الصليب الأحمر يحذر من تأثير تفاقم النزاع في ليبيا على الإنتاج الزراعي

الشرق الأوسط نيوز : حذر الصليب الأحمر الدولي من التداعيات الخطيرة للنزاع في ليبيا على أمن السكان الغذائي، وتأمين أساسيات حياتهم اليومية.

وأكدت المنظمة الدولية أن النزاع الدائر في ليبيا أسفر عن إضعاف قدرة البلاد على مواجهة مخاطر تقلبية المناخ، ومن المرجح أن يفاقم آثار هذه المخاطر على الإنتاج الزراعي، وبالتالي سبل كسب عيش آلاف الناس وغذائهم وأمنهم الاقتصادي.

وحصلت “القدس العربي” على تقرير أعدته المنظمة الإنسانية الدولية يبرز التحديات التي تواجهها مناطق في ليبيا.

وأشار “الصليب الأحمر” إلى أنه في بلد معظم أراضيه صحراوية حيث لا تزيد نسبة الأراضي الصالحة للزراعة عن 2 بالمائة، يهجر المزيد من المزارعين نشاطهم الزراعي في ظل ندرة موارد المياه، والأراضي التي ترويها مياه الأمطار تنتج محاصيل ضئيلة للغاية بسبب موجات الجفاف.

ويستطرد التقرير أن تغير المناخ يُعرّض ليبيا لظواهر مناخية متطرفة، مثل تزايد العواصف الرملية والترابية وموجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، فضلًا عن ارتفاع شدة هذه الظواهر. ولا شك أن الأثر الذي خلفه النزاع المتجدد الممتد لسنوات أضعف قدرة البلاد على التكيف، في الوقت الذي كُرّست فيه الموارد اللازمة لتخفيف حدة المخاطر المناخية للتعامل مع تبعات النزاع الممتد القصيرة والطويلة الأجل.

الجفاف يهدد ليبيا

 وشهدت ليبيا انخفاضًا كبيرًا في معدل هطول الأمطار بين تشرين الأول/أكتوبر 2020 وتشرين الأول/أكتوبر 2021. ولم تولّد الأمطار التي هطلت على مدار أيام قلائل خلال تلك المدة سوى بركٍ مائية لا تلبث أن تتبخر قبل أن تنفذ إلى التربة. وكذلك غالبًا ما يؤدي عدم انتظام شدة هطول الأمطار إلى حدوث فيضانات من حين لآخر تُضر بالتربة إضرارًا شديدًا وتؤثر على الإنتاج الزراعي وتخلف خسائر اقتصادية. ويكون أثر هذه الأضرار مضاعفًا في بعض المناطق عندما تكون البنية التحتية لتصريف المياه متضررة أصلًا بسبب النزاع.

وفي قرية العوينية الواقعة جنوب غربي طرابلس، وهي نموذج أبرزه الصليب الأحمر، حيث تشكل الزراعة المصدر الرئيسي لدخل معظم السكان، أجبر العنف المحتدم الكثير من المزارعين المحليين على هجر أراضيهم ومنازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى التماسًا للسلامة. وبعد سنوات من النزوح، عاد بعض المزارعين إلى ديارهم ليجدوا أراضيهم وقد أهلكها العطش، في الوقت الذي أُضيرت فيه البنية التحتية من جرّاء النزاع.

ويقول علي، وهو مزارع عائد من سكان قرية العوينية: “ليس بوسعي فعل أي شيء، لقد فقدت كل شيء وكان علي أن أبدأ من الصفر. بدأت زراعة الأشجار من جديد وكأنني في سنتي الأولى للزراعة، ولكن الجفاف الذي ضرب البلاد لثلاثة أعوام متتالية حال دون نمو الأشجار وإزهارها”.

التضاريس الوعرة لهذه القرية الجبلية تجعل فكرة حفر آبار غير قابلة للتطبيق بالنسبة للمزارعين، وخزان المياه الوحيد الذي كان المزارعون يستخدمونه في حالات الطوارئ في مواسم الجفاف دُمِّر في أثناء المعارك الضارية التي شهدتها العوينية منذ 2011.

وأضاف علي قائلًا: “مع ندرة الأمطار، لا أستطيع تحمل تكلفة نقل المياه بالشاحنات لري حقلي طوال العام، ربما أستطيع هذا الصيف إذا كان موسم الأمطار أفضل حالًا، ولكن ليس على مدار العام بأسره”.

 تغير المناخ يهدد الدول العربية

تتأثر ليبيا – شأنها شأن أي بلد منكوب بنزاعات – بفعل تغير المناخ بدرجة أكبر من غيرها، وهي مصنفة ضمن البلدان الأقل استعدادًا لمواجهة الأخطار المناخية على مستوى العالم. فقد جعل النزاع ليبيا أكثر عرضة لاحتمالات تقلبية المناخ بسبب ضعف قدرتها على التكيف، الأمر الذي من المرجح أن يفاقم آثار الأخطار الطبيعية على الإنتاج الزراعي. وأسفر تكالب محدودية موارد المياه المتجددة والجفاف وتدني جودة التربة عن إفقار الإنتاج الزراعي، الأمر الذي يجبر البلاد على استيراد نحو 75 بالمائة من الغذاء اللازم لتلبية الاحتياجات المحلية، وذلك وفقًا للبنك الدولي.

وتداعيات هذا الوضع ملموسة وظاهرة في الأسواق المحلية. ويقول الدكتور جلال القاضي، في تقرير الصليب الأحمر من مركز مصراتة للبحوث الزراعية: “يجب استثمار المزيد من الموارد في الأراضي الصالحة للزراعة للتخفيف من الآثار. بإمكاننا رؤية الارتفاع الصادم في أسعار زيت الزيتون على سبيل المثال، الذي تضاعف ثلاث مرات على مدى العامين الماضيين نتيجة انخفاض الإنتاج بسبب قلة الأمطار”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا