محكمة إسرائيلية تصدر حكماً بالهدم الفوري لمدرسة بدوية في رام الله

الشرق الأوسط نيوز : قبل أيام من بدء الفصل الدراسي الجديد، أصدرت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس قرارا بالهدم الفوري لمدرسة فلسطينية في التجمع البدوي عين سامية، شرق رام الله.

وجاء القرار بعد أن عقدت المحكمة جلسة للنظر في الالتماس الذي قدمه محامو مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان نيابة عن المتبرع بالأرض الذي أقيمت المدرسة عليه ضد قرار هدم المدرسة الصادر عن الإدارة المدنية للاحتلال بتاريخ 28 أبريل الماضي.

وأقيمت المدرسة الصغيرة على أرض خاصة تبرع بها مواطن فلسطيني من بلدة كفر مالك، شمال شرق رام الله. منتصف شهر كانون الثاني الماضي، بتنسيق مع وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان وبتمويل أوروبي من خلال إحدى المؤسسات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية.

وجاء في حيثيات القرار أن القاضية وضعت الملتمسين أمام خيارين: إما أن يقوموا بالهدم الذاتي، وبتاريخ محدد، أو أن يتم الهدم من قبل الإدارة المدنية، وفي هذه الحالة سيدفع الملتمسون تكاليف الهدم بالإضافة إلى مصاريف المحكمة، وغرامة عالية جداً لم تحددها، ولكنها هددت بأنها ستكون أكثر بكثير مما تتوقعون.

وكانت المدرسة قد أقيمت بتاريخ 15 كانون الثاني 2022، بجهود متطوعين، لتخدم طلاب تجمع عين سامية البدوي، كواحدة من مدارس الصمود والتحدي في المناطق المصنفة (ج).

ويقع تجمع عين سامية البدوي على أطراف بادية القدس، إلى الشمال الشرقي، حيث استقرت عشيرة العمرين/ الكعابنة البدوية منذ نحو خمسة وثلاثين عاما، والتي تضم قرابة ثلاثمئة مواطن ذاقوا مرارة التهجير والترحيل مرات عديدة قبل أن يستقروا في هذا المكان، ضمن تفاهمات غير مكتوبة مع الإدارة المدنية للاحتلال، التي صادرت جزءا كبيرا من أراضي التجمع والمنطقة المحيطة لصالح مستوطنة “كوكب الصباح” الاحتلالية.

ويعاني أهل التجمع من اعتداءات متكررة من قبل المستوطنين بهدف مصادرة ما تبقى من الأرض وطرد أهل التجمع منها.

أمام سياسة الهدم المتكرر تشهد التلال المحيطة بالتجمع إقامة عدة بؤر استيطانية على شكل بؤر رعوية يتكون كل منها من كرفان وقطيع غنم أو بقر، بهدف نشر الإرهاب في المنطقة وتطهيرها عرقيا باستخدام مزيج من الإرهاب والأدوات الرسمية للاحتلال، حيث يشكل الطرفان وجهين لعملة واحدة يمارسان التهجير القسري.

يناشد بدو عين سامية جميع الهيئات المحلية والدولية، وخاصة البعثات الدبلوماسية التي قامت بزيارة تضامنية لمدرسة التجمع بتاريخ 16 شباط الماضي، للتدخل العاجل لدى سلطات الاحتلال لمنع هدم المدرسة، حيث باتت تحت خطر الهدم الوشيك.

منذ 30 سنة بلا مرفق تعليمي

وقال بسام كراجة، مدير الوحدة القانونية في مركز القدس للمساعدة القانونية، إن التجمع البدوي في تلك المنطقة منذ 30 سنة، وحتى لحظة إقامة المدرسة لم يكن هناك أي مرفق يقدم خدمة تعليمية للأهالي، وهو ما يجعل من المدرسة بغض النظر عن عدد الطلبة الذين يدرسون فيها ذات أهمية قصوى.

وأضاف كراجة أن الطلبة يضطرون للسفر مسافات طويلة من أجل الوصول إلى مدارس قريبة في القرى المجاورة، حيث يضطر بعض الطلبة للسفر 3 كيلومتر يوميا ذهابا وإيابا، في ظروف الحر الشديد أو المطر، وهو ما يجعل من المدرسة وسيلة للتخفيف عن معاناتهم اليومية.

وأكد كراجة أن المحكمة التي أصدرت قرار الهدم لم تفكر للحظة في أنه كيف للإدارة المدينة التي تعلم بأمر هذا التجمع البدوي منذ 30 سنة لم تقدم أي خدمة تعليمية للسكان، وبدلا من ذلك قامت بإصدار قرار الهدم الفوري.

