*قصة وعبرة..*
محمود الدباس….
يحكى أن قاضياً عادلاً حكيماً حليماً ذاع صيته بين الأمصار.. وأصبح يأتيه المتخاصمون من كل الأرجاء.. وكان عنده غلام خادم يحمل له أوراقه وكرسي الحكم أينما ذهب.. وكانت تجتمع حوله الناس في جلسة الحكم.. ليشاهدوا ويسمعوا الحِكَمَ والمواعِظَ قبل النطق بالأحكام..
وفي يوم مِن الأيام قام الغلام بسحب الكرسي من تحت القاضي وهو يهم بالجلوس.. فسقط القاضي على ظهره.. وضحك كل الحضور.. وعندما قام القاضي.. ربت على كتف الغلام وابتسم.. وقال له منذ زمن لم يضحك الناس في مجلسي.. فشكراً لك لأنك أضحكتهم.. وأردف قائلا.. يبدوا أنك نابغة وحَذِق.. فسوف أعلمك القضاء لكي تترك عنك حَمل أمتعتي.. وإن كان إسمي قد ذاع في الأمصار.. فوالله لأجعل أسمك تردده الأجيال تلو الأجيال..
وبدأ القاضي يحفظه ويلقنه حالات في القضاء وأمثلة تفيده في اجتياز إمتحان القضاء.. ولم يعلمه أصول القضاء.. وبعد فترة قصيرة قدمه إلى مجلس القضاة ليمتحنوه.. وفعلا اجتاز الإمتحان.. لأنه حفظ كل حالات القضاء.. فأصبح قاضيا..
وفي يوم من الأيام وقعت جريمة قتل فيها شبهات كثيرة.. فأوكلها القاضي إلى الغلام الذي أصبح قاضيا.. وبعد جلستين اثنتين.. حَكَم بالإعدام على المشتبه به.. وطلب منه القاضي ان يتأكد من صحة حكمه.. فأصر على حكمه.. وتم تنفيذ الحُكم..
وبعد يوم جاء القاضي الى مجلس القضاة.. وقال إن الحُكم الذي حكم به غلامي سابقا والقاضي حاليا فيه خطأء.. وإن القاضي قتل شخصاً بريء بجهله.. وإصراره على متابعة القضية.. وعدم إنسحابه من القضية.. وأثبتَ لهم بأن الحُكم باطل.. وبناءا عليه.. تم الحكم على القاضي “الغلام” بالإعدام..
وعندما لفوا حبل المشنقة على رقبته.. وجاء منفذ الحكم ليسحب الطاولة “الكرسي” من تحت قدميه.. نادى القاضي.. هل لي ان أنفذ أنا الإعدام؟!..
فاقترب القاضي من غلامه.. وقبل أن يسحب الكرسي أو الطاولة من تحت قدميه.. همس في اذنه وقال له.. *هذه بتلك*..
*فالعبرة من هذه القصة هي.. إحذر الحليم إذا غضب..*
مع خالص ودي واحترامي..
محمود الدباس – أبو الليث..
😇🙏🌷