وداع أبو عاقلة في جنين ومخيمها: تشييع من المواطنين وآخر من المقاومين وثالث من الصحافيين

الشرق الأوسط نيوز : الموت الذي كان على “مسافة قريبة” من شيرين أبو عاقلة مراسلة الجزيرة في فلسطين، كما تقول في إحدى فيديوهاتها المنتشرة على نطاق واسع، ها هو يقوم بنهش جسدها الرقيق.

زارها الموت في مخيم جنين الذي أخلصت له ولقضيته، فرصاصة قناص من جندي إسرائيلي وضع حدا لحياتها ليحقق هدفين: إسكات صوتها وإخفاء صورتها.

وكانت أبو عاقلة الصحافية ذات الخبرة الميدانية لأكثر من 25 عاما، قضت جانبا منها في تغطية الأحداث ونقلها في مدينة ومخيم جنين، حيث زارته مئات المرات لنقل أحداثه وصورته وإعلاء صوته، وهو ما جعلهما يمنحان الصحافية الشهيدة جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف من المواطنين الغاضبين.

وفور ورود أنباء اغتيالها، تدافعت الحشود من المواطنين إلى مستشفى ابن سينا على أطراف مخيم جنين، وهناك خرج الآلاف في مسيرة كبيرة جدا تعلن الوفاء للصحافية الشهيدة.

وكانت المفارقة ماثلة، فالصحافية التي غطت تشييع جثامين مئات الشهداء في المخيم، ها هي اليوم على الأكف محمولة من المئات حيث يغطيها العلم الفلسطيني ودرع حماية الصحافيين الأزرق الذي كتب عليه كلمة “صحافة” فوق جسدها الطري، معلنا الرسالة التي تعجز عنها آلاف الكلمات.

وكما هي العادة في الأراضي المحتلة، زُفت شيرين شهيدةً محبوبةً من الملايين، وحُملت تماما بنفس الشكل والطريقة التي غطتها لجنازات الشهداء.

إنها مفارقة المشهد في المكان والزمان المناسبين كما يقول أحد النشطاء.

وسارت الجنازة المهيبة ما بين المستشفى وصولا إلى مكان استشهاد أبو عاقلة على أطراف المخيم ومن ثم إلى مقبرة الشهداء ليمر الجثمان المحمول وسط هتافات غاضبة مطالبة بالانتقام ومؤكدة على دور الشهيدة في نقل صوت المخيم.

وحمل جثمانها في بداية التشييع بعد أن تم تأدية صلوات عليها من كنيسة جنين أمام المستشفى، وسار شبان ومواطنون من المدينة والمخيم بجسدها إلى مكان استشهادها ومن ثم انتقل الجثمان إلى مجموعة من المقاومين المسلحين والملثمين الذين ساروا بالجسد وسط إطلاق زخات الرصاص.

وهتف المشيعون: “من جنين الأبية.. شيرين شمعة مضوية”، و”من مخيم الصمود.. هذه شيرين يا ثوار”، “من مخيم الثوار.. هذه شيرين يا أسود”، “من مخيم الأحرار هذه شيرين يا ثوار”، “وعلى القدس رايحين..  شهداء بالملايين”.

وبعد تشييع الجثمان من قبل المقاومين، حمل صحافيون فلسطينيون جثمان شيرين، وساروا بصمت وهدوء، فيما هتف الشبان مطالبين بالتحقيق والانتقام.

 

وسار تشييع الصحافيين حتى وصل الموكب المهيب كنيسة دير اللاتين وسط المدينة، حيث دُقت أجراس الكنيسة وصلى الخوري، وردد من بعده المسيحيون والمسلمون أيضا في مشهد يدلل على عمق الحالة النضالية التي يعكسها الواقع الفلسطيني، ومكانة أبو عاقلة بين سكان المدينة ومخيمها، حيث أعلنت سماعات المساجد نعي الشهيدة بالشعارات الوطنية وآيات القرآن الكريم.

وبعد الصلاة على جثمانها في كنيسة المدينة، انتقل موكب السيارات المهيب الذي نقل جثمانها إلى مستشفى النجاح التخصصي في نابلس، حيث يجري تشريح جثمانها بطلب من النيابة العامة الفلسطينية وموافقة عائلة الفقيدة.

وطوال الطريق من جنين إلى نابلس، توقف الجثمان في عشرات البلدات الفلسطينية، حيث زفّ برفع الأعلام والدموع والهتافات الغاضبة.

كذلك، أعلنت السلطة الفلسطينية، أن الرئيس محمود عباس، سيشارك يوم الخميس في تشييع جثمان أبو عاقلة.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية: “يشارك رئيس دولة فلسطين محمود عباس، يوم غد الخميس، بمراسم تشييع جثمان الصحافية الشهيدة شيرين أبو عاقلة، من مقر الرئاسة بمدينة رام الله، بحضور رسمي وشعبي”.

وكان الرئيس الفلسطيني قد هاتف مدير مكتب “الجزيرة” في فلسطين، وليد العمري، معزيا بـ”استشهاد” أبو عاقلة.

وقال عباس: “فقدت فلسطين باستشهاد الصحافية أبو عاقلة، أحد فرسان الحقيقة، الذين عملوا بكل صدق وأمانة على نقل الرواية الفلسطينية للعالم، وساهموا في توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي، بحق أبناء شعبنا وأرضه ومقدساته”.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا