متى ينتهي الاستخفاف بمحمد صلاح؟

الشرق الأوسط نيوز : سلط تقرير صحافي بريطاني، الضوء على الطريقة التي يتعامل بها كثير من الناس مع النجم المصري محمد صلاح، والحديث ليس عن المشجعين في مملكته في مدينة ليفربول أو في بلده مصر، بل عند خصومه والمشككين فيه، الذين يتفننون دوما في التقليل من نجاحات ملك مصر، رغم ما يحققه من إنجازات وأرقام قياسية تحاكي أعظم أساطير ليفربول والدوري الإنكليزي الممتاز باسمه ونظامه الجديدين.

لماذا يستخفون بصلاح؟

وضعت مجلة «فور فور تو» الشهرية الرياضية المتخصصة علامات استفهام بالجملة، على ما وصفته في تقرير خاص «استخفاف كثير من الناس بمحمد صلاح»، حتى بعد تحوله من مراهق ضل الطريق في بداية رحلته في بلاد الضباب مع ناديه الأسبق تشلسي، إلى ذاك الوحش الكاسر، الذي يستمد قوته من هز شباك منافسي ليفربول، منذ عودته إلى البريميرليغ في صيف 2017، في صفقة رخيصة الثمن مقارنة بأسعار اللاعبين في الوقت الراهن، بلغت نحو 35 مليون جنيه إسترليني، ومعها أصبح كل شيء تاريخا ماضياً، محافظا على سجله التهديفي الرائع للموسم الخامس على التوالي، ردا على حملات التشكيك التي تعرض لها، في الفترة التي تأثر فيها مستواه ومعدله التهديفي بعد إصابته في الكتف، حتى أن البعض وضعه في خانة نجوم الموسم الواحد، الذين يخرجون كل ما لديهم في موسم واحد، وإذ به لا يتوقف عن تسجيل 25 هدفا أو أكثر للموسم الخامس على التوالي، وهو أمر لم يفعله سوى أعجوبة آرسنال في بداية الألفية الجديدة الفرنسي تييري هنري، الذي فعلها سبع مرات طوال فترة وجوده في الجزء الأحمر لشمال لندن.
نجم العام المظلوم

تشمل إنجازات أبو مكة الأخيرة، إنهاء عام 2021 وفي سجله 37 هدفا في جميع المسابقات، ليصبح ثاني أكثر لاعب تسجيلا للأهداف بالقميص الأحمر في عام ميلادي بعد أسطورة الزمن الجميل أيان راش، وسبقها أمطر شباك الغريم المحلي التاريخي مانشستر يونايتد بهاتريك لن يمحى من الذاكرة في ليلة اكتساح الشياطين الحمر بخماسية نظيفة في قلب «أولد ترافورد»، غير أنه بات أول لاعب يحافظ على عادة التسجيل في 10 مباريات متتالية في الدوري، وأكثر لاعب أفريقي تسجيلا للأهداف في الدوري الأكثر شهرة في العالم، محطما رقم الفيل الإيفواري ديدييه دروغبا. وقبل أي شيء، يتصدر هذا الموسم قائمة هدافي الدوري بفارق ستة أهداف عن أقرب مطارديه، مع ذلك، تجده لا يحظى بتقدير أشخاص من المفترض أنهم خبراء في عالم التحليل، منهم محلل «بي بي سي» غاريث كروكس، الذي فاجأ الجميع، باستبعاد صلاح من تشكيلة العام المثالية في ليلة عيد الميلاد، بحجة لا تنطلي على مراهق يفهم أبجديات كرة القدم، وهي أن «صلاح كان مؤثرا بشكل فردي»، وكان ذلك تزامنا مع حملة السخرية التي تعرض لها، بعد حصوله على المركز السابع في قائمة «الكرة الذهبية» لأفضل لاعب في العالم، على عكس توقعات عشاقه في مصر وليفربول، في أنه سيكون ضمن القائمة المختصرة على أقل تقدير.

أسباب الاستخفاف

جاء في التقرير البريطاني، أنه لا خلاف أبدا، على أن أرقام وسجلات صلاح على مدار المواسم الخمسة الماضية، تضعه ضمن قائمة أعظم مهاجمي الدوري الإنكليزي في كل العصور، وذلك ليس فقط بشهادة آلان شيرر والكثير من رموز وطن مهد كرة القدم، بل لما يقوم به على أرض الملعب، بنسف القواعد والمسلمات المتوارثة في عالم كرة القدم، كلاعب جاء إلى ملعب «آنفيلد»، كجناح هداف، ثم أصبح في غضون سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة، خليطا بين الجناح العصري والهداف الكلاسيكي، الذي لا يحتاج سوى لمسة واحدة في الثلث الأخير من الملعب، أو في سباق سرعة في هجمة مرتدة. لكن واحداً من الأسباب الذي لا يعطيه قيمته التي يستحقها مقارنة بما يقدمه على أرض الملعب، ما وصفه المصدر على أنه «الإدراك السائد» لدى بعض، بأنه كان فاشلا في تجربته القصيرة في «ستامفورد بريدج»، وهو الشعور الذي سيختفي نهائيا في المستقبل القريب، تحديدا عندما تبدأ حقبة ما بعد الثنائي الفضائي ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، معها لن يجد أبو صلاح صعوبة بالغة في الجلوس على عرش نجوم كرة القدم، لفارق الخبرة بينه وبين نجوم المستقبل، والإشارة إلى إيرلنغ براوت هالاند وكيليان مبابي، تماما كما يدفع نفس الضريبة في صراعه مع البرغوث وصاروخ ماديرا، وبدرجة أقل منافسه المباشر في الصراع على جائزة «الأفضل» من قبل الفيفا روبرت ليفاندوسكي.