وتابع أن القضية إنسانية بالدرجة الأولى، والفصل الدراسي الجديد على الأبواب، وهو ما يجعل من مصير طلبة التجمع البدوي على المحك.

وشدد كراجة على أن مركز القدس في حالة انعقاد دائم من أجل اتخاذ الإجراء القانوني الخاص بهذه الحالة.

حرب تجهيلية

بدورها أدانت وزارة الخارجية والمغتربين قرار سلطات الاحتلال هدم مدرسة تجمع عين سامية البدوي، واعتبرته امتداداً لحرب الاحتلال على الوجود الفلسطيني في تلك المناطق وغيرها من المناطق المصنفة (ج)، بهدف إلغائه تمهيداً للسيطرة على الأرض وتخصيصها لصالح الاستيطان.

واعتبرت الخارجية، في بيان، اليوم الخميس، قرار الهدم امتداداً لحرب الاحتلال التجهيلية واستهدافه للمؤسسات التعليمية الفلسطينية خاصة في القدس الشرقية المحتلة، كجزء لا يتجزأ من عمليات هدم واسعة النطاق للمنازل والمنشآت الفلسطينية التجارية والاقتصادية، كما حصل بالأمس في أريحا وبلدة حوسان غرب بيت لحم وفي القدس المحتلة.

واعتبرت الخارجية أن الاحتلال يمارس أبشع أشكال التخريب المتعمد لأية جهود دولية وإقليمية مبذولة لاستعادة الأفق السياسي لحل الصراع أو لبناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

وقالت الخارجية إنها ستتابع القرار الاستعماري العنصري بهدم مدرسة عين سامية وغيرها من الجرائم بالتنسيق مع الشركاء على المستويات كافة، مطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه تلك الجرائم.

كما طالبت الأمم المتحدة ومنظماتها المختصة وفي مقدمتها اليونسكو تحمل مسؤولياتها في توفير الحماية للمؤسسات التعليمية الفلسطينية، وطالبت المجتمع الدولي بكسر نمطية ردود الفعل الدولية المتدنية والبائسة تجاه جرائم إسرائيل كقوة احتلال، والبدء بتحرك دولي جاد واتخاذ ما يلزم من الإجراءات لوقف تغول الاحتلال على شعبنا ومقدراته وحقوقه، وممارسة الضغط اللازم على الحكومة الإسرائيلية لإجبارها على الانخراط في عملية سياسية حقيقية تفضي إلى إنهاء الاحتلال، باعتباره الجذر الأساس لجميع التوترات والمشاكل التي تشهدها ساحة الصراع والمنطقة برمتها.

بدورها أدانت وزارة التربية والتعليم قرار محكمة السلطة القائمة بالاحتلال القاضي بهدم وتدمير مدرسة عين سامية الأساسية التي تقع ضمن مديرية تربية رام الله والبيرة.

وأكدت الوزارة، في بيان، أن هذا القرار الجائر بحق المدرسة يُمثل جريمة بشعة تضاف إلى سلسلة جرائم الاحتلال المتواصلة ضد القطاع التعليمي، والحق في التعليم على كافة الأرض الفلسطينية بما في ذلك المناطق الأقل حظاً، واستهدافه للأطفال والطلبة والكوادر التربوية والمؤسسات التعليمية دون اكتراث بالمواثيق والقوانين والأعراف الدولية، وحرمان الأطفال والفتيات من الوصول إلى التعليم.

وأشارت إلى أن اعتداءات الاحتلال وجرائمه بحق المؤسسات التعليمية تُشكل انتهاكاً صارخاً لحق الطلبة في التعليم الآمن والحر، داعيةً جميع المؤسسات والمنظمات الدولية القانونية والحقوقية والإعلامية؛ لتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية إزاء انتهاكات الاحتلال المتصاعدة، والعمل على لجم هذه الممارسات العدوانية وفضحها وإثارتها في المحافل والميادين كافة، وتوفير الحماية والمناصرة لطلبتنا وللكوادر التربوية.

ولفتت الوزارة إلى أنها تتابع هذا القرار وتداعياته وآليات وقفه بالتعاون مع الأصدقاء والشركاء والمنظمات والهيئات ذات العلاقة على المستوى الدولي وفق المقتضى القانوني.

يذكر أن المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور قد صرح في وقت سابق أن المدارس المهددة بالهدم والواقعة بمحاذاة المستوطنات تصل إلى أكثر من 36 مدرسة، منها ست مدارس بالقدس.

وأكد الخضور، في حديث صحفي، أن تسليم الاحتلال إخطارات هدم لهذه المدارس في تزايد، ويندرج في إطار مسلسل متواصل في استهداف التعليم خاصة في مسافر يطا ومحافظة القدس ويأتي في إطار مخطط الاحتلال لترحيل المواطنين من هذه المناطق.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا