على غرار 7 أكتوبر.. هل تفشل الاستخبارات الإسرائيلية في قراءة ما يدور في عقل خامنئي؟
ألوف بن …
يقترب نتنياهو من الوضع الذي يكرهه: اتخاذ قرار. عليه الآن الاختيار بين إنهاء الحرب و”صفقة المخطوفين”، كما تسمى في إسرائيل، وبين استمرار المناورات السياسية والدبلوماسية لكسب الوقت إلى حين حدوث شيء في صالحه، كما فعل منذ 7 تشرين الأول، وفي الواقع منذ توليه الحكم.
المرحلة الحالية للحرب بدأت عندما أخذت إسرائيل المبادرة ونفذت عدة اغتيالات لشخصيات رفيعة في حماس وحزب الله، في غزة وبيروت وطهران. من غير الواضح إذا كان نتنياهو وقادة الجيش وجهاز الاستخبارات اعتقدوا بأن عمليات التصفية ستحسم المعركة، أو أنهم أملوا بتحقيق إنجازات عملياتية ترفع معنويات الجمهور خائب الأمل في إسرائيل ومعنويات الجيش المتعب. المعنويات في إسرائيل ارتفعت وبحق لبضعة أيام، ولكن تبين لاحقاً بأن العدو لم يستسلم، بل يهدد برد شديد. الفرحة بـ “عمليات جيمس بوند” حلت محلها قشعريرة وخوف متزايد من وابل الصواريخ المتوقع من إيران ولبنان واليمين وحلقات “دائرة النار” التي تحاصر إسرائيل.
لجنة التحقيق في إخفاقات الحرب، إذا تم تشكيلها ذات يوم، فعليها فحص كيف لم تلاحظ إسرائيل الانعطافة في سياسة إيران، وقرار الحاكم علي خامنئي الرد مباشرة على الاستفزازات المتكررة لـ “الكيان الصهيوني”، بدلاً من التجاهل أو الاختباء وراء الحلفاء والمنظمات الموجودة في الجبهة. لم تستوعب إسرائيل الرسالة حتى بعد وابل الصواريخ والمسيرات التي أطلقتها إيران في نيسان رداً على اغتيال ضابط حرس الثورة في دمشق. في حينه، تبين أن الاستخبارات الإسرائيلية مع كل الإنجازات التكتيكية المثيرة للانطباع، لا تملك أي فكرة عما يدور في ذهن وساحة “المرشد الأعلى” في طهران. تقدير الاستخبارات كان وما زال “سيكون الأمر على ما يرام”.
لم يكن خامنئي الوحيد الذي جعل خطأ إسرائيل فرصة؛ فالرئيس الأمريكي بايدن، الذي يريد إنهاء الحرب في قطاع غزة وتخليص حملة نائبته كامالا هاريس من غضب من يؤيدون الفلسطينيين، فقد لاحظ وجود فرصة غير مسبوقة للي ذراع نتنياهو. الإدارة الأمريكية تقود في الأسابيع الأخيرة عملية مزدوجة، استخدام الضغط على خامنئي وحسن نصر الله من أجل عدم الإسراع في مهاجمة إسرائيل، وإعطاء الفرصة لوقف إطلاق النار في غزة، ما سيجعلهم كمخلصين للفلسطينيين، وفي الوقت نفسه إرسال قوات كبيرة إلى المنطقة والموافقة على صفقة سلاح ضخمة مع الجيش الإسرائيلي، التي سيتدحرج تنفيذها إلى الإدارة الأمريكية القادمة.
بايدن في الواقع يقول لنتنياهو: أنقذ حيفا وتل أبيب من الدمار، وستحصل في المقابل على عدد من المخطوفين ورزمة مساعدات لترميم الجيش الإسرائيلي، وفي المقابل ستنسحب من قطاع غزة وإطلاق سراح كبار السجناء الفلسطينيين والسماح للسنوار بالقول إنه انتصر. في الداخل، يستمع نتنياهو لبن غفير وسموتريتش اللذين يهددان بإسقاط الحكومة، وفي المقابل، يسمع وزير الدفاع غالنت الذي فقد الأمل بالنصر، وقادة الجيش والاستخبارات، الذين على الأقل حسب التسريبات، يؤيدون الصفقة، أي أنهم يأملون وقف إطلاق النار. هم يعرفون أنه رغم تهديدهم بـ “ضرب كل مكان”، إلا أن إسرائيل لن تحقق “النصر المطلق” على إيران وحزب الله. وفي أي مواجهة معهم، هي ستحتاج إلى حماية أمريكا الملاصقة ومساعدة الدول السنية. من يدافع عنك يمكنه أيضاً أن يحصل على المقابل.
كان نتنياهو يفضل مماطلة الجميع إلى حين تراجع رد إيران، ثم يواصل اللعبة التي يكون فيها الجميع متعلقين به ويتلاعب بهم: فرّق تسد؛ لأنه إذا وافق على وقف إطلاق النار، فإن ميزان الرعب في الداخل بين اليمين المتطرف وقادة الجيش، الذي أبقى الجميع على كراسيهم رغم مسؤوليتهم المشتركة، ربما ينتهي مرة واحدة، رغم أنه لا يوجد في هذه الأثناء أي مرشح حقيقي لاستبدال نتنياهو، يطرح سياسة مختلفة أو هيئة أركان عامة بديلة.
لكن حتى إذا تساوق مع بايدن وخامنئي من أجل التوصل إلى الصفقة، وقام بتحدي بن غفير وسموتريتش بانسحابهما وفقدان قوتها في الشرطة وفي المالية، فإن نتنياهو قد يكسب. لأن وقف النار الآن سيحافظ على هدفه الأسمى على شكل حماس “حية ولكن ضعيفة”، أي أنها قوية بما فيه الكفاية من أجل إفشال أي تسوية أو أي مفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول تقسيم البلاد، وغارقة في إعادة إعمار الدمار في غزة، بحيث لا يمكنها شن هجوم آخر، على الأقل ما دام أن نتنياهو في الحكم. هذا السيناريو ينطوي أيضاً على إغراء لرئيس الحكومة.
ألوف بن
هآرتس 15/8/2024
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.