طقوس روحانية وعادات اجتماعية ترافق رمضان في الصحراء المغربية

شبكة الشرق الأوسط نيوز : ينفرد رمضان في الأقاليم الصحراوية بمجموعة من الطقوس والعادات التي تميزها عن باقي المناطق الأخرى من البلاد، وتعطي لشهر الصيام نكهة خاصة لدى لمختلف شرائح ساكنة الجهات الجنوبية الثلاث للمملكة.

وتتنوع عادات وطقوس الصحراويين في رمضان منذ القدم بين روحانية وترويحية وغذائية؛ منها ما زالت قائمة ومحافظا عليها إلى حدود اليوم، فيما تكابد أخرى خطر الاندثار.

وحول هذه التقاليد، قال بوزيد الغلى، الباحث في التراث المادي الحساني، إن شهر رمضان يمتاز بروحانية عالية في مختلف ربوع المغرب، ولا تختلف الصحراء كثيرا عن باقي المناطق؛ إلا أنها تنفرد بمجموعة من الطقوس التي هي حكر على ساكنتها دون غيرها.

وأشار بوزيد الغلى، في تصريح لهسبريس، إلى أن أهل أسا، على سبيل المثال، يمارسون يوم الثالث والعشرين من كل رمضان طقسا اسمه “يا الله يا رحمان”؛ وهو ما زال موجودا إلى اليوم وأضحى أكثر تنظيما خلال السنوات الأخيرة، إذ يجتمع خلاله الفقهاء والطلبة وعموم الرجال بأسا في القصر القديم ويجمعون صدقات خاصة التمر والسكر وكل ما يتعلق بمؤونة أهل البلد ذات الدلالة بالفأل الحسن، وبعدها يمر الموكب عبر أغلب أضرحة الأولياء وكأنه نوع من الدعاء والتعريف بالأولياء.

أما العادة الروحانية الثانية والتي اختفت تماما بفعل عامل الوعي وانحصار ظل الخرافة، فتتعلق وفق المتحدث ذاته بصعود أهل أسا يوم السابع والعشرين من كل رمضان إلى جبل بالمنطقة يسمى “تاوريرت الأنبياء” ويدخلون أياديهم في غار بالجبل؛ وهي ممارسة مقرونة بمعتقد أن من أدخله يده وأخرج شيئا فهو ميمون ومبارك ومن جاء بعكس ذلك فهو منحوس.

وسجل الباحث في التراث المادي الحساني: “في ليلة القدر دائما هناك طقس روحاني يمارسه الصغار من خلال الطواف على البيوت وترديد “بيضة بيضة لالة لوحي لوح الطالب والطالب وصحابو والجنة تنصابو…” إلى آخر الأنشودة السائدة المتداولة منذ القدم في الأوساط الصحراوية؛ غير أن هذه العادات بدأت في الانحصار خلال الآونة الأخيرة”.

أما في الجانب المتعلق بالعادات الترويحية، فقد أورد الباحث ذاته أن أهل الصحراء يمارسون مجموعة من الألعاب التقليدية في ليالي رمضان، والتي تختلف بين رجالية وعلى رأسها لعبة “مرياس” وهي نوع من ألعاب الورق، ولعبة “الضومينو” ذات الجذور الإسبانية، ونسائية أهمها اللعبة الشائعة لدى الصحراويين وتسمى “السيك” وتعتمد على المهارات والقدرات الذهنية وتمارس على لوح خشبي أو فوق كومة من الرمل، هذا فضلا إلى الأسمار على “طبلة أتاي” التي تعني صينية الشاي ذات المكانة الخاصة في المجتمع الحساني.

وفيما يخص الطقوس الغذائية التي دأب أهل الصحراء عليها في رمضان، حسب بوزيد الغلى، فيعتبر “الزريك” المشروب البارد الذي لا يمكن أن تخلو منه أي مائدة صحراوية؛ وهو خليط من اللبن المخلوط بالماء نظرا للحرارة المفرطة، إضافة إلى مشروب آخر يسمى “تمبرما” وهو مزيج الحليب بكوكاكولا ويصنف ضمن المشروبات الباردة في الصحراء.

كما ذكر الباحث في التراث المادي الحساني شربة الحساء المعدة من الشعير بتوابلها كمكون أساسي للإفطار الصحراوي، على الرغم من أنه في الآونة الأخيرة طرأ تحول في تركيبة الحساء الصحراوية التي انتقل تحضيرها إلى استعمال القطاني وباقي قوامها المعروف في باقي المناطق.

وأورد بوزيد الغلى في تصريحه لهسبريس أن الشاي يعتبر المشروب الأساسي في الجلسات الرمضانية الصحراوية سواء أثناء الإفطار أو ما بعده، حيث إن الساكنة المحلية شديدة التعلق بمشرب “أتاي” ومن الشائع في الأوساط الحسانية عبارة “لي ما شرب أتاي يوجعو الرأس”؛ وهو ما يعني أن عدم شرب الشاي يسبب في آلام الرأس، إذ نجد أن الصحراويين يداومون على شربه حتى في وجبة السحور.

وختم الباحث نفسه متحدثا عن العادات الغذائية بالصحراء التي تغير بعضها وبقيت أخرى قائمة، مبرزا الإقبال الكبير في رمضان على لحم الإبل بوجبة العشاء نظرا لفوائده الصحية، مشيرا إلى أن الأسر ذات الدخل المريح تفطر على لبن وكبد الإبل، في حين تحوي موائد إفطار الأسر القاطنة بالمدن الساحلية على الأسماك والأرز كأكلة شهيرة في هذه المناطق.

المصدر : وكالات

قد يعجبك ايضا