من إيران الإسلامية إلى أمريكا اللاتينية الجنوبية إلى روسيا سان بطرسبرغ رسائل متعددة بالمتغيرات الدولية القادمة…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي..
كانت زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دول أمريكا اللاتينية الجنوبية فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا ناجحة وبإمتياز حيث تم تأكيد وعمق العلاقات الثنائية الإيرانية مع تلك الدول وعلى أعلى المستويات بتوقيع ٣٥ إتفاقية إستراتيجية ثنائية وبكافة المجالات، فالثورة الإيرانية والثورة البوليفارية الجنوبية هي ثورات حقيقية تجمع بينها اوجه كثيرة وهي متشابهة وكأنها ثورة واحدة وموحدة وبكل أهدافها وخططها وإستقلالها ومبادئها وقيمها وأصالتها النابعة من الشعوب المظلومة بحق، حتى نتائج نجاح تلك الثورات وثمار إنتصاراتها أصبحت إنموذجا يحتذى به في العالم أجمع، لأنها كانت وما زالت تواجه العملاء والخونة والأدوات من الداخل وأسيادهم الطغاة والمستبدين والمستكبرين الإمبرياليين الأمريكيين خاصة والغربيين عامة من الخارج، فهي ثورات تغلبت على حصارهم وعقوباتهم ومحاولات هيمنتهم وتسلطهم ونهبهم وسرقتهم لثروات وخيرات دولهم وشعوبهم وهزمت دولة اللصوص في أمريكا، والذين كانوا ينهبون خيرات تلك الشعوب زمن أدواتهم المعينين من قبلهم دون حسيب او رقيب يحاسبهم على افعالهم الدنيئة…
فجاءت تلك الثورات الحقيقية في إيران الإسلامية وفي أمريكا البوليفارية ونجحت وإنتصرت على عملاء أمريكا والغرب وبدأت منذ ذلك الوقت لغاية أيامنا الحالية بمناهضة ومحاربة الهيمنة الأمريكية الغربية وكانت من أوائل الدول التي حاربت وما زالت تحارب للقضاء على ما يسمى القطب الأوحد الذي حاول تثبيت وبقاء هيمنتة على تلك الدول وما زال يحاول عبر تاريخه الأسود المليئ بجرائمه التي إرتكبت بحق شعوب تلك الدول الحرة والمستقلة وبحق الإنسانية جمعاء على وجه هذه الأرض المباركة، ومن تابع تصريحات القادة في لقاءاتهم الثنائية يعلم جيدا بأن تصريحاتهم وخطاباتهم والإتفاقيات الموقعة هي رسائل تحدي وصفعات قوية لأمريكا تؤكد لها بأن كل ما إرتكبته من جرائم وأفعال لا إنسانية وما زالت ترتكبه بحق دولنا وشعوبنا هزم وفشل بكل ما تعنيه الكلمة من هزيمة وفشل ونحن في حالة نجاح ونصر دائم ولقاءاتنا الثنائية والإتفاقيات الموقعة دليلا على تحقيق النصر…
ومن إيران الإسلامية وفنزويلا ونيكاراغوا وكوبا إلى روسيا الإتحادية ومؤتمر سان بطرسبورغ الإقتصادي والذي شارك فيه (١٧٠٠٠) من قادة الدول وعلى رأسهم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وسمو الأمير محمد بن زايد آل نهيان، ورجال الأعمال والمستثمرين وبكافة المجالات والتخصصات من (١٣٠) دولة من دول العالم، والذي جمع كل أحرار وشرفاء العالم الذين يناهضون ويحاربون الهيمنة الأمريكية الغربية على دولهم وشعوبهم والتي تعرقل التنمية الشاملة والبرامج والخطط الإقتصادية والمالية بين الدول والشعوب لتبقى هيمنة دولارهم النجس تسيطر على كل تلك البرامج والخطط والمشاريع ويكون لها الحصة الأكبر من تلك المعاملات المالية والإقتصادية…
فمعظم رجال الأعمال والقادة المشاركين في المؤتمر أصبحت دولهم تتعامل بالتبادل التجاري والصناعي والعسكري مع روسيا والصين وإيران بعملاتها الوطنية المحلية وبذلك تكون الفائدة لعملاتهم ففط، الأمر الذي جعل تلك العملات في صعود مقابل نزول الدولار الذي فقد قيمته العالمية منذ عدة سنوات والدليل إفلاس معظم البنوك الأمريكية والأوروبية وكل من تتعامل بنوك دولهم بالدولار مقابل عملاتهم الوطنية، أو تربط معاملات بنوكهم المركزية مع البنك الفيدرالي الأمريكي وبصندوق النقد الدولي الصهيوأمريكي غربي الذي تحكم بقرارات الدول والقادة وجعلهم أتباع له وظيفتهم الجباية من شعوبهم تنفيذا لمخططات الصهيوأمريكيين خاصة والغربيين عامة ونهب خيرات وثروات الدول والشعوب التي حباها الله لها وأفقروها…
وكان خطاب الرئيس الروسي بوتين في المؤتمر خطابا شاملا يبعث عدة رسائل إقتصادية وسياسية وعسكرية ودينية وحتى ثقافية للداخل الروسي ولجيرانه وحلفائه من الدول الإسلامية والمسيحية المحيطة بروسيا وحلفائه في آسيا الصين وإيران والدول العربية وفي أمريكا الجنوبية وإفريقيا ليؤكد لهم بأننا على العهد وأننا نشهد عالم جديد متعدد الأقطاب قريبا ويجب أن تكونوا جميعا أقطابا قوية حرة مستقلة فيه، ورسالة كانت للعرب حينما رد على سؤال مدير الجلسة بأن أمريكا تتهمه بمحاولات إسقاط الدولار من خلال التعامل بالروبل الروسي وبعملات الدول الوطنية الأخرى، فرد بوتين على مدير الجلسة بأنه لا يعمل على ذلك ولكن تحكم أمريكا ودولارها بالدول والشعوب هو الذي جعل روسيا وغيرها من الدول تبتعد عن التعامل بالدولار وتتعامل بعملاتها الوطنية وبكل المجالات…
ووجه بوتين رسالة مهمة للعرب جميعا أرجو أن يقرأها قادة العرب بشكل جيد، حينما وجه سؤال للرئيس عبد المجيد تبون بأن الدول العرببة تطمح لأن يكون لها عملة موحدة مقابل الدولار أليس كذلك، فأجابه الرئيس عبد المجيد تبون بأن الجزائر بدأت بكل معاملاتها المالية والإقتصادية الخارجية بالعملة الوطنية، ونتمنى ذلك أي أن يكون عملة عربية موحدة مقابل الدولار وأكد الرئيس تبون بأن هناك عملات عربية قوية أمام الدولار كالريال السعودي والدرهم الإماراتي وقالها بالعامية (يا ريت يا ريت)، وكل الشعوب العربية تقول لقادة الدول العربية (يا ريت) وأنه حان الوقت الذي تكون فيه عملة موحدة لكل الدول العربية والإسلامية ويجب العمل على ذلك وسريعا لنعيد موقعنا ليس السياسي والعسكري…وغيره في المتغيرات الدولية القادمة ولكن لنعيد موقعنا الإقتصادي والمالي في العالم أيضا كقوة إقتصادية ومنطقة عربية وإسلامية لا ينقصها شيئ وفيها الكثير من الثروات والخيرات التي تجعل تلك العملة الموحدة العربية والإسلامية من أقوى العملات النقدية والورقية عالميا…
وأيضا وجه رسائل لأمريكا والغرب ودعمهم اللوجستي لزيلنسكي والنازيين الجدد ليقول لهم بأن كل ما إرتكبتموه من ٢٠١٤ مرورا بالعملية الخاصة الروسية إلى يومنا الحالي بحق شعب أوكرانيا وشعب الدونباس الروسي المظلوم والحرب الهمجية الناتوية على روسيا والعقوبات والحصار إرتد عليكم بكل ما تعنيه الكلمة فأسلحتكم ودباباتكم حرقت وستحرق طائرتكم التي ستدعمون بها النازيين الجدد، ومخازن أسلحتكم أصبحت خاوية، ومعدلات التضخم عندكم في إرتفاع وشعوبكم من عقوباتكم وسياساتكم الخاطئة تعاني الفقر والبطالة، وروسيا وكل حلفائها إنتصروا وهزيمتكم ظاهرة أمام العالم فروسيا معها كل الدول وهذا المؤتمر دليل على ذلك ولم ولن يتم عزلها كما خططتم علنا وفي الغرف المغلقة، وأنتم المحاصرين والمعزولين والمنبوذين من كل شعوب ودول العالم، وبنفس الوقت قال بأن روسيا تؤمن بالحوار والمفاوضات وأبوابها مفتوحة دائما وترحب بكل إتفاقيات تنهي هذه الحرب الناتوية قبل أن تتحول لحرب نووية، لكن أمريكا والغرب وزيلنسكي يرفضون ويضعون شروط لا تتماشى مع الإنتصارات العسكرية وما يجري في الميدان العسكري على الأرض وفي كل الميادين ومنها الإقتصادية والمالية….
واليوم أصبحت شعوب الدول الغربية تعاني من غلاء المعيشة وزيادة فاتورة الطاقة وحجم التضخم وإزدياد معدل البطالة والفقر…و…وغيرها من الأمور التي تمس حاجيات حياتهم اليومية وكل ذلك من سياسات قادتهم وحكوماتهم الخاطئة، ويخرجون بمظاهرات يومية ضد قادتهم وحكوماتهم لدعمهم لزيلنسكي والنازيين الجدد وتبعيتهم الكاملة لحلف الناتو وإذا وجدت الحكمة عند هؤلاء القادة فإنهم سيعملون على تصويب أخطائهم وأوضاعهم ويراجعون سياساتهم إتجاه روسيا والصين وإيران وكل حلفائهم في منطقتنا والعالم وإلا ستثور عليهم شعوبهم بثورات لا تبقي ولا تذر، وقريبا جدا سيأتي اليوم الذي تعترف به أمريكا خاصة والغرب عامة بإنتهاء قطبهم الأوحد وسيلحقون بالركب حفاظا على ماء وجوههم وحتى يبقى لهم دور وموقع في المتغيرات الدولية والأممية متعددة الأقطاب القادمة لا محالة إن لم يكن اليوم فغدا وغدا لناظره قريب…
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي..
كاتب ومحلل سياسي..