يديعوت أحرونوت: وهي تستجدي الذخيرة.. متى تدرك إسرائيل أن لقوتها حداً؟

شبكة الشرق الأوسط نيوز : الضربة التي أوقعتها حماس على الجبهة الداخلية المدنية وعلى المشروع الصهيوني كله، كانت الأشد من أي تحد عسكري سابق. غني عن البيان الاستطراد في حجوم الضرر من أقصى العالم وحتى أقصاه: فقد بحثت بتوسع على مدى السنة. لم يسبق أن كان وضعنا في العالم – بما في ذلك في العالم اليهودي – أسوأ. تحولنا من أمة استحداث، العلامة التجارية التي تمثل التقدم والتنور، إلى جنوب إفريقيا في عهد الأبرتهايد.

الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي الذي جاء به لفين وروتمان، كان مختلفاً في المدى والجوهر عن معارضة حرب بيغن وشارون في لبنان. لكن في اللحظة التي بدأ فيها الحرب، انقلبت الخواطر: في 1982 قامت حركة احتجاج ضد الحرب؛ في السنة الحالية قيلت أمور كثيرة مع وضد الحكومة، لكن لم يسمع في إسرائيل حتى ولا شبه تغريدة ضد الحرب واستمرارها، لا في جبهة غزة، ولا في جبهة لبنان، ولا في جبهة إيران. ثمة نقد شديد على الحرب في الغرب؛ إجماع في الوطن.

النتيجة تجند كامل، بما في ذلك جولة خدمة احتياط ثانية وثالثة، ومعنويات عالية، وتمسك بالمهمة. بين أمر عسكري وآخر، على كأس قهوة، بين الرفاق، يمكنهم انتقاد الحكومة وخطواتها، لكن هذا لن يقلل من الاستعداد للقتال في شيء. لعل أجنبياً لن يفهم هذا – نصر الله مثلاً– لكن في نظري، هذا جزء من قوة المجتمع الإسرائيلي.

الحرب الحالية وجدت قيادة حكومية منقسمة. بين رئيس وزراء انهار في الساعات الأولى وحرص على بقائه في الأشهر التالية، ووزير دفاع لا يثق به، وهيئة أركان فقدت السيطرة. الترميم الذي اجتازه الجيش الإسرائيلي في الأشهر التالية مبهر، لكن أضرار الساعات الأولى لا يمكن إصلاحها. وصف نتنياهو، في خطابه الأسبوع الماضي، مسيرة مرتبة، عاقلة، بدايتها في القتال في غزة وتواصلها في لبنان. وعد فأوفى، لا صلة بين الوصف والواقع.

هذه حرب غريبة: تجري بين منظمات إرهاب لها أو ليس لها سيطرة على أرض إقليمية، وهي متعلقة بأرباب البيت في طهران. الوضع معقد: لا يمكن إجراء مفاوضات مع جهة ليس لها مطالب تجاهنا، باستثناء الرغبة في محونا عن وجه البسيطة. فعلام نتفاوض مع الحوثيين؟ ماذا فعلنا لهم؟ علام نتفاوض مع خلفاء خلفاء قادة حزب الله؟ كيف نواجه نظاماً إيرانياً تبنى كراهية لإسرائيل ليس كخطوة استراتيجية بل كفكرة منظمة للإمبراطورية التي أقامها؟ ماذا سيفعل النظام الإيراني بدون إسرائيل؟ هذه حرب غريبة، لأن العنصر المسيحاني في حكومة نتنياهو يحتفل بها. الدولة كلها في حداد، المخطوفون في الأنفاق وهم يحتفلون. من تحت جسر القطار، قرب طريق الوصول إلى إيرز هناك النواة الأولى التي تسعى لاستيطان غزة. إيلي عزة، هذا اسمها. وأعضاء الائتلاف يطلبون ويؤيدون ويهتمون بالمال وبالكرفانات.

هذه حرب غريبة؛ لأن القيادة الإسرائيلية تمتنع بقصد عن تحديد نهاية مطاف لها، أو استراتيجية خروج. الجيش الإسرائيلي دخل هذا الأسبوع إلى سلسلة من قرى الحدود اللبنانية. القصد تدمير المنشآت العسكرية التي بناها حزب الله في الشريط بين نهر الليطاني وخط الحدود، وتدمير، وجمع السلاح، وقتل كل مقاتل حزب الله في الميدان. وفي هذا منطق: 60 ألف إسرائيلي نزحوا من بيوتهم لن يعودوا إلا بعد قناعتهم بتأمين الحدود وأن لا نشاط لحزب الله. عندما يضاف إلى ذلك النجاح الكبير للحملات في الضاحية، يمكن الحديث عن حزب الله ضعيف.

قيادة الشمال تريد أكثر: تريد عودة لبنان إلى اللبنانيين، وإضعاف حزب الله أكثر، والسماح لحكومة لبنان وجيشها أن يحكم الدولة أو على الأقل أن يحكم جنوب الدولة.

من الخير أن سارعت قيادة المنطقة الشمالية إلى المعركة: هذه وظيفتها. فهل يعود لبنان 50 و60 سنة إلى الوراء ليكون دولة ككل الدول؟ مشكوك جداً في ذلك. عندما اجتزنا الحدود في حرب لبنان الأولى، غمرنا السكان بالأرز. استغرق وقت حتى فهمنا بأن هذا ليس حباً، بل انتقال من رعاية إلى رعاية. كل حزب وكل طائفة وسيدها الأجنبي. كلهم وكلاء. لن يقوم نظام جديد في لبنان ما دامت إيران تمسك بمفاتيحه.

هذه حرب غريبة، لأنها كشفت تعلقاً مقلقاً لإسرائيل بالولايات المتحدة. منذ حرب 1956 لم يكن أمن إسرائيل متعلقاً بدولة أجنبية بهذا القدر. أبواب الائتلاف تهاجم بايدن بانفلات، لكن قادة جهاز الأمن يهاتفون واشنطن ويستجدون الذخيرة. هو الحكم في تبادل النار مع إيران: الدجاجة الإسرائيلية لن تطير إلا بارتفاع الجدار الذي تقرره الإدارة الأمريكية. لنا حرب قاسية ومركبة: فلنعرف حدود قوتنا.

يديعوت أحرونوت

7/10/2024

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.