سينجح الرئيس عباس لترسيخ العلاقات الفلسطينية الصينية التاريخية أكثر لتكون لصالح قضيتنا الفلسطينية بشكل كامل ولماذا ذهب لوحده للصين…؟
أحمد إبراهيم احمد ابو السباع القيسي…..
يقوم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بزيارة إلى الصين لمدة أربعة أيام كأول زيارة لمسؤول عربي على مستوى القيادات هذا العام ٢٠٢٣م، وهي الزيارة الخامسة له للصين تلبية لدعوة رسمية تلقاها من الرئيس الصيني شي جين بينغ، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه ويدور في عقول كل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات لماذا ذهب الرئيس عباس لوحده ولم يأخذ معه بعض قادة الفصائل من منظمة التحرير الفلسطينية أو من قادة المقاومة في غزة كحماس والجهاد الإسلامي لتكون الزيارة ممثلة لكل الشعب الفلسطيني رسميا وشعبيا داخليا وخارجيا، ولنضمن نجاح تلك الزيارة وليتم طرح كل ما يجول في الفكر الجمعي الفلسطيني الرسمي والشعبي حول قضيتهم وما يريدون تحقيقه وطرحه أمام الرئيس الصيني شي جين بينغ وكل قادة الصين….
أما مواقف الصين من قضيتنا الفلسطينية فهي مواقف مشرفة ومعروفة ومواقف تنادي دائما بإعادة حقوق الشعب الفلسطيني له وتطالب بما يطالب به بعض العرب والمسلمين الموافقين على وعود ما يسمى بحل الدولتين وهي تطالب بتنفيذ حل الدولتين وفقا لقرارات الشرعية الدولية والمبادرة السعودية العربية، وتدعم الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتبحث دائما عن مدخل لها لتأخذ دورها في حل القضية الفلسطينية حلا شاملا عادلا دائما والعودة لتطبيق بنود إتفاقية أوسلو التي جرت بين الفلسطينين والكيان الصهيوني المسمى بإسرائيل، وهنا لا ندعي بأن الزيارة غير مهمة لكن أهمية الزيارة تتركز على ما يتم طرحه من قبل من يمثل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والشعب الفلسطيني بأكمله أمام القادة الصينين…
والمفروض أن هذه الزيارة جرت منذ إرسال الدعوة الرسمية للرئيس عباس من قبل الصين، وكانت ستكون أكثر أهمية ومكتملة لو كانت جامعة لممثلي الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، خصوصا أنها في إطار دعوة مباشرة من الرئيس الصيني والذي يعمل ليلا ونهارا للخلاص من الهيمنة الأمريكية التي تدعي أنها تعمل على حل الصراع بحل الدولتين كما يصرحون منذ عشرات السنين لغاية أيامنا الحالية وأيضا تعمل الصين وبالتنسيق مع روسيا وإيران على إنهاء هذه الهيمنة الأمريكية خاصة والغربية عامة على منطقتنا والعالم أجمع، ليكون هناك عدة أقطاب من مختلف دول وشعوب العالم ضمن نظام دولي جديد وتغيرات دولية وأممية في كل منظمات ومجالس وهيئات الأمم المتحدة…
والصين تسعى دائما لحل النزاعات والحروب بطرق سلمية وبالحوار والتفاوض المباشر وهي كما لها علاقات سياسية وعسكرية وإقتصادية وسياحية…وغيرها مع الفلسطينين والعرب والمسلمين لها أيضا علاقات مع الكيان الصهيوني وحجم الإستثمارات الصينية في الكيان الصهيوني أي في الأراضي المحتلة ٤٨ كبير جدا ويعد بالمليارات وفي كافة المجالات، وهنا على الرئيس عباس أن يستغل تلك الزيارة لتوضيح الصورة بشكل كامل أمام قادة الصين عن حجم تآثير تلك الإستثمارات على الشعب الفلسطيني لأنها تعطي قوة عسكرية