لوفيغارو: أيّ إستراتيجية آنية ومستقبلية بالنسبة لإسرائيل؟

شبكة الشرق الأوسط نيوز : تحت عنوان “أيّ إستراتيجية آنية ومستقبلية بالنسبة لإسرائيل؟”، قال كاتب الرأي بصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، رينو جيرار، في مقال بعدد الصحيفة الصادر هذا الثلاثاء، إنّه في الوقت الراهن، تتبع إسرائيل إستراتيجية أمنية صارمة. ولكن إذا فشل نتنياهو، على المدى المتوسط، في اقتراح تسوية ذات مصداقية للمسألة الفلسطينية، فإن تل أبيب لن تكون قد حققت أي تقدم حقيقي.

رينو جيرار: إذا فشل نتنياهو، على المدى المتوسط، في اقتراح تسوية ذات مصداقية للمسألة الفلسطينية، فإن تل أبيب لن تكون قد حققت أي تقدم حقيقي

وأضاف رينو جيرار القول إنه مع بدء التوغلات البرية للجيش الإسرائيلي في معقل “حزب الله” بجنوب لبنان، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، انتقلت إسرائيل من منطق استعادة الردع إلى منطق تغيير المعادلة الإستراتيجية الإقليمية.

يتمثل طموح الإستراتيجيين الإسرائيليين في الحدّ بشكل كبير من القوة الضارة ضد إسرائيل لما يسمونه “الأخطبوط”، وما يسميه أعداؤهم “محور المقاومة” المدعوم من إيران: “حماس” في فلسطين، و”حزب الله” في لبنان، والحوثيون في اليمن، والميليشيات الشيعية في العراق، وسوريا بشار الأسد.

 السؤال برمّته هو ما إذا كانت جميع النجاحات التكتيكية، التي حققها الجيش الإسرائيلي في أعقاب فشله الفادح خلال هجوم “حماس” 7 أكتوبر 2023 المفاجئ، قادرة على تحقيق تقدم إستراتيجي أم لا لدولة إسرائيل؟ يتساءل كاتب المقال.

 

واعتبر رينو جيرار أن الدولة العبرية شهدت، خلال التاريخ الذي أعقب تأسيسها، عددًا من الإنجازات الإستراتيجية التي لا يمكن إنكارها. ستة منها تتبادر إلى الذهن بشكل عفوي: حصول بن غوريون على أسرار فرنسا النووية مقابل التعاون الإسرائيلي في مغامرة السويس (نوفمبر/تشرين الثاني 1956)؛ الاعتراف بخط وقف إطلاق النار لعام 1949 (المعروف باسم “الخط الأخضر”) كحدود دولية لإسرائيل، بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242، بعد النصر الخاطف الذي حققه الجيش الإسرائيلي في حرب يونيو/ حزيران عام 1967؛ وتعديل جاكسون-فانيك، الذي اعتمده كونغرس الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول عام 1974، والذي جعل الهجرة الحرة لليهود الروس إلى إسرائيل نقطة مركزية في الدبلوماسية الأمريكية السوفييتية؛ والسلام مع مصر (مارس/آذار عام 1979) بعد أن امتنع الجيش الإسرائيلي في نهاية حرب يوم الغفران (أكتوبر عام 1973) عن إذلال جيش السادات؛ والسلام مع الأردن (أكتوبر 1994) بعد توقيع اتفاقيات أوسلو (سبتمبر 1993) التي نصت على الإنشاء التدريجي للدولة الفلسطينية؛ وافتتاح علاقات دبلوماسية مع أربع دول عربية جديدة، ضمن اتفاقات أبراهام (سبتمبر 2020) التي تصورها اليهودي الملتزم جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وفي الوقت الراهن- يتابع رينو جيرار- تنتهج إسرائيل إستراتيجية أمنية صارمة. فمنذ الحرب العالمية الثانية، لم يتعرّض الشعب اليهودي لمذبحة دموية مثل تلك التي وقعت في 7 أكتوبر 2023. وتم تكليف الجيش الإسرائيلي بمنع حدوث مثل هذه المذبحة ضد اليهود مرة أخرى. أما في قطاع غزة فقد تم تفكيك كتائب “حماس” البالغ عددها 24 كتيبة. وما تزال هناك حرب عصابات فردية، ما تزال قاتلة بالنسبة للجنود الإسرائيليين، على حد قول الكاتب دائماً.

ويضيف رينو جيرار القول إن السنوار، الزعيم السياسي والعسكري لحركة “حماس”، يختبئ في نفق، ويحيط به رهائن إسرائيليون، ما يجعل من الصعب القبض عليه، أو القضاء عليه. وإسرائيل لن تتخلى عن سيطرتها على الممرين الإستراتيجيين: ممر نتساريم، الذي يعزل في الشمال ثلث الأراضي الفلسطينية، وكذلك فيلادلفيا الذي يمتد على طول الحدود المصرية، وتمنع أي تهريب أسلحة من سيناء. ويعتزم الجيش الإسرائيلي إنشاء منطقة عازلة، وهي أرض محظورة ستظل تحت سيطرته، في جميع أنحاء قطاع غزة، الأمر الذي سيقلص بنسبة 16% هذه المنطقة المكتظة بالسكان، والتي تم تدميرها الآن بنسبة 70%، يقول الكاتب.

أما بالنسبة لجنوب لبنان- يواصل رينو جيرار- فإن إسرائيل تريد حرمان “حزب الله” من الوسائل اللازمة لمهاجمة قراه في شمال الجليل. ولذلك فهي تنوي تنظيف كامل المنطقة الواقعة بين حدوده ونهر الليطاني.

الصحيفة: نتنياهو لا ينوي حتى التدخل في السياسة اللبنانية، حيث إنه تعلم الدرس من فشل بيغن المزدوج مع الأخوين الجميّل، في سبتمبر عام  1982، ثم في مايو عام 1983

وفي ما يتعلق بطهران، يرى الإسرائيليون أنهم لا يمكنهم  المجازفة أو المخاطرة بحصول إيران ذات يوم على أسلحة ذرية. وهي رؤية يتشاركها معهم الأمريكيون.

 ومن ناحية أخرى، لا ينوي نتنياهو “إعادة تشكيل الشرق الأوسط”، أو إجراء تغييرات في الأنظمة هناك. فالولايات المتحدة الأمريكية، التي هي أقوى وأغنى من إسرائيل بخمسة وعشرين مرة، حاولت وفشلت.

ورئيس الوزراء الإسرائيلي لا ينوي حتى التدخل في السياسة اللبنانية، حيث إنه تعلم الدرس من فشل بيغن المزدوج مع الأخوين الجميّل، في سبتمبر/أيلول عام  1982، ثم في مايو/أيار عام 1983، يقول رينو جيرار.

وبمجرد أن تصمت المدافع، فإن الإستراتيجية الإسرائيلية ستتكون من محاولة إعادة بناء غزة بواسطة الأنظمة النفطية في الخليج، وبحث إمكانية التوصل إلى كونفدرالية أردنية- فلسطينية. وستكون المشكلة بالنسبة لإسرائيل عندئذ هي العثور على محاورين فلسطينيين يتمتعون بالمصداقية. فهل سيكون مروان البرغوثي، السجين الفلسطيني الذي كثيراً ما يُقارن بمانديلا؟، يتساءل وفق رينو جيرار.

ويعتبر الكاتب أنه إذا فشلت إسرائيل، على المدى المتوسط، في تقديم رؤية ذات مصداقية للعالم وشعبها لتسوية القضية الفلسطينية، فلن تكون إسرائيل قد حققت أي تقدم إستراتيجي بفضل انتصاراتها العسكرية في عام 2024. وسيكون هذا سيئاً للغاية، لأن هذه الانتصارات أضرّت بالفعل بسمعتها الدولية بشكل خطير، يقول رينو جيرار.

المصدر : القدس العربي

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.