كيف طور الفيلسوف الفذ بيب غوارديولا مركز المهاجم الوهمي؟

الشرق الأوسط نيوز : يعتقد الكثيرون بأن الفيلسوف الإسباني بيب غوارديولا وصل إلى ذروته في عالم التدريب في موسم 2010/2011، حين خاض برشلونة 31 مباراة بدون هزيمة في الدوري الإسباني، حيث تغلب على ريال مدريد بقيادة جوزيه مورينيو 5-0 على ملعب «نو كامب»، ثم أقصاه من دوري أبطال أوروبا، ليقدم بعدها رجاله أحد أفضل العروض في النهائي، حيث تعرض العريق مانشستر يونايتد للهزيمة 3-1 في مباراة كان فيها الأداء سيد الموقف أكثر من النتيجة.

لكن غوارديولا، وبنظر القلائل، يمر بذروته وفترة عطائه الأكثر والأعلى منذ مدةٍ طويلة، حيث يأمل الفيلسوف بأن يحقق لقب دوري أبطال أوروبا الأول لمانشستر سيتي. كما وأنه على أعتاب حسم الدوري الممتاز الثامن للنادي والرابع له معه.
السيتي اليوم ليس أفضل من فريق برشلونة قبل عقد من الزمن، وربما لم يكن أي فريق على الإطلاق، كما وأنه لم يمتلك ميسي، لكن سلسلة انتصاراته المحلية والأوروبية أتت بالتزامن مع مستوى النضج الكروي الذي وصل إليه بيب أكثر من أي وقت مضى. ربما كان ميسي هو المهاجم الوهمي الذي استخدمه ووظفه غوارديولا، حيث أنه خلق ليلعب في مركز الرقم 10 بالفطرة، وذلك بعد أن بدأ باللعب على الجناح اليمين في بداية مسيرته.
لكن السيتي سيفوز بالدوري الإنكليزي الممتاز هذا الموسم بشكلٍ كبير ليس بفضل مهاجمٍ وهميٍ واحد، بل باستخدام العديد من اللاعبين بذات الأفكار والوظائف. فلاعبون أمثال كيفن دي بروين وبيرناردو سيلفا وفل فودين ورياض محرز قادرون على التحكم بوتيرة المباراة. كما أن غوارديولا وصل الى مرحلةٍ جعلته يستخدم فيها غندوغان كمهاجمٍ وهمي. وإذا شعر الفيلسوف بارتباك الألماني في هذا المركز يقوم بتحويله إلى هداف غزير الإنتاج تجعل المشجع يسترجع لمحات وومضات تذكره بفرانك لامبارد. لكن كيفن دي بروين هو اللاعب الذي عادةً ما يظهر في المركز الرقم 10، لكنه أطلق على نفسه في إحدى المناسبات لقب «الثمانية الحرة» في خطة الـ4-3-3 لغوارديولا. أما اليوم، فهو عادةً يلعب في مركز المهاجم الوهمي.
يستخدم غوارديولا عادةً شكلا مختلفا من التشكيل الإنكليزي النموذجي، إذ يستخدم 4-4-2-0، بدلاً من الـ4-4-2 التقليدية. وفي بعض الأحيان، يصنع غوارديولا صندوقا من أربعة لاعبي وسط ليتغلبوا على اثنين أو ثلاثة من الخصوم، ما يزيد من احتمالية وجود فراغ في منطقة الجزاء، وعدم وجود مهاجم صريح في مراكز التهديف. ما يذكر السيتيزنز بهدافهم التاريخي سيرجيو أغويرو الذي اضطر الى إنهاء مسيرته كما نعلم جميعاً. حيث كانت تربط غوارديولا وأغويرو علاقةً مثمرة، لكنها لم تكن مستقرة في بعض الأحيان. الآن، وبعد خروج النجم الأرجنتيني من الخدمة تم تحرير الكتالوني المفترس لمواصلة استخدام أيديولوجيته.
اليوم، أصبح السيتي أفضل بلا شك، وذلك مع وجود لاعب خط وسط إضافي، وتناوب أكبر في المراكز وتوزيع المسؤوليات للتهديف. حيث لم يهزم الموسم الماضي حين لعب بدون مهاجم تقليدي، إذ جاءت الخسارة في سبتمبر/ أيلول أمام ليستر مع لعب رحيم ستيرلنغ كلاعب أمامي شبه تقليدي، حيث فقد بعدها ستيرلنغ مكانه منذ ذلك الحين على الأجنحة، ما أدى إلى إزالة الجناح الذي يشبه إلى حد كبير المهاجم في صفوف السيتي، وهو أقرب شيء إلى الصياد، ما جعل السيتي أقرب إلى عالم يكون فيه الجميع لاعبين في خط وسط. حتى أن غوارديولا قد ناقش إيدرسون باعتباره منفذ ركلة جزاء محتمل، ما يظهر إلى أي مدى وصلت إليه كرة القدم الشاملة التي يمثلها الفيلسوف. فهل يؤسس غوارديولا لمرحلةٍ جديدة في الكرة العالمية، تعتمد بموجبها على الشمولية في التهديف وتتخلى عن فكرة المهاجم التقليدي الذي تعتمد عليه الأندية العالمية لاقتناص الأهداف من أنصاف الفرص؟ وهل يمكن أن نشهد اختفاء هذا الدور من اللعبة بعد 10 سنوات على سبيل المثال؟

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا