إسرائيل هل ستقدم على حرب برية في لبنان خلال الساعات والأيام المقبلة..؟

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات …. 

 

أن الحديث عن عملية برية إسرائيلية ليس جديداً في لبنان، فالأشهر السابقة ومع إشتداد المعارك بين إسرائيل و”حزب الله” شهدت أكثر من تصريح إسرائيلي عن أن تل أبيب تفكر جدياً بالدخول إلى جنوب لبنان لتأمين منطقة عازلة على حدودها الشمالية، وهي تحضر ميدانياً لهذه الخطوة، لكن تطورات الأسبوعين الأخيرين، من إستهداف آلاف أجهزة البيجر وضرب أجهزة الإتصال اللاسلكي للحزب، مروراً بإستهداف شخصيات قيادية كبيرة من الخط الأول ومنها إبراهيم عقيل ثم محمد سرور وصولاً إلى اغتيال إستثنائي لم يتوقعه أحد نفذ في الضاحية الجنوبية لبيروت وقتل خلاله أمين عام حزب الله حسن نصرالله، كلها تطورات وضعها البعض في خانة الأحداث ألتي تسبق الدخول البري الإسرائيلي للبنان، وفي هذا السياق كان قد دعا رئيس الأركان الإسرائيلي جنوده إلى الإستعداد لـ دخول محتمل إلى لبنان، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه أستدعى لوائين إحتياطيين من أجل مهمات عملياتية في الشمال، أما آخر التطورات في هذا السياق فهو ماكانت قد نقلته قناة إي بي سي نيوز الأميركية عن مسؤول أميركي بأن إسرائيل تستعد لهجوم برّي محدود في لبنان، ونقل أيضا عن المتحدث بأسم الجيش الإسرائيلي قوله علينا الأستعداد لحرب أوسع وخيار العملية البرية مطروح على الطاولة، فيما كان قد قرر الجيش فرض حصار عسكري على لبنان يمنع فيه هبوط طائرات شحن من سوريا وإيران أو حتى إصلاح المعابر ألتى قصفت، كما كانت قد إنتشرت صور لجنود إسرائيليين وهم يقومون بأعمال صيانة عشرات الدبابات المنتشرة في الجليل الأعلى شمال إسرائيل على مقربة من الحدود مع لبنان، ومع جدية الحديث عن توغل بري إسرائيلي جنوب لبنان، كمراقب ومتابع للشأن اللبناني أطرح تساؤلات عدة ومنها، إلى أي حدود قد يصل هذا التوغل ..؟ هل سيكون محدوداً أو واسعاً ..؟ أي ثمن قد يدفعه الجيش الإسرائيلي مقابل هذا التوغل وبخاصة أن التضاريس الجغرافية اللبنانية ليست لمصلحته ..؟ والأهم ما يطرحه البعض، هل يتكرر سيناريو إجتياح لبنان في حزيران/ يونيو عام 1982 عندما وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى العاصمة بيروت ..؟ وهناك اليوم من يضع التطورات الأخيرة في إطار التصعيد وجولة جديدة من الحرب الجوية ألتى يشنها سلاح الجو الإسرائيلي بإتجاه المناطق اللبنانية وهدفه رفع وتيرة التصعيد، تبقى إسرائيل تمارس عدداً من الممارسات الحربية ألتي تستهدف قطع منافذ الإمداد وضرب المواقع الإستراتيجية ومنصات الأغتيالات وفصل المناطق بعضها عن بعض، هو يحاول ممارسة الحرب النفسية على الناس من إجل إخافتهم وإبعادهم ويستغل الفراغ على مستوى الدولة اللبنانية والأنقسامات العمودية في الداخل لتحقيق أهدافه، وأن هدف رئيس حكومة إسرائيل المجرم النتن ياهو هو ربط أية عودة للبنانيي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، وهنا نتحدث عن مئات آلاف اللبنانيين، بعودة المستوطنين إلى مناطق الشمال، ومن خلال الضربات الأخيرة أكدت إسرائيل أنها تريد منع نقل السلاح والذخائر من البقاع والضاحية للجنوب فيما يقوم الجيش الإسرائيلي بفرض حزام ناري لفصل المناطق عن بعضها مستغلاً ضربة أجهزة “البيجر” وأجهزة الإتصال اللاسلكي للحزب، وكان المجرم النتن ياهو قد قال بأن كل شيء متاح للجيش الإسرائيلي متحدياً الجميع بدبلوماسية براغماتية هو يوافق يعترض ثم لا ينفذ ما يتفق عليه، كما قام بتجهيز أربع فرق على الحدود مع لبنان من القوة النظامية وفرقتين من الإحتياط وفرقاً منتشرة على الحدود مع لبنان ضمن هدف واضح وهو الضغط النفسي والحرب النفسية، مشدداً على أن واشنطن والغرب يحاولون منع الحرب البرية، فيما تل أبيب لم تتلق من النتن ياهو أي ضمانات لدخول لبنان عكس غزة، حيث تلقى ضوأً أخضر لدخول القطاع قبل عام، ويبقى التلويح بالحرب البرية هو تهديد وورقة لا يريدها هذا المجرم لأنها غير مضمونة ولا توجد رعاية أميركية لها، وفي هذا الإطار يضع التحركات العسكرية ألتى تحصل على الحدود ويعتبرها ورقة للضغط النفسي والشعبي والدبلوماسي، فيما عملية توسيع الحرب ممنوعة بالنسبة إلى الدول الكبرى، أما إن قررت إسرائيل فعلاً الدخول بعملية برية في جنوب لبنان وهذا ما أتوقعه، فهذا يحتاج إلى ثلاث مراحل أساسية وهي :