وإقتصادية وتوسعية ببناء المستوطنات وسرقة الأراضي الفلسطينية لذلك الكيان الصهيوني المحتل لأراضينا ومقدساتنا منذ ٤٨ لغاية اليوم، فتلك الزيارة يجب أن تكون فرصة للرئيس عباس وللفلسطينين والعرب والمسلمين لطرح كل المواضيع الصغيرة والكبيرة التي تساهم بها الصين دون علمها بالحقيقة وتقوي ذلك الكيان الصهيوني فهي تعتقد أنها تتعامل مع دولة قائمة وشعب موجود بالملايين كأي شعب في المنطقة وكل ذلك تم عبر سنوات من نشر الرواية الصهيونية الكاذبة والمزورة للتاريخ على دول العالم أجمع وليس على الصين فقط، والدول العربية آنذاك كانت تعيش في سبات عميق ولم يعملوا على كشف تلك الأكاذيب والتزوير التاريخي الذي ترويه القيادات الصهيونية أينما حلت…
والصين لها دور كبير في المنطقة والعالم ولها تآثيرها على المباشر على ذلك الكيان الصهيوني وتستطيع أن تكون وسيطا نزيها للفلسطينين والعرب والمسلمين للتدخل بحل القضية الفلسطينية وعودة اللاجئين إلى ديارهم وإيقاف الإستيطان، والإعتراف بالقدس عاصمة أبدية للشعب الفلسطيني ولدولة فلسطين…وغيرها من الأمور التي تثبت وتعيد الحقوق الفلسطينية فقط لو هددت ذلك الكيان الصهيوني بسحب كل الشركات والإستثمارات من مناطق ٤٨ المحتلة، وبتلك الأمور تقلب الطاولة على رأس أمريكا وبريطانيا خاصة والغرب عامة المحرضين والداعمين دعما لوجستيا مطلقا لذلك الكيان الصهيوني المصطنع والذين صدعوا رؤوس قادة المنطقة والعالم بحل الدولتين منذ عشرات السنين مجرد وعود وعهود وإبر تخدير لكسب الوقت لتنفيذ مخططاتهم التلمودية في فلسطين والمنطقة وآسيا وإفريقيا والعالم أجمع…
وأيضا تكمن أهمية تلك الزيارة بأن السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني وكل فصائله تؤكد عمليا بأن الإدارة الأميركية ليست وسيطا نزيها وإنما شريك وطرف داعم للكيان الصهيوني المختل والمحتل لأراضينا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وأن هناك دولا أخرى صاعدة تستطيع القيام بدور الوسيط النزيه كروسيا والصين، وهذا الأمر يزعج أمريكا والغرب كما ازعجها التقارب العربي والإسلامي مع الصين وروسيا، ويخيفها كثيرا من أن تقوم الصين بحل الخلاف وحل الدولتين وفقا لقرارات الشرعية الدولية والمباردة السعودية العربية، لأن أمريكا تدعي بحل الدولتين دون تنفيذ تلك القرارات الدولية الملزمة للكيان الصهيوني فقط وعود وعهود للعرب والمسلمين وما يهمها فقط هو مصالحها ومصالح كيانها لبقاء سيطرتهم على المنطقة بالترغيب والترهيب، لكنه زمن ولى ولم يعد ترغيبهم ولا ترهيبهم يقنع أو يخيف أحدا في المنطقة والعالم أجمع…
وما يخيف أمريكا والغرب ان تنجح الصين بذلك كما نجحت بالتوفيق والمصالحة بين إيران والسعودية، وبين العرب أنفسهم خلال إجتماعاتها في السعودية مع مجلس التعاون الخليجي ومع جامعة الدول العربية، وأمريكا والغرب وكيانهم الصهيوني يعلمون جيدا وعلم اليقين بأنهم فقدوا هيمنتهم وسيطرتهم على المنطقة والعالم وحتى على شعوبهم التي تقوم وبشكل يومي بمظاهرات تنديدا لسياسات قادتهم ودعمهم للكيانيين الصهيونيين النازيين المحتلين لأوكرانيا وفلسطين، وعلى الصين أن تعلم جيدا بأن من يحتلون تايوان الأرض الصينية هم أدوات وكيان صهيوني نازي آخر لأمريكا والغرب واليهود الصهاينة داخل أراضي الصين الموحدة…
