صحيفة عبرية: احتجاجاً على “اعتقالهم إدارياً”.. 6 فلسطينيين يخوضون إضراباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية

الصليب الأحمر قلق جداً من الوضع الصحي لسجينين فلسطينيين مضربين عن الطعام منذ 80 يوماً. هذا ما أعلن عنه الصليب الأحمر الاثنين الماضي. كايد الفسفوس (32 سنة) يرفض منذ 85 يوماً إدخال الطعام إلى فمه احتجاجاً على اعتقاله المستمر. ومقداد القواسمي (24 سنة)، المضرب عن الطعام للسبب نفسه منذ 78 يوماً. يعالجان في مستشفى “كابلان” في “رحوفوت”. الأربعاء الماضي، رداً على التماس قدمه المحامي جواد بولص، أمرت المحكمة العليا بتجميد الاعتقال الإداري للقواسمي بسبب تدهور صحته.

هناك أربعة سجناء إداريين آخرين يحتجون بهذه الطريقة بسبب استمرار إسرائيل بسجنهما دون لائحة اتهام ودلائل وشهود، وبدون أي مظهر من مظاهر حقهم بالحماية القانونية وبدون جدول زمني. علاء الأعرج، الذي يضرب عن الطعام منذ 61 يوماً، والذي ستناقش المحكمة العليا اليوم التماساً قدم بشأنه، وهشام أبو هواش (52 يوماً)؛ ورائق بشارات (47 يوماً)؛ وشادي أبو عكر (44 يوماً).

الأربعة الآن في عيادة مصلحة السجون في الرملة. بالإجمال، هناك ستة مضربين عن الطعام من بين حوالي 520 معتقلاً إدارياً فلسطينياً تم سجنهم بتعليمات من الشاباك بعيداً عن عيون الجمهور الإسرائيلي. كوسيلة عقابية، تقوم مصلحة السجون بمنع عائلات المضربين عن الطعام من زيارة أبنائها، تسمع عن صحتهم المتدهورة من المحامين الذين يلتقون معهم. توجه العائلات الاتهامات أيضاً لمؤسسات السلطة الفلسطينية؛ لأنها لا تظهر أي اهتمام حقيقي بمصير أبنائها ولا تحاول إثارة الرأي العام في إسرائيل وفي المجتمع الدولي حول نضالهم الشخصي، أو الطريقة التي تقوم فيها إسرائيل باعتقال فلسطينيين بدون محاكمة.

قبل أسبوعين، حاولت والدة كايد الفسفوس، فوزية، التغلب على الشعور بالعجز في أوساط عائلات المضربين عن الطعام. فقد سافرت من بيتها في مدينة دورا جنوبي الضفة الغربية إلى رام الله حاملة صورة ابنها (32 سنة)، ووقفت في الظهيرة أمام مكتب رئيس الحكومة الفلسطينية الذي يقع في ميدان إميل حبيبي، يرافقها أحد أحفادها.

الاحتجاجات أمام رموز الحكم الذاتي الفلسطيني تعدّ حالات نادرة جداً. أحد حراس المبنى جلب لها كرسياً لتجلس عليه. شرطيان كانا يدوران حولها بحرج. وقد طلبا منها الدخول إلى الغرفة الصغيرة التي على المدخل، لكنها رفضت. وقالا للصحيفة إن التصوير محظور، لكنهما لم يعرفا كيف يشرحان لها. في الأصل، لم يتجرأ أي مراسل في وسائل الإعلام الفلسطينية على القدوم وتغطية الاحتجاج الهادئ لأم تعرف أن الخطر يهدد حياة ابنها مع مرور الساعات. “نحن معك ونؤيدك”، قال لها أحد رجال الشرطة.

موظف في مكتب رئيس الحكومة أقنعها بالدخول إلى الغرفة على المدخل، وهناك قال لها بلهجة متعاطفة: “لسنا العنوان. لو أن ابنك، لا سمح الله، كان معتقلاً لدى جهاز من أجهزة الأمن الفلسطينية لأمكننا التدخل، لكنه في أيدي سلطات الاحتلال”. أصغت الأم بصبر، لكن عندما خرجت وعادت إلى الاحتجاج في الخارج قالت للصحيفة: “أتظاهر أمامهم لأنهم (أي السلطة الفلسطينية) يريدون، ولهم قناة مع سلطات الاحتلال”. ولإثبات ذلك، ذكرت المعتقل الإداري السابق، الذي هو أيضاً من دورا، “الغضنفر أبو عطوان”، بعد 65 يوماً من الإضراب عن الطعام، تم إطلاق سراحه من السجن مطلع آب. في دورا قالوا بثقة إن ما أدى إلى إطلاق سراحه هو المكالمة التي أجراها رئيس المخابرات العامة، ماجد فرج، مع شخص في الشاباك الإسرائيلي.

الفسفوس، وأبو عطوان الذي تم إطلاق سراحه، ينتميان لعائلات هي أعضاء في حركة فتح. لذلك، هما حالة استثنائية في أوساط المعتقلين الإداريين، الذين في معظمهم ينسبهم الشاباك لمنظمات مثل حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. قبل فترة قصيرة من إطلاق سراح أبو عطوان، تم إطلاق سراح مضرب آخر عن الطعام، بعد فترة اعتقال أقصر، وهو خضر عدنان، الذي ينتمي للجهاد الإسلامي (بعد أسبوعين، اعتقلته السلطة الفلسطينية لأنه شارك في الاحتجاج على قتل الناشط السياسي نزار بنات).

