الصحف الإسرائيلية 30-7-2016
الدولة الاسلامية التي تمتد بين سوريا والعراق تؤكد الى أي حد محاولة الغرب لفرض حدود ودول هي محاولة فاشلة وكاذبة
بقلم: أوري غولدبرغ
يفترض القول بعد قتل القسيس الفرنسي في يوم الثلاثاء، إن تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) أعلن عن بدء الحرب الدينية. هذا بالتأكيد كان الانطباع الفوري للكثيرين عندما اتضحت تفاصيل ما حدث داخل الكنيسة بالقرب من روان. هل يمكن أن يكون هناك تفسير آخر لهذه الفظاظة، والاخلال بالقوانين الانسانية المتفق عليها؟ المتطرفون الحقيقيون لا يؤمنون بالرمادي. بالنسبة لهم يوجد فقط أسود وأبيض، ومن هو ليس معهم، فانه بالتأكيد ضدهم، لذلك فهو يستحق الموت.
هل اعلان داعش عن مسؤوليته عن القتل في الكنيسة – الذي هو حلقة اخرى في سلسلة الاحداث في اوروبا – هو مثابة بداية حرب الديانات العالمية؟ يبدو أن لا. فالاسلام لم يسبق له أن كفر بحق وجود المسيحية واليهودية، وداعش ايضا لا يعتبر أن قتل المسيحيين واليهود هو انجاز. هذه الفكرة التي تقول إن الدين الذي يطمح الى أن يكون “حقيقيا” يمكنه أن يفعل ذلك فقط اذا لم تكن حوله أديان اخرى، هي في الاصل فكرة مسيحية. داعش نفسه الذي يتحدث باسم الخلافة الاسلامية لا يقوم بادارة حرب من اجل وجود الاسلام لوحده. داعش يؤمن أن الاسلام يجب أن يسيطر على العالم. ومن اجل حدوث ذلك، ليس بالضرورة أن يكون الجميع مسلمون.
إن ما حدث في كنيسة روان هو مزعزع بمستوى عنفه. ولكن مع ذلك، هو عمل هاو. لقد أثبت نشطاء داعش أنهم قادرون على تنظيم وتنفيذ عمليات مؤلمة ولافتة أكثر بكثير. ويبدو بوضوح أن القتل في فرنسا نفذه شابان غاضبان ومحبطان. احيانا، غضب كهذا واحباط كهذا، دون تجربة أو التزام ايديولوجي قاطع، هما اللذان يخلقان الزعزعة الكبيرة الى هذا الحد. المذبحة التي تمت قبل بضعة اسابيع في نادي المثليين في فلوريدا تظهر ذلك جيدا. لو كانت قيادة داعش تريد فتح حرب دينية شاملة لكانت قامت بعمل مؤلم أكثر. ومع ذلك فان حرب داعش هي حرب دينية. بشكل أدق، داعش يحارب حرب اولئك الذين يؤمنون ضد الذين لا يؤمنون. الجانب الديني في هذه الحرب يعرف بيقين أنه على حق وأنه سينتصر. داعش يؤمن أن هذا ما سيحدث في نهاية المطاف بعد أن تنتصر قوى الخير على قوى الشر في معركة واحدة كبيرة وأخيرة. موعد هذه المعركة قد يكون قريبا، ولكن في جميع الحالات، الله هو الذي سيقرر متى ستحدث. السؤال الذي يواجهه داعش هو ماذا يستطيع المؤمنون أن يعملوا حتى يقرر الله، وماذا سيفعلون في هذا الوقت المتبقي؟.
جواب داعش واضح وقاطع. من يؤمن بأن النظام الالهي هو النظام الصحيح، فيجب عليه اظهار الى أي حد المحاولات الانسانية في وضع نظام للعالم، هي كاذبة. هدف داعش هو أن يظهر طوال الوقت وفي كل مكان أن القيم والمباديء هي مجرد قشرة ضعيفة وفارغة. وداعش لا يترك أي ساحة يستطيع أن ينقل من خلالها هذه الرسالة.
تنظيم الدولة الاسلامية الذي ينتشر بين سوريا والعراق يؤكد الى أي حد التجربة الغربية لفرض حدود ودول على مملكة الاسلام هي محاولة خاطئة وكاذبة. قائد الشاحنة في نيس الذي زعم أنه أحضر البوظة لاحتفالات يوم الباستيل أظهر السهولة التي قد تتحول فيها الفرحة الغربية بخصوص القومية وقيم الثورة الفرنسية الى حداد. قتل رجل الدين المسن يظهر الى أي حد الكنيسة التي ابتعدت اوروبا عنها أكثر فأكثر، لا يمكنها تقديم العزاء أو الوحدة الجماهيرية. داعش لا يريد قتل المسيحيين، بل هو يريد القول لاوروبا الشبعى والعلمانية إنها تزعم الرحمة والرأفة، وهذا كاذب وفارغ.
قيادة داعش لم تخطط للقتل في الكنيسة. لكن هدف داعش والتزامه بتحويل العالم من الداخل، تقاطع مع عملية القتل.
اسرائيل اليوم
