الاقتصاد السوداني يتجه نحو الانهيار مع انخفاض الصادرات وتراجع قيمة العملة

الشرق الأوسط نيوز : يتجه الاقتصاد السوداني مرة أخرى نحو الانهيار مع انخفاض الصادرات وتراجع قيمة العملة في السوق السوداء، بعد انقلاب عسكري العام الماضي. وتشكل الأزمة الاقتصادية التي أظهرت علامات على الانحسار قبل الانقلاب خطرا إنسانيا في الوقت الراهن في بلد يعاني من الجمود السياسي وتزايد العنف وارتفاع مستويات الجوع.
وفيما يلي نظرة على المخاطر:
*الفقر والجوع: في عهد الرئيس السابق عمر البشير توقفت فترة وجيزة من النمو مع انفصال جنوب السودان الغني بالنفط في عام 2011، وبدأت البلاد تعاني من عجز تجاري كبير، وانخفضت قيمة الجنيه، وبدأت أسعار السلع الأساسية في الارتفاع. وكانت الزيادة الحادة في أسعار الخبز المدعوم بمثابة شرارة الاحتجاجات التي أدت في النهاية إلى إسقاط البشير.
وشرعت الحكومة الانتقالية التي جاءت بعد سقوط البشير في تطبيق إصلاحات سريعة بمراقبة من «صندوق النقد الدولي»، فخفضت قيمة العملة، وقلصت الدعم على الخبز والكهرباء، وألغت الدعم كليا على البنزين والديزل.
وفي حينه عرض المقرضون الدوليون والدول الغربية المساعدة وتخفيف الديون، لكنهم جمدوا هذه الإجراءات بعد انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021. لا يزال التضخم، الذي انخفض في الأشهر القليلة الماضية، من أعلى المعدلات في العالم عند 260 في المئة. وتقدر جماعات الإغاثة أن 143 مليون، أو 30 في المئة من السكان، سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية هذا العام، وهو أعلى مستوى في العقد الماضي. وتشكل هذه النسبة زيادة بأكثر من 50 في المئة في غضون عامين. وبسبب ارتفاع الأسعار، قال كثير من المواطنين أنهم قلصوا مشترياتهم من المواد الغذائية، أو اضطروا لعدم تناول بعض الوجبات أو للاستغناء عن اللحوم ومنتجات الألبان.
وتقول الأمم المتحدة إن ما يصل إلى 98 مليون شخص قد يواجهون مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي في عام 2022، بزيادة بنحو الثلث عن العام الماضي نتيجة ارتفاع الأسعار، فضلاً عن مشاكل الحصاد والصراع في بعض المناطق.
*العنف والنزوح: شهد السودان صراعاً في الغرب والجنوب لسنوات، خاصة في منطقة دارفور التي عانت في منتصف العقد الأول من القرن الحالي من صراع بين الجماعات المتمردة والقوات الحكومية والميليشيات، مما أسفر عن مقتل حوالي 300 ألف شخص.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة هناك ما يربو على ثلاثة ملايين شخص نزحوا في جميع أنحاء البلاد، حوالي 25 مليون منهم في دارفور.
وحذرت جماعات الإغاثة من أن حوادث العنف، التي عادة ما تكون على شكل هجمات للميليشيات أو اشتباكات قبلية، قد زادت في دارفور إلى مستويات لم تحدث منذ سنوات ودفع هذا العنف أكثر من 400 ألف شخص، بعضهم موجود بالفعل في مخيمات النازحين، إلى الفرار من ديارهم العام الماضي
ويستضيف السودان 11 مليون لاجئ بينهم العديد من جنوب السودان وإريتريا، بالإضافة إلى أكثر من 500 ألف فروا بعد تفجر الصراع في منطقة تيغراي الإثيوبية عام 2020. ويعيش هؤلاء في مخيمات في شرق السودان، وهي منطقة شهدت أيضا زيادة في التوترات السياسية والتهديدات بالعنف في العامين الماضيين
ويأتي تراجع الاقتصاد السوداني بينما تلقي الفيضانات واحتمالات الجفاف بظلالها السلبية على قطاعي الزراعة والرعي بالسودان، ما يزيد معاناة عموم السكان، لا سيما القاطنون على ضفاف نهر النيل. وتسعى السلطات السودانية إلى وضع حلول للتدهور البيئي في ظل تعرض البلاد لتقلبات مناخية متكررة، منها اتباع ممارسات زراعية قادرة على تحسين إدارة الأراضي والتكيف مع تداعيات التغير المناخي. وتوقع محمد شريف، مدير إدارة البحوث بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، حدوث موجات من الجفاف جراء تداعيات تغير المناخ في البلاد، وقال «تأثير تغير المناخ يتفاوت في ولايات السودان، إذ تتأثر الولايات الشمالية بشكل أكبر يبدو في استمرار هطل الأمطار والتأثير على المحاصيل الزراعية». وتابع «وزارة الزراعة لديها دراسات حول إنتاج بذور مقاومة للجفاف للحد من التداعيات السلبية لظاهرة التغيرات المناخية.» وأكد شريف أن سلطات بلاده لديها تنسيق مع الهيئة الحكومية للتنمية بشرق افريقيا «إيغاد»، بخصوص التوقعات الموسمية للمناخ في البلاد.
من جهة ثانية سبق لراشدة حسن دفع الله، مديرة مشروع تمويل التصدي لمخاطر المناخ في السودان، أن حذرت من تأثر البلاد بشدة جراء التغيرات المناخية، ما يجعلها في وضع أكثر هشاشة رغم ثراء مواردها. وقالت أن الجفاف بات خطراً يهدد قطاعي الزراعي والرعي، لا سيما في المناطق الريفية بالبلاد. وأضافت «زيادة موجات الجفاف والفيضانات ستؤدي إلى ضياع الكثير من الموارد، خاصة وأن تغير درجات الحرارة وأنماط هطل الأمطار يضران بالمحاصيل الزراعية ومعدلات نموها».

المصدر : وكالات

قد يعجبك ايضا