*تغير*

بلال حسن التل ….

لايحتاج المرء إلى طويل تأمل، حتى يتأكد من حجم التغير الذي اصاب مجتمعنا خاصة من ناحية القيم والمفاهيم والعلاقات، وهي تغيرات في معظمها سلبية للاسف الشديد.

من التغيرات السلبية الشديدة التي اصابتنا، هي تلك التي تتعلق بعلاقتنا بالأرض، فقد كانت هذه العلاقة العقود قريبة جدا، علاقة متينة إلى حد التقديس، فقد كانت الأرض بالنسبة لنا جزء اساسي من هويتنا الوطنية، ومن انتمائنا، ومن مكانتنا الاجتماعية، ومن قدرتنا على الإنتاج، فقد كنا نزرع ارضنا لنأكل مما نزرعه، فكان رغيف خبزنا من قمح ارضنا، إلتي قال فيها اجددنا ارضنا عرضنا، والعربي الاصيل هو من يعرف ماذا يعني العرض له، ومن ثم الأرض فقد كانت الأرواح ترخص في سبيلهما.

كان ذلك قبل أن تتغير نظرتنا للارض، فصارت مجرد سلعة يمتلكها من يدفع أكثر، بصرف النظر عن جنسيته، لذلك تحولت حقول القمح في بلادنا إلى غابات اسمنتيه، لايعرف سكانها بعضهم البعض، ولم يعد الجار يعرف جاره،ولم نعد نأكل من قمح بلادنا وصر مصير رغيف خبزنا بيد سوانا.

وارتباطا بالأرض والعرض، لابد من القول بأن الاحتشام بكل شيء، خاصة في الملبس كان سمة مجتمعنا العربي، فما ان تغيرت علاقتنا بالأرض حتى تغيرت علاقتنا بالاحتشام، وصار السباق بالتعري هو السبيل لحصد علامات الإعجاب أكثر فأكثر، وصارت الاشهر بالتعري هي الأكثر نجومية والأكثر شهرة، دون أن ندرك الآثار التربوية لهذا التغير من ثقافة الاحتشام إلى ثقافة التعري، خطورة ان تصير بعض من هن أكثر تعري، قدوة لاجيالنا الصاعدة بنينا وبنات؟ .

ومن أوجه التغير السلبي التي إصابة منظومة مفاهيمنا وعلاقتنا، هي العلاقة بالسفارات اي كانت جنسيتها، فقد كانت هذه العلاقة مع أي سفارة سبة، يتدارى صاحبها عن عيون الناس، منكرا هذه العلاقة.

كان ذلك قبل أن تظلنا أياما صارت فيه العلاقات مع السفارات الاجنبية قبل العربية، مصدر فخر لأصحابها يتباهون، بها على وسائل الإعلام، وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وصارت احتفالات هذه السفارات تغص بالحضور، أكثر مما تغض به احتفالاتنا الوطنية، وصارت الندوات والمؤتمرات تعقد بتمويل من السفارات على رؤوس الاشهاد، وصار كثير من السفراء يتدخلون في تفاصيل حياتنا اليومية ويتواجدون علنا في دواوين بعض العائلات، ومقرات جمعياتها وروابطها، فهل يحدث هذا عند غيرنا؟.

الستم معي بأن التغير لايكون دائما للأفضل، وانه لابد من ترشيده؟.