إلى متى لبنان الشقيق سيبقى يدفع الأثمان الغاليه من أمنه وأستقرار ووجوده

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات…. 

 

أن قيام منظمة التحرير الفلسطينية ونشاطها العسكري بعد هزيمة عام 1967 حافزاً لتنظيمات كثيرة جعلت من الأنتصار لـ” الكفاح الفلسطيني المسلح ” نهجاً لها لغايات داخلية، التجربة النموذجية كانت في لبنان الشقيق الذي لا يزال حتى يومنا هذا ومنذ نصف قرن يدفع الأثمان الغالية من أمنه وأستقراره ووجوده كدولة ذات سيادة ومستقلة، عاش لبنان عقدين من الزمان في سلام مقبول ضمن منطقة متوترة، إتفاق الهدنة الموقع مع إسرائيل 1949 بقي محترماً رغم حرب عام 1967 ألتي أحتلت خلالها الدولة العبرية الجولان السوري والضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، لم تمس إسرائيل الحدود اللبنانية حينها، لكن تدفق الفلسطينيين اللاحق بأسلحتهم ومنظماتهم إلى لبنان الشقيق جعل السياق يختلف، ودفع أحزاباً وتنظيمات إلى ركوب موجة الكفاح الفلسطيني لتوسيع نفوذها وفي النهاية القيام بأنقلابها إستناداً إلى الرافعة الفلسطينية، وكانت تجربة لبنان ولا تزال نموذجية في هذا المجال، لأن النشاط الفلسطيني المسلح أستقر فيه وأقام له سلطة على مدى أكثر من عقد من الزمان، لقد تحول لبنان منذ نهاية ستينيات القرن الماضي إلى منصة عسكرية وسياسية وإعلامية ضد إسرائيل بدعم من أحزاب وفئات لبنانية أعتبرت أن الفرصة سانحة لتغييرات في النظام السياسي تتيح لها الإمساك بالسلطة، كانت فلسطين في السابق مسمار جحا للأنقلابيين العسكريين العرب والآن صارت في لبنان مدخل فئات سياسية إلى النفوذ تدعمهم قوى خارجية أختصرت حالياً بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتوالت حروب لبنان الفلسطينية دعماً للمقاومة منذ ما قبل قيام حزب الله الحليف لإيران واحتاجت تلك الحروب دوماً إلى سردية قوامها أن إسرائيل هي دولة توسعية طامعة في لبنان، في الزمن الفلسطيني كانت بضعة قذائف تطلقها التنظيمات الفلسطينية كفيلة بإثارة موجات من الغارات الإسرائيلية العنيفة، لكن الرواية الرسمية لدى الأحزاب اللبنانية الطامحة الحليفة، إستمرت في القول إن المقاومة لم تكن البادئة، بل