أولاً إخلاء هذه المناطق تماماً. وثانياً عملية التدمير الممنهج لهذه المناطق ألتى يستطيع الجيش من خلالها تدمير كل المراكز والبيوت.
وثالثاً منع صليات صواريخ الغراد والكورنيت والسهم 17 مما يعوق ضرب الدبابات وتقدم الإسرائيلي، وهذا التوغل إن حصل سيكون بين ثلاثة إلى 10 كيلومترات، ولا يختلف المحللون على أن ما يحكى عن تدخل بري جنوب لبنان لا يزال في هذه المرحلة ضمن الهويل والضغط بإعتبار أن الأرض غير مهيأة بعد للدبابات الإسرائيلية، فيما السيناريوهات كثيرة والأمور مفتوحة على مصراعيها، وما يحكم هذه السيناريوهات هو الأميركي وفي الأثناء يستفيد المجرم النتن ياهو من فترة ما قبل الإنتخابات الرئاسية لفرض ما يريده بالقوة، وكانت قد حصلت التطورات العسكرية الأخيرة وسط وضع متغير تماماً وقد أنتقلنا إلى مرحلة معقدة جداً وبخاصة بعد مقتل أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وغالبية قيادات حزب الله، كما أن التطورات الأخيرة كبيرة جداً بالنسبة إلى الحزب ولوضعه العسكري، فيما الإسرائيلي اليوم يتجنب الدخول البري وبخاصة بعد الأستهداف الكبير بأنتظار أن تتضح تبعاته، وتل أبيب اليوم وصلت إلى هدف كبير قد يغنيها عن الدخول البري جنوب لبنان، فإن تساؤلات عدة تطرح اليوم حول من سيقود الحزب في المرحلة المقبلة ومن سيقود العمليات الميدانية في الحرب الحالية، لذلك يمكن القول بأن إسرائيل لن تقدم على حرب برية وبخاصة أن لا أحد يعلم إلى أين ستتجه الأمور، والأمور مبهمة حتى وإن كان الموقف الإيراني غير ثابت أو واضح، والأميركي لا يريد أية حرب برية وكذلك الدول الأوروبية والعربية ومنها الأردن والذي عبر عنه جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه في خطابه التاريخي من على منصة الأمم المتحدة قبل أيام، وكذلك التصريحات ألتي أدلى بها عميد الدبلوماسية الأردنية السيد أيمن الصفدي في أكثر من لقاء دولي ومؤتمر صحفي مؤخراً لا يريدون هذا التوغل البري، وإسرائيل لا تريد أن تكون بمفردها بهذه الخطوة، فالحرب البرية لها تداعيات سلبية جداً، وقد ينتج منها تعاطف أكبر مع حزب الله ولبنان الرسمي لأنها قد تعتبر إعتداء على دولة وشعب في المحافل الدولية، وبقى هدف تل أبيب الأكبر مما يحصل بأنه خلق حزام أمني لعودة أهالي مستوطنات الشمال، وما يحصل اليوم في لبنان ليس حدثاً إستثنائياً، فعلى الرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على عام 1982، فإنهم يتذكرون جيداً إجتياح إسرائيل للجنوب وصولاً إلى بيروت خلال هذا العام، وقالت تل أبيب في عام 1982، وقبل أن تدخل إن هدفها إبعاد منظمة التحرير الفلسطينية عن حدودها الشمالية، فدخل آلاف الجنود، ترافقهم مئات الدبابات والمدرعات، عبروا الحدود نحو مدن الجنوب وصولا ً إلى العاصمة بيروت، ووصف الأجتياح بأنه كان سريعاً وكبيراً وتزامن مع قصف جوي وبحري ومدفعي مكثف، وتمكنت القوات الإسرائيلية بعد أسبوع من حصار بيروت، تركز التوغل حينها على ثلاثة محاور رئيسة، أنطلقت من منطقة إصبع الجليل بإتجاه وادي البقاع شرق لبنان والمناطق الجبلية المركزية، وأيضاً على طول الطريق الساحلي من الجنوب وصولاً إلى بيروت، كما حصل خلال الأجتياح تنفيذ إنزال بحري لجنود مشاة ومدرعات شمال مدينة صيدا، ومع جدية الحديث عن توغل بري إسرائيلي جنوب لبنان، تطرح تساؤلات عدة ومنها، إلى أي حدود قد يصل هذا التوغل ..؟ هل سيكون محدوداً أو واسعاً ..؟ أي ثمن قد يدفعه الجيش الإسرائيلي مقابل هذا التوغل وبخاصة أن التضاريس الجغرافية اللبنانية ليست لمصلحته ..؟ والأهم ما يطرحه البعض، هل يتكرر سيناريو إجتياح عام 1982 عندما وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى العاصمة بيروت ..؟
حمى الله لبنان الشقيق وشعبها العظيم.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.