عدنان هو الأول الذي تبنى قبل عشر سنوات وسيلة الإضراب عن الطعام بشكل فردي. ونضاله ضد الاعتقال بدون محاكمة، جذب في حينه اهتماماً كبيراً. ومنذ ذلك الحين تقلصت قدرة المضربين عن الطعام الأفراد على إثارة الاهتمام حتى في أوساط الجمهور الفلسطيني، وتجديد النقاش الدولي حول عدم قانونية الاعتقالات الطويلة والمتكررة بدون أي إجراءات قانونية. العائلات تعرف هذا الأمر جيداً، وهي ممزقة بين دعم الخطوة الوحيدة التي يستطيع أبناؤها القيام بها، وبين معرفة أن صحتهم ستتضرر إلى الأبد بدون تحقيق الهدف. وسيلة العقاب التي تتبعها مصلحة السجون ضد الإضراب عن الطعام، مثل منع زيارة العائلات والعزل والتفتيشات المتكررة في الغرف، أمر يقض مضاجع أبناء عائلاتهم.

لقاء على الكرسي المتحرك

الفسفوس وأبو هواش من العائلات التي جرب أبناؤها الحبس والاعتقال الإداري. “لقد تزوجنا في العام 2007 عندما كان هشام في السجن”، قالت الزوجة عائشة حريبات في الشهر الماضي في بيتها في بلدة دورا. في العام 2004 عندما كان عمره 22 سنة حكم عليه ثلاث سنوات سجناً بسبب نشاطات في الانتفاضة الثانية. وقد دخل إلى السجن بتهمة انتمائه لحركة فتح. وحسب أقوال شقيقه عماد: “لم يحب سلوك سجناء فتح، وانتقل إلى صفوف الجهاد الإسلامي. هو مسلم ليبرالي”، وصفه شقيقه. وُضع هشام في الاعتقال الإداري ثلاث مرات، ثمانية أشهر في 2008 وسنتان في الأعوام 2012 – 2014 وفي تشرين الأول 2020 عندما تم اعتقاله مرة أخرى، بدون أن يبلغوا عن تهمته ويتهموه وبدون محاكمة.

“دخل الجنود إلى البيت في الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل”، قالت حريبات عن الاعتقال الأخير. “أخذوا هاتفه على الفور. لم يكن ضابط الشاباك معهم، ولكنه تحدث مع هشام بهاتف أحد الجنود، وقال له إنه إذا كان يستخدم أدوية فعليه أخذها معه. لم يودع هشام أولاده لأنه لم يرغب في إيقاظهم. ولم يعرف أنه سيوضع تحت الاعتقال الإداري. و قال لي: حافظي على الأولاد، سأعود بسرعة لأنه لا شيء ضدي”.

وقالت حريبات إن لزوجها روح دعابة. “حتى عندما نتحدث عن أمور جدية، يجد زاوية ليسخر منها”، قالت. “حتى عندما يكون وضعنا سيئاً بسبب مرض ابننا بالكلى، عز الدين ابن 6 سنوات. منذ تزوجنا لم نذهب إلى أي مكان مع الأولاد باستثناء الذهاب إلى بيت لحم، إلى طبيب عز الدين. لم يذهب هشام في أي مرة إلى الخارج، ويعمل طوال الوقت في البناء هنا في دورا. أحياناً إذا بكر قليلاً، يأخذ الأولاد إلى الدكان لشراء شيء ما ويذهب للنوم. كانت هناك فترة عمل فيها في إسرائيل. وقد أرسل لنا صورته مع حاخام، شخص له سوالف طويلة، في الكنيس الذي كان يعمل فيه. وقد وعدني بأن لا يتورط بأي نشاط، وصدقته. عليه أن يعمل لأن مرض عز الدين يحتاج الكثير من المال”.

قبل شهرين تم إجراء عملية جراحية لعز الدين بمستشفى في شرقي القدس. ولكن تبين أن العملية لم تنجح. قالت حريبات: “أنا غير معتادة نفسياً على غياب هشام، لكني معتادة من ناحية جدول أعمال البيت. لولا مرض عز الدين لكان كل شيء أسهل”.

منذ اعتقاله قبل سنة، سمح لحريبات بزيارة زوجها في السجن لمرة واحدة في 16 آب. في حينه، قال لها عن نيته الإضراب عن الطعام. “حاولت إقناعه بعدم الإضراب عن الطعام. لكنه قال لي: من غير المنطقي أن أجلس في السجن رغم أنني لم أفعل أي شيء”، قالت، “بعد يومين، بدأ الإضراب عن الطعام. وقبل ثلاثة أسابيع، كان في وضع جيد نسبياً، رغم أنه رفض من البداية إضافة أي فيتامينات أو معادن للطعام. ولكن في اللقاء الأخير مع المحامي الذي يمثله، جواد بولص، تم إحضاره على كرسي متحرك”.

“حتى لو تم إطلاق سراحه فثمة خوف دائم من اعتقاله مرة أخرى”، قالت حريبات. “هذا جوهر الاعتقال الإداري بدون محاكمة”. هي تعرف أيضاً أن شقيقها البكر قد أضرب عن الطعام في السابق مدة مئة يوم احتجاجاً على اعتقاله الإداري. وقبل ثلاثة أسابيع، وعدت الأولاد بأن تخبز لهم كعكة في الوقت الذي سيتم فيه إطلاق سراح هشام. والآن تأمل بأن يتوقف زوجها عن تعريض حياته للخطر.
بقلم: عميره هاس
هآرتس 7/10/2021

قد يعجبك ايضا