مجلس السياسات…وهندرة الحكومة !!!

الهندرة كلمة عربية مركبة من كلمتي هندسة وادارة واطلقها الكاتبان الامريكيان مايكل هامر وجيمس شابي كعنوان على كتابهما ( هندرة المنظمات ) ومنذ ذلك الحين احدثت الهندرة ثورة حقيقية في عالم الادارة الحديثة لما تحمله من افكار ابداعية غير تقليدية ودعوة صريحة الى اعادة النظر في سياسات كافة الانشطة والاجراءات والاستراتيجيات التي قامت عليها الكثير من المنظمات والشركات حتى الوزارات التابعة لاي حكومة وهي تحدث اساليب وطرق للعمل داخل المنشأة او الوزارة اياً كانت لتتناسب مع ايقاع ومتطلبات العصر الحديث وهو عصر الثورة التكنولوجية وعصر السرعة وعصر التحديث والتطوير والمرونة وليقوم المسؤولين والعاملين في اي موقع داخل المنشأة او الوزارة باداء عمله بشكل صحيح ومفيد ومتسلسل وبدون تعقيدات وتل
بي متطلبات العميل والمواطن وترضيهم اي ان الهندرة تتطرق الى قواعد الفكر الابداعي والذي ينادي ايضا الموظفين والعاملين الى الابداع والابتكار في اعمالهم لزيادة الانتاجية وهي قاعدة (out Box) اي قاعدة الخروج من الصندوق المغلق والتخلص من القيود الروتينية والتكرارية في انجاز العمل الى الامور العملية والمحيطة باعمالهم بنظرة اكثر شمولية تساعد على تفجير الطاقات الابداعية الكامنة في كل موظف وكل مسؤول وكل عامل وحتى اذا اقتضى الامر الى اخضاعه لدورات تدريبية متخصصة اثناء عمله ليواكب ما يستجد من علم حديث يساعد ويطور لزيادة الانتاجية خاصة ان رياح التغير التي تجتاح عالم الاعمال والاستثمار اليوم تعتبر من اهم الدوافع والمحرك الحقيقي لمشاريع الهندرة ولقد اظهرت نتائج مسوحات عالمية شملت كثير من الشركات الكبرى والمؤسسات الحكومية التي تقدم خدمات للمواطنين والمستثمرين والسواح وغيرهم ان الهندرة كانت على رأس اولوياتها لمواجهة المتغيرات والتحالفات التي تجتاح الاسواق العالمية وتجتاح عالم الاعمال والخدمات اليوم وتعتبر الهندرة من اهم الدوافع والمحرك الحقيقي لنجاح الشركات وتفوق المشاريع والصناعات وتطور المؤسسات الرسمية المساندة لهذه القطاعات .
كل ذلك لمواجهة التحالفات والمتغيرات التي تجتاح الاسواق العالمية واستقطاب الاستثمارات ورفع مستوى الخدمات ولقد صرفت الشركات الامريكية على مدار عدة سنوات سابقة خمسين مليار دولار فقط لمشاريع الهندرة وذلك على شركاتها الكبرى المتعددة والمتنوعة لتحافظ على مكانتها وبقائها بالاسواق العالمية ولتكييف مع المتغيرات ولقناعتها بأن العائد على ذلك سيكون اكبر بكثير وهو ما تحقق فعلاً على ذلك ولقد شمل التغير كل الجوانب العملية ابتداء من العاملين والموظفين والعملاء المتعاملين والمنافسين وانتهاء بيئة العمل الداخلية والخارجية فعميل اليوم ليس كعميل الامس حيث ان عميل اليوم ( مشتري او مستثمر او غيره ) كثير المطالب وواسع الاطلاع ومن الصعب ارضاءه بسهولة ومن السهل فقدانه ومن الصعب الاحتفاظ به في ظل وجود خيارات متعددة حيث ان الخيارات امامة كثيرة ومتعددة عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة والمعلوماتية التي زادت من ثقافة العميل وطرق الاستدلال الى ما يريده فهناك العولمة واتفاقيات التجارة الحرة والاستمرار في الخصخصة وحرب الاسعار مما يصعب على الشركات الامور اكثر اذا لم تتطور باساليبها اي اننا في عصر لا مكان فيه للوزارات والمؤسسات والشركات والمنظمات القابعة في ظل الروتين والبيروقراطية في التعامل وتعدد الجهات الرقابية داخل الوزارة او المنشأة التي اصبحت تشكل اكبر عائق لهروب العميل والمستثمر والامور لم تعد تدار من برج عاجي ولا مجال لتكديس الاوراق والمعاملات وتعقيد الاجراءات التي اكل منها الدهر وشرب اذن الهندرة هي اعادة التفكير بصورة اساسية واعادة التصميم الجذري للعمليات الرئيسية بالوزارات والمنظمات والمنشآت لتحقيق نتائج تحسين هائلة في مقاييس الاداء العصرية من حيث الخدمة والجودة وسرعة انجاز العمل وايجاد حلول جذرية لكافة مشاكل العمل لا حلول سطحية .
ويأتي تشكيل مجلس للسياسات الاقتصادية بتوجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني للحكومة لمناقشة السياسات والبرامج الاقتصادية وخطط التنمية في مختلف القطاعات ودراسة المعوقات وايجاد الحلول ليكون هذا المجلس مسانداً لجهود الحكومة لتحقيق النمو والتطور وتعزيز تنافسية الاقتصاد مما يعني العمل مع القطاع الخاص وفق العديد من المحاور يتناول كل محور مجال من مجالات التنمية والاقتصاد فقطاع المقاولات والاسكانات والقطاع الهندسي وما يرافقهما من خدمات في البنية التحتية قطاع معنية فيه وزارة الاشغال والبلديات والامانة كذلك قطاع الفقر والبطالة معنية فيه وزارة التنمية الاجتماعية ووزارة العمل مع اتحاد الجمعيات الخيرية ومجلس المسؤولية الاجتماعية للشركات والمنظمات المعنية وهكذا كذلك محور الشباب مع وزارة الشباب ووزارة التنمية السياسية ووزارة الثقافة وكافة الجهات المعنية وهكذا لبقية المحاور سياحة واثار وثقافة وغيرها .
اي تتكافل الجهود الوطنية من كلا القطاعين العام والخاص واصحاب الخبرة والمعرفة والدراية لتطوير الاداء ومواكبة التغيرات والتحالفات العالمية ولتجاوز الازمات .

المهندس هاشم نايل المجالي

[email protected]

قد يعجبك ايضا