إيران لماذا تفضل كامالا هاريس على دونالد ترمب ..؟
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات ….
الأمور باتت تتضح أن القيادة في مؤسسة النظام الإيراني قد أختارت المرشحة الرئاسية للحزب الديمقراطي كامالا هاريس ونائبها تيم وولز وذلك بعد إجراء حسابات مثيرة ومعقدة، ولكن الخيار لم يكن صعب التكهن، إذ إن الخط الذي إنتهجه الرئيس السابق باراك أوباما ومن بعده الرئيس جو بايدن هو الخط نفسه الذي سوف تنتهجه المرشحة هاريس إن فازت، ولكن ربما أكثر إنخراطاً في تشدد أكبر قد يخدم مصالح طهران في نهاية المطاف، ولكن السؤال الكبير هو : ماذا يعني أن تختار إيران مرشحاً لدولة عظمى كالولايات المتحدة الأميريكية ..؟ هل لديها قوة إضافية للتأثير ..؟ وما سوف تكون نتيجة ذلك إن وصلت المرشحة الديمقراطية إلى البيت الأبيض ..؟ وتاريخياً كانت قد بدأت القيادة الإيرانية على زمن الراحل الأمام الخميني محاولاتها للتأثير في الإنتخابات الأميركية منذ ما بعد إحتلال الولايات المتحدة الأمريكية لأفغانستان وإجتياحها العراق وإسقاط النظامين، وصعقت هذه التطورات القيادة العليا في طهران ألتي خافت أن تلحق الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالنظامين ويقوم الأميركيون بإجتياح إيران وإسقاط النظام الذي أسسه الأمام الخميني قبل أربعين عاماً، وكانت قد أطلقت إيران إستراتيجية إسقاط القرار الأميركي في واشنطن قبل أن تسقط هذه الأخيرة الجمهورية برمتها، فبدأت بتوسيع نفوذها داخل الجامعات ومراكز الأبحاث والدراسات والشركات والبيروقراطيات والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، حتى تمكنت من أن تدخل مراكز القرار مع وصول باراك أوباما إلى الرئاسة في عام 2009، واستمرت بتوسيع نفوذها حتى توقيع الإتفاق النووي في عام 2015، وأدى هذا الأخير إلى قيام لوبي فعال ومتمكن مالياً، وتبين أن التأثير قد أسهم جزئياً في إيصال أوباما إلى السلطة أساساً، وكان قد أسهم اللوبي بقوة بالتصدي لوصول دونالد ترامب إلى الرئاسة في عام 2016، وعند وصول هذا الأخير إلى البيت الأبيض أسهمت هذه الكتلة المؤثرة بتكثيف المعارضة ضد ترامب لا سيما وأنه وجه ضربات متعددة للنظام في إيران بخروجه من الأتفاق في عام 2018 ووضع الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب في عام 2018 فحشد اللوبي كل قواه إلى جانب فريق أوباما – بايدن في عام 2020 لإسقاط ترامب، في وقت يعتقد الكثيرون اليوم بأن تمويلاً إيرانياً كان قد أسهم بتظاهرات صيف 2020 وبإنتفاضات إدارية ضد ترامب، وكانت هذه التدخلات المفترضة مكنت النظام من أن يفرض قوة اللوبي في الولايات المتحدة الأمريكية على صعيد السياسات الخارجية وبناء تحالفات سياسية واسعة حيال الشرق الأوسط، لم ينجزها إلا اللوبي المؤيد لإسرائيل، فأضحت إيران، في الوقت نفسه حيث تصطدم مع الوجود الأميركي في المنطقة، تخترق السياسات الأميركية في الداخل، ولا سيما في الجامعات والمؤسسات الإعلامية، وكانت العواصم العربية تتساءل عن مصدر نفوذ إيران في السياسة الأميركية، والجواب كان ولا يزال النفوذ المالي للأتفاق النووي ولكن ذلك أفترض أن تكون الأجهزة التنفيذية دائماً مؤيدة لأهداف اللوبي، وبالتالي دعم هذا الأخير بكل قواه ثمانية أعوام لأوباما، وأربعة أعوام لبايدن، وكان منطقياً أنه في عام 2024 سيضع اللوبي كل ثقله وراء بايدن، إلا أن أمراً ما كان قد فاجأ الجميع، وهو عدم تسرع المعسكر المؤيد للنظام في أميركا في دعم الرئيس بايدن في ترشيحه مرة ثانية للرئاسة، فبينما أنطلقت آلة الحزب الديمقراطي بقرار ترشيح الرئيس بايدن وهو التقليد القائم في الولايات المتحدة الأمريكية، التقليد نفسه الذي رشح أوباما لفترة ثانية سابقاً، فجأة أنقلب جناح داخل الحزب على ترشيح الرئيس، مما أعتبر عملياً إنقلاباً ابيضاً داخل السلطة، وبات واضحاً أن الرئيس السابق أوباما كان وراء الإنقلاب الأبيض، حيث هندس تغيير المرشح بايدن، توجيه الأنظار إلى سيناريوهات أخرى، وبعدها الأرتداد إلى لائحة هاريس ــ وولز ألتى ستستوعب فريق أوباما الأساسي الذي هندس الإتفاق النووي ..! لماذا تم الإنقلاب على بايدن من قبل أوباما، وبالتالي من قبل النظام الإيراني ..؟ وكنتيجة لذلك إنتاج رئاسة كامالا ..؟ وبايدن أساساً كان قد نفذ أجندة أوباما والإتفاق النووي بحذافيره لأربعة أعوام، من رفع الحوثيين من لائحة الإرهاب، إلى الإنسحاب من أفغانستان، إلى العودة للأتفاق النووي، إلى تحويل المليارات إلى إيران، إلى الضغط على التحالف العربي، إلى الضغط على إسرائيل، إلى التخلي عن المعارضات ضد إيران، إلى السماح للمؤيدين لـ حماس أن يحتلوا الجامعات، إلى محاولة فرض وقف إطلاق نار في غزة مرتبط بحماية حركة حماس، فلماذا لم ترضى إيران عن ترشيح بايدن وفضلت كامالا ..؟ الجواب ليس صعباً وعلى الصعيد الشخصي كمراقب ومتابع للشأن الإيراني كان قد تبين بأن بايدن قد فقد قدراته الذهنية الشخصية، وبالتالي بات ممكناً على ترامب أن يهزمه في الأنتخابات، وقد يشكل ذلك خطراً تاريخياً على مؤسسة النظام، على الصعيد السياسي تبين بالنسبة لإيران أن الرئيس لا يزال يتأثر بالكتلة الضاغطة الحليفة لإسرائيل، وهذا أمر عرقل خطط إيران في غزة ولبنان والمنطقة، أخيراً وليس آخراً، فإن إحتمال عودة ترمب إلى البيت الأبيض يشكل خطراً كبيراً على الأتفاق النووي ومنافعه، لذا ولظروف عدة أخرى قررت طهران أن تضحي ببايدن وتختار كامالا حتى النهاية، وهكذا فإن جمهورية إيران الإسلامية لها معركة كسر عظم داخل أميركا، وستضع كل مقدراتها في ساحة هذه المعركة، وبايدن أساسا كان قد نفذ أجندة أوباما والإتفاق النووي بحذافيره لأربعة أعوام، وهو من رفع الحوثيين من لائحة الإرهاب، إلى الأنسحاب من أفغانستان، إلى العودة للأتفاق النووي وغيرها .
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.