إذا تسلّم الحكم.. هل يدرك حفتر أن “ليبيا الجديدة” ستكون في قبضة “الإبراهيميات”؟
قبل نحو عقد نشبت الانتفاضة في ليبيا في إطار الربيع العربي. الزعيم المطلق معمر القذافي الذي حكم قرابة 40 سنة، قتل بوحشية على أيدي الجماهير. ومنذئذ، تفككت ليبيا بقبائلها المختلفة، وكان انعدام النظام والأمن من نصيب سكان الدولة. وفي الفترة الأخيرة، برز جهد غربي لإعادة بناء ليبيا. وتقررت انتخابات للرئاسة في 24 كانون الأول المقبل.
مرشحان يتنافسان على المنصب، والقاسم المشترك بينهما أنهما فشلا في الوصول إلى الحكم سابقاً.
مرشحان يتنافسان على المنصب، والقاسم المشترك بينهما أنهما فشلا في الوصول إلى الحكم سابقاً: ابن القذافي سيف الإسلام، وهو مرشح رسمي؛ ففي عهد أبيه تأهل ليكون بديلاً للقذافي الأب كلي القدرة، لأن القذافي أراد أن يخلق سلالة عائلية. لكن الأحداث الدموية وقتل القذافي الأب شوشت الخطط، فتغيب سيف الإسلام عقداً من الزمن عن الحياة السياسية لليبيا بسبب كراهية الشعب لأبيه، وهو الآن يعود إلى الساحة كمرشح للرئاسة. حتى كتابة هذه السطور، تبدو فرصه بالفوز في الانتخابات غير كبيرة. عودة ابن الطاغية الليبي الذي عانى منه الكثيرون لا تحظى بحماسة كبيرة، ولكنها أيضاً لا تحظى بمعارضة جارفة. رغم كل هذا، فإن ترشيحه لم يرفض، وقد يرتبط هذا بروح الساعة، حيث الجميع يطمح لعودة الهدوء إلى ليبيا.
دولتان استغلتا الفوضى في ليبيا، وهما روسيا التي بعثت بالمرتزقة لدعم الحكومة التي انتخبت ولا يعترف بها الكثيرون، وتركيا التي بعثت بالجنود بل ورسمت الحدود البحرية في صالحها مع حكومة ليبيا. يطالب الغرب بطرد كل القوات الأجنبية كي يسمح بانتخابات نزيهة. روسا تصمت، بينما قال أردوغان للفرنسيين بأن طلب طرد قواته أمر يجانب الصواب. في هذه الأجواء يستعد الجميع للانتخابات. هناك شك كبير بإجرائها في موعدها.
أما المرشح الثاني للرئاسة، فهو الجنرال خليفة حفتر، رجل عسكري قديم، يحظى بتأييد من مصر والإمارات، وهو المتصدر في هذه المرحلة. لقد أرسل القذافي الطاغية حفتر مع لواء ليبي كي يقاتل ضدنا في حرب يوم الغفران، بل ونال وسام اجتياز القناة من المصريين. بعد اتفاق السلام بين إسرائيل ومصر، أعاد حفتر مواقفه إلى الصفر. من ناحيته، ليست إسرائيل أكثر من العدو اللدود الذي ينبغي القتال ضده. أما مصر فتلعب دوراً ملطفاً لحدة المواقف في هذا الشأن.
ليبيا ذخر استراتيجي مهم للغرب. وإذا ما أجريت الانتخابات وكان هو المنتصر، فإن الصعوبة التي تلوح في الأفق وجود من يرفضون قبول النتائج ويفضلون استخدام القوة منعاً لتنفيذها. في ضوء هذا الوضع، سيخيم على الأجواء ظل تأجيل الانتخابات في اللحظة الأخيرة، للسنة القادمة أو ربما إلغائها.
ومع ذلك، فإن التصميم الغربي ولا سيما فرنسا والولايات المتحدة، لإعادة توحيد ليبيا ورفعها إلى طريق إعادة البناء، قد يدفع الغرب لفرض المرشح الذي سينتخب، بالقوة. مكان ليبيا مهم، بحيث لا يمكن استبعاد تضخم عسكري غربي لتوحيد الدولة. إذا ما انتخب الجنرال حفتر، فيجب أن يهمس في أذنه بأن دولاً ترتبط باتفاقات إبراهيم في محيط ليبيا، مثل المغرب والسودان وتشاد، بحيث إن انضمام ليبيا الجديدة إلى هذه الاتفاقات سيؤشر إلى تغيير تاريخي في الشرق الأوسط.
بقلم: إسحق ليفانون
معاريف 18/11/2021