صداع الجنسية

وفقا لمجلة «فور فور تو»، واحدة من أكثر العقبات التي تواجه محمد صلاح، وتضعه أحيانا في مرمى سخرية جمهور كرة القدم البريطاني، هي معاناته من مستوى المنافسة في القارة السمراء، كما يتسابق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة المتحدة الى التهكم على بطولة كأس أمم أفريقيا، مثل جُل دول العالم، في إشارة واضحة إلى أن صلاح يدفع ثمن جنسيته المصرية، التي لا تساعده على تحقيق آماله وتطلعاته الدولية، على عكس دول كرة القدم الكبرى أمثال البرازيل والأرجنتين وألمانيا والبرتغال وإسبانيا وإنكلترا وباقي المنتخبات التي تحتكر الجوائز القارية الكبرى، ومع ذلك، ما زالت أمامه فرص بالجملة، كي يحصل على التقدير الذي يستحقه، أقربهم الفرصة المتاحة في الوقت الحالي، للفوز بجائزة الفيفا، بعد دخوله القائمة المختصرة للمرة الثانية في مسيرته، جنبا إلى جنب مع الارجنتيني ليونيل ميسي والبولندي روبرت ليفاندوسكي، وإذا حدثت المفاجأة ووقع الاختيار عليه، ستكون بمثابة البداية الحقيقية للقضاء على ظاهرة الاستخفاف والاستهانة بإنجازات صلاح، ولصقها دوما إما بالحظ أو بطمعه الزائد أمام المرمى، لكن على أرض الواقع، يكفي مشاهدة ضعف حيلة المدافعين ونظراتهم البائسة أمام رشاقة صلاح وإبداعه اللحظي، معها سنفهم أننا أمام الخليفة الأوفر حظا لخلافة رونالدو وميسي، في ظل تركيزه على عمله داخل الملعب فقط، واهتمامه بحياته الصحية، باتباع برنامج غذائي وتدريبي يحاكي ما يفعله الدون رونالدو للحفاظ على عمره في الملاعب.

الخطوة القادمة

لا شك أبدا في أنه بصرف النظر عن تقاعد ميسي ورونالدو، ففي حال استمر صلاح على مستواه ومعدله التهديفي الحالي لنهاية الموسم، فبنسبة كبيرة سيكون المرشح المفضل للفوز بجائزة «البالون دور» هذا العام، لكن إذا لم تسر الأمور بهذا الشكل، ستكون خطوته القادمة الحصول على التقدير الذي يستحقه، هي الذهاب إلى ريال مدريد أو برشلونة، حيث سيحظى بمعاملة رونالدو وميسي في الإعلام الإسباني، الذي يُجيد فن صناعة العلامات التجارية، لتأثيره الكبير على الميديا العالمية، التي تنقل عنه كل صغيرة وكبيرة، بسبب شعبية الريال والبارسا الجارفة في كل دول العالم. وهذا السيناريو لم يعد مستبعدا، في ظل الغموض المسيطر على ملف تجديد عقده مع أحمر الميرسيسايد، آخرها ما تردد على نطاق واسع، في أن الإدارة في طريقها لسحب عرض التجديد، لتباعد المسافات في مسألة العرض والطلب مع الوكيل رامي عباس، كإشارة جديدة الى أن صلاح بدأ يعد حياته للخطوة المقبلة، التي ستضمن له تحقيق أحلامه التي لا يستطيع تحقيقها مع ليفربول، إلا إذا حدثت انفراجة في المفاوضات، وتم التجديد قبل الوصول الى مرحلة الاضطرار الى بيعه بأفضل عائد مادي قبل عام من نهاية عقده في فصل الصيف المقبل. وفي كل الأحوال، راهن التقرير الإنكليزي، على أن المستقبل في السنوات الخمس المقبلة سيكون لمحمد صلاح، مع توقعات بأنه قد يحتكر الجوائز الفردية المرموقة في فترة الفراغ الأولى بعد اعتزال ميسي ورونالدو، في حال ظل متفانيا في عمله ومحافظا على حياته الصحية، وقبل أي شيء لم يفقد الشغف وعقلية نجوم النخبة، التي بدأت تظهر في تصريحاته الجريئة، لعل أبرزها مقولته المأثورة «في داخلي أشعر بأنني أفضل لاعب في العالم»، فهل تصدق توقعات الشبكة البريطانية؟

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا