شروط “ممكنة” وأخرى “معقدة”.. هل تنجح تركيا في إجبار السويد وفنلندا على تلبية مطالبها؟
الشرق الأوسط نيوز : على الرغم من أن تركيا لم تعلن رسمياً عن قائمة شروط أو مطالب للقبول بطلب انضمام فنلندا والسويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلا أن تصريحات كبار المسؤولين أشارت بشكل واضح إلى مجموعة من الشروط التي تقول أنقرة إن على البلدين تطبيقها وإلا فإنها سوف تستخدم حقها بالاعتراض (الفيتو) وإعاقة مساعي البلدين التي وصلت إلى مراحل متقدمة.
هذه المطالب التي ألمح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى أن بلاده لن تتفاوض عليها أو تتنازل عنها يبدو جزء منها أنها “ممكنة” وقابلة للتطبيق وقبول البلدين بها، لكن جانب آخر منها يبدو “معقداً” ويُعتقد بصعوبة قبول البلدين بتطبيقها، وهو ما يجعل مسار المفاوضات غامضاً قبيل انطلاقه بشكل فعلي من خلال الزيارة المتوقعة لوزيري خارجية البلدين إلى أنقرة خلال الأيام المقبلة.
والاثنين، قال أردوغان في تصريحات على هامش مؤتمر صحافي مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون: “لا يمكننا في هذه المرحلة أن نقول “نعم” لانضمام الذين يفرضون عقوبات على تركيا إلى الناتو كمنظمة أمنية.. لا داعي لهذه الزيارة (زيارة وزيري خارجية فنلندا والسويد لتركيا) إن كان الهدف منها إقناع تركيا بقبول انضمام البلدين لحلف الناتو”.
وفدا البلدين يزوران تركيا.. وأردوغان: لا داعي للزيارة
ويأتي على رأس المطالب التركية وقف ما تقول أنقرة إنه “دعم تنظيم بي كا كا الإرهابي”، حيث اتهم العديد من المسؤولين الأتراك البلدين بتقديم الدعم لتنظيم بي كا كا وتنظيمات كردية أخرى تصنفها أنقرة “تنظيمات إرهابية”، وهو مطلب يحمل في طياته الكثير من التعقيدات.
فرسمياً، جدد البلدان التأكيد على أنهما يلتزمان بتصنيف الاتحاد الأوروبي المتعلق باعتبار بي كا كا “تنظيماً إرهابياً”، إلا أنهما يعتبران أن الوحدات الكردية في سوريا وفصائل كردية أخرى لا تعتبر تنظيماً إرهابياً، في إشارة إلى تنظيم ب ي د في شمال سوريا وأذرعه السياسية التي تنشط في أوروبا بشكل عام.
وفي هذا الإطار، يتوقع أن يجدد البلدان التأكيد على تصنيفهما لـ”بي كا كا” كتنظيم إرهابي وتقديم وعود بمنع كافة أنشطة التنظيم على أراضيهما، إلا أن المعضلة الأكبر تبقى حول تصنيف باقي الوحدات الكردية التي تؤكد أنقرة أنها “جزء لا يتجزأ من تنظيم إرهابي واحد”، بينما تفرق العواصم الأوروبية بين بي كا كا والوحدات الكردية في سوريا، حيث يتوقع أن تطلب أنقرة من فنلندا والسويد وقف أي دعم مالي أو عسكري أو سياسي لهذه الوحدات سواء في سوريا أو على أراضي البلدين، وهو أمر لا تلتزم به العواصم الغربية بشكل عام.
كما يتوقع أن يكون الخلاف الأكبر حول مدى استعداد فنلندا والسويد لتسليم تركيا مطلوبين من تنظيم بي كا كا صدرت بحقهم مذكرات توقيف دولية بتهمة ارتكاب أعمال إرهابية، حيث لم يسبق أن تعاونت عواصم أوروبية مع تركيا لتسليمها مطلوبين. والاثنين، كشف تقرير لوكالة الأناضول عن أن فنلندا رفضت في السنوات الخمس الأخيرة طلبات تركية بتسليمها 6 مطلوبين من تنظيم بي كا كا و6 مطلوبين آخرين من “تنظيم غولن”، كما رفضت السويد تسليمها 10 من بي كا كا و11 من “تنظيم غولن” بإجمالي 33 طلباً.
وفي جانب آخر، تشترط تركيا وقف القيود التي فرضها البلدين على تركيا في السنوات الأخيرة والمتعلقة بالصادرات بشكل عام والصادرات العسكرية والدفاعية بشكل خاص، وهي قضية يمكن أن تشهد اختراقاً سريعاً بتقديم البلدين تطمينات برفع هذه القيود التي رفضت بدرجة أساسية على خلفية العمليات العسكرية ضد الوحدات الكردية في شمالي سوريا والتي تراجعت حدتها مؤخراً ما يسهل على البلدين اتخاذ هكذا قرار. كما سيكون الأمر أسهل فيما يتعلق بالقيود الاقتصادية التجارية.
والاثنين، أعلنت وزارة الخارجية السويدية، أن الوزيرة آن ليندي ونظيرها الفنلندي بيكا هافيستو سيزوران تركيا، لبحث مسألة انضمام بلديهما لحلف الناتو، قبل أن تعدل الوزارة البيان بالتأكيد على أن الزيارة سيقوم بها وفد رفيع من البلدين وليس وزراء الخارجية في هذه المرحلة.
والثلاثاء، قال الرئيس الفنلندي ساولي نينيستو، إن تركيا تتخذ موقفا صارما ضد عضوية بلاده والسويد في حلف شمال الأطلسي، معربا عن أمله في أن يتم حل المسألة عبر “مفاوضات بناءة”، موضحاً أن العديد من الأحداث دفعت السويد وفنلندا إلى تقديم طلب للانضمام إلى الناتو، مبينا أن المخاوف الأمنية زادت مع الحرب الروسية الأوكرانية.
من جهته، أعرب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عن أمله أن يتمكن حلف شمال الأطلسي من إيجاد حل لاعتراضات وتحفظات تركيا بشأن انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو. كما أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن “تركيا حليف مهم للناتو وينبغي إزالة كافة المخاوف الأمنية التي تعتريها”.
المصدر : القدس العربي