وعلى الرئيس عباس أن يطرح هذه المقاربة بين الكيان الصهيوني الذي جاء من دول الغرب وأحتل وطنا وهجر أهله وسفك دمائهم وأقام دولة بتواطئ دولي على أرض ليست له ولا يملك منها حبة تراب وبدأ بالتوسع داخل فلسطين وفي الدول العربية المحيطة بفلسطين لأن هذا فكرهم التلمودي اليهودي الصهيوغربي الإستعماري التوسعي حب السيطرة والهيمنة تماما كالكيان والأدوات التي تحتل تايوان وبدعم صهيوأمريكي غربي ولو ان هناك إختلاف بسيط، وهنا يتم معرفة الدور الصيني الفعلي الذي ستلعبه لحل القضية الفلسطينية ومدى جديتها بذلك لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، كبديل لأمريكا والغرب ووسيط نزيه ومحايد…
والصين معروف عنها انها دولة تعمل على حل الازمات وخفض التوترات والبحث عن حلول جذرية لأية خلافات داخل الصين بقضية تايوان الصينية وخارجها وتؤمن بالحوار المباشر ومتابعة المفاوضات حتى لو إستغرقت سنوات عدة، وتنادي بالتعاون والشراكة والتنمية والإعمار والفائدة للجميع بين الدول والشعوب، وهي لم ولن تفرط بحجم علاقاتها السياسية والعسكرية والإقتصادية والنفطية والسياحية والثقافية وإستثماراتها المتبادلة مع الدول العربية والإسلامية والتي تقدر بالتريلونات من الدولارات مقابل مليارات مع الكيان الصهيوني وهذه نقطة يجب ان يظهرها عباس للقادة الصينين أيضا، وأن العرب والمسلمين جميعا ومن ضمنهم مسلميي ومسيحيي الصين لم ولن يتخلوا عن حقوق الشعب الفلسطيني وعن مقدساتهم الإسلامية والمسيحية التي يحاول الكيان الصهيوني هدمها وتقسيمها وتهويدها والسيطرة عليها كاملة، وبذلك يكون للصين تآثير قوي لأن لديها صينين مسلمين ومسيحيين ولهم مقدسات دينية في فلسطين المحتلة فهم يزورون المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والمهد وبشكل شهري وسنوي ويشاهدون ظلم وغطرسة وتحكم المحتل الصهيوني بالشعب الفلسطيني ولهم أيضا كزوار للأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية…
نرجوا ان تنجح هذه الزيارة وتكشف كل الأكاذيب التاريخية لرواية الفكر الصهيوني التلمودي والغربي المتصهين الكاذب والمزور وبشكل مفصل أمام القادة الصينين، وأن تجد الصين حلولا جذرية وليست مؤقتة لمعاناة الشعب الفلسطيني من ظلم ذلك الإحتلال وجرائمه اللحظية واليومية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني ويندى لها جبين الإنسانية، وأن تترسخ هذه العلاقة الفلسطينية الصينية بشكل أكبر وبوتيرة أسرع وأن يتم توقيع إتفاقيات شراكة وتعاون وإستثمار وتنمية وبناء وإعمار في كل الأراضي الفلسطينية وفي غزة بالذات لفك الحصار الصهيوأمريكي غربي الظالم والجائر عنها وعن مليوني مواطن فلسطيني فهل تنجح الزيارة..؟ وهل سينجح الصينين بحل القضية الفلسطينة على الأقل وفقا لقرارات الشرعية الدولية والمبادرة العربية كما يطالب بعض قادة العرب والمسلمين، وهل سيقتنع او يقبل الكيان الصهيوني بأي حلول صينية وفقا لما ذكر سابقا وينفذها؟ هذه الأسئلة…وغيرها نتركها للأيام والأشهر والسنوات القادمة حتى نحصل على الإجابة الحقيقية بصناعة وتكنولوجيا وذكاء إصطناعي من العقول الذكية الصينية والفلسطينية….
أحمد إبراهيم احمد ابو السباع القيسي…
كاتب ومحلل سياسي…