “أريد أن أحييها على شجاعتها لقبول هذا المنصب في ظرف اجتماعي واقتصادي دقيق جدا تمر به تونس وفي ظروف استثنائية حتى على المستوى السياسي ويوجد حديث عن الشرعية من عدمها خاصة أن تعيينها كان بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 117”.
المصدر : القدس العربي