حادث سقوط صاروخ في بولندا يفاقم شرخ التعاطي مع روسيا بين شراسة أوروبا الشرقية ورهان أوروبا الغربية على الحوار

شبكة الشرق الأوسط نيوز : كشف حادث سقوط بقايا صواريخ دفاع أوكرانية في بولندا، عن الشرخ المستمر في مواقف الدول الأوروبية تجاه الحرب الروسية ضد أوكرانيا، بين طرف يطالب بالتريث والبحث عن حل سياسي- دبلوماسي مثل حالة فرنسا وألمانيا، وبين طرف يدعو إلى التصعيد مع موسكو وتتزعمه بولندا.

وكانت بقايا منظومة الدفاع الصاروخية “إس 300” سوفياتية الصنع قد سقطت فوق الأراضي البولندية ليلة الثلاثاء من الأسبوع الجاري، حيث كانت موجهة لاعتراض الصواريخ المجنحة الروسية التي أطلقت على أوكرانيا.  وترتب عن الحادث اتهامات متسرعة ضد الجيش الروسي بقصف أراضي دولة عضو في حلف الأطلسي. وهو ما تسبب في قلق كبير بشأن كيفية رد الحلف. وتبين لاحقا أن الأمر لا يتعلق بهجوم روسي، بل ببقايا منظومة الدفاع الأوكرانية، ليعم الارتياح العالم وخاصة أوروبا.

غير أن هذا الحادث يأتي ليبرز الشرخ القائم وسط الاتحاد الأوروبي والجناح الأوروبي لحلف الأطلسي تجاه الحرب الروسية ضد أوكرانيا. ويعد حادث بولندا النقطة التي تبرز بشكل كبير هذا الشرخ. فقد سارعت دول أوروبا الشرقية وعلى رأسها بولندا إلى اتهام روسيا بالوقوف وراء عملية ضرب أراضيها، ووصفت الحادث بالاعتداء لتوسيع دائرة الحرب. في المقابل، وبشكل متعارض، نادت كل من باريس وبرلين وبدعم من مدريد وروما، بضرورة عدم التسرع في الاستنتاج حتى لا تتفاقم الأوضاع الحربية.

وتتميز مواقف أوروبا الشرقية وعلى رأسها بولندا وجمهورية التشيك باستثناء هنغاريا، بضرورة الرفع من إيقاع الحزم تجاه روسيا بمزيد من الدعم الأطلسي لأوكرانيا عتادا وتسليحا، ثم مضاعفة العقوبات ضد موسكو. وتنطلق هذه الدول من تخوفها من فرضية امتداد الحرب الروسية الى دول أخرى وعلى رأسها بولندا. وعليه، تطالب بعمل استباقي من الضغط الدبلوماسي والاقتصادي وتسليح أوكرانيا لتكون سدا لحماية أوروبا وخاصة “الشرقية”. وتنطلق هذه الدول من مخاوف الماضي في حقبة الاتحاد السوفياتي، ويبقى رؤساء هذه الدول وجزء من طبقتها السياسية الأكثر اتهاما لروسيا بالتوسع.

ويوجد قلق كبير وسط الغرب بسب مبادرات بولندا المتسرعة والتي يصفها البعض بـ”المستفزة” ضد موسكو. في هذا الصدد، تتميز مواقف باريس وبرلين وبدعم كبير من عواصم جنوب أوروبا وهي مدريد ولشبونة وروما بضرورة احتواء التوتر وضرورة الاستمرار في الحوار الدبلوماسي مع روسيا لتفادي الأسوأ، ولكن دون التخلي عن العقوبات ومنها الاقتصادية. وتنطلق هذه الدول من عوامل متعددة، وإدراكها المسبق بأن الحلف الأطلسي لن يهاجم روسيا إذا اعتدت على أي دولة شرقية، بل سيتدخل وربما بشراسة لمواجهة الروس في أراضي الدولة المستهدفة. وتدرك أن استمرار الحرب يدمر اقتصاديات دول أوروبا وخاصة الكبرى مثل فرنسا وألمانيا. وأخيرا، كلما استمرت الحرب، ستكون فاتورة إعمار أوكرانيا مرتفعة، وستتحمل دول الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا وألمانيا القسط الأكبر.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واضحا في تصريحاته بهذا الشأن. وتستمر باريس في الرهان على المفاوضات، ومنها تصريحات ماكرون في قمة آسيا والمحيط الهادي في بانكوك، بضرورة دفع موسكو نحو المقاطعة.

ومع استمرار الحرب، بدأت الولايات المتحدة تميل الى الموقف الألماني- الفرنسي بضرورة بدء مفاوضات ولو سرية؛ لأن انتظار خروج الروس من الأراضي التي احتلوها في الوقت الراهن وعبر الحل العسكري سيكون ضربا من الخيال. وكانت تصريحات مارك ميلي قائد القوات العسكرية الأمريكية، دالة في هذا الشأن، بعدما طالب أوكرانيا بالتفكير في مباحثات مع روسيا للخروج من مأزق الحرب.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا