الحراك الدبلوماسي الإيراني الدؤوب لتعزيز الشراكة مع روسيا

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات…. 

 

في الوقت الذي تستمر فيه الولايات المتحدة الأمريكية توجيه الإنتقادات للجمهورية الإسلامية الإيرانية، تقوم الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتحرك دبلوماسي وسياسي دؤوب من أجل أستثمار مناخ الإنفراج الإقليمي الذي تشهده المنطقة وخاصة بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية كاملة مع المملكة العربية السعودية وتوقيع مجموعة إتفاقيات، وكذلك الإتفاق مع السعودية بعد عودة العلاقات الدبلوماسية لإنتهاج المسار السياسي والدبلوماسي لتسوية أزمات الإقليم، إذ تسعى من جهة أخرى إلى تعزيز شراكاتها مع روسيا على أكثر من مستوى وبوتيرة متسارعة، وعلى المستويين الدفاعي والبحري، وبعد إمداد روسيا بالطائرات المسيرة، تعمل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الفترة الأخيرة على تعزيز التعاون البحري العسكري معها، إذ زار قائد البحرية الروسية الأدميرال نيكولاي يفمينوف طهران مؤخراً لمناقشة تعزيز التعاون العسكري الثنائي، وكان قد جاء مسعى الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى تشكيل تحالف بحري مع روسيا في ظل انتقادات واشنطن لها في شأن ما ينظر إليه على أنه سلوك إيراني مزعزع للأستقرار في الممرات البحرية، وتستمر المكايدة الإيرانية للولايات المتحدة، إذ دعا قائد البحرية الإيرانية إلى تشكيل لجنة مشتركة لمزيد من التفاعل في المجالات التدريبية والفنية، وتأتي هذه الخطوات بعد شهرين من إجراء إيران وروسيا والصين تدريبات بحرية مشتركة لمدة أربعة أيام في خليج عمان، وتحاول إيران وضع سلوكها في الممرات البحرية والأنتقاد الأميركي المقابل له في إطار إرادة الولايات المتحدة لتعطيل المثلث الإيراني ــــ الصيني ــ الروسي وعرقلة التعاون الثلاثي، وكرد فعل على أحتجاز القوات البحرية الإيرانية ناقلتي النفط أدفانتج سويت التي ترفع علم جزر مارشال ونيوفي التي ترفع علم بنما، أعلن البنتاغون خططاً لإرسال تعزيزات إلى الخليج العربي بفعل المضايقات المتزايدة من القوات الإيرانية في الممرات البحرية، وكانت قد أعلنت البحرية الأميركية بأنها ستزيد الدوريات المخطط لها مع الحلفاء في مضيق هرمز وحوله رداً على سلسلة من عمليات الأستيلاء على ناقلات تجارية من إيران، ومن ثم تعمل الأخيرة على أستعراض قوتها البحرية في مياه الخليج العربي عبر إعتراض ناقلات النفط ومناوأة البحرية الأميركية من جهة، وتعزيز التعاون البحري مع روسيا من جهة أخرى، ويأتي تعزيز التعاون البحري والدفاعي بين روسيا وإيران في إطار محاولة الدولتين التحايل على العقوبات الأميركية في إطار جهودهما لتعزيز التجارة الثنائية، ويمتد التعاون ليشمل توقيع الطرفين صفقة سكك حديدية بقيمة 1.6 مليار دولار، إتفقت الدولتان على بناء خط سكة حديد بين مدينتين إيرانيتين، وتعد الصفقة جزأً من ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب الذي يعمل الطرفان على تطويره مع الهند لمنافسة قناة السويس، ويبقى يهدف الأتفاق إلى بناء خط سكة حديد بطول 162 كيلو متراً بين مدينة رشت الإيرانية على بحر قزوين ومدينة أستارا الإيرانية على الحدود مع أذربيجان، وتعمل إيران وروسيا منذ سنوات على تعزيز التجارة، بما في ذلك عبر ممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب، ويحاول البلدان تطوير علاقاتهم الإقتصادية للتعايش في ظل العقوبات المفروضةعليهما، فعلى المستوى الإقتصادي، وقعت إيران وروسيا مذكرة لإنشاء مركزين تجاريين متبادلين في طهران وسانت بطرسبورغ، كما أعلنت طهران أنها بدأت إستخدام عملتها الخاصة (الريال) والروبل الروسي في التجارة الثنائية بينهما، وتأتي تلك الخطوة كجزء من جهد لتقليل الإعتماد على الدولار الأميركي في المعاملات التجارية، كما وقع الطرفان على إتفاق الرسائل المالية بين مصرفيهما، التي جاءت رداً على نظام الرسائل المالية الدولي الذي يحظر البنوك من كلا البلدين بسبب العقوبات الأميركية والغربية، كما وقعت وروسيا صفقة بقيمة 497 مليون دولار لأستيراد سيارات من شركة صناعة السيارات الإيرانية سايبا، وكرد فعل على التعاون الروسي – الإيراني حذرت واشنطن من أن البلدين يوسعان شراكتهما الدفاعية غير المسبوقة، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي إن التفاعلات بين إيران وروسيا في الأمور المتعلقة ببيع أسلحة متطورة، وبخاصة الطائرات من دون طيار، مستمرة إلى الآن، وكلما حاصرت العقوبات الأميركية كلاً من روسيا وإيران أتجهه الطرفان إلى تعزيز الشراكات بينهما، إذ أعتبر الرئيس إبراهيم رئيسي أنه بمجرد اكتمال الصفقة الموقعة مع روسيا ستتعزز التجارة الإقليمية، مشيراً إلى الإمكانات الكبيرة في العلاقات معها، وكان قد زار نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إيران لمناقشة مشاريع جديدة في مجال التنقيب عن النفط والغاز، وقال الوزير الإيراني جواد أوجي إن الشركات الروسية تستثمر حالياً في سبعة حقول نفطية إيرانية، وتم الأتفاق على أن تستثمر موسكو في تطوير ستة حقول أخرى، كما إفتتح ثاني أكبر بنك في روسيا مؤخراً مكتباً تمثيلياً في إيران، إذ يتجه البلدان نحو ربط أنظمتهما المصرفية للإلتفاف على العقوبات الدولية، ويبقى من الواضح أن إدارة الرئيس إبراهيم رئيسي تعمل على تحقيق دبلوماسيتها بقيادة الدبلوماسي البارع الدكتور حسين أمير عبد اللهيان التي أعلنتها منذ توليها الحكومة، وهي عدم الإعتماد على فتح آفاق تواصل مع الغرب، بل النظر شرقاً نحو آسيا وروسيا وجيران إيران الإقليميين لتعزيز وضعها الإقتصادي والتحايل على الضغوط الإقتصادية الأميركية، لكن من جانب آخر تستمر سياستها في إحداث توترات في مياه الخليج لمناوأة الولايات المتحدة والضغط عليها.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
بيروت 19/5/2023

قد يعجبك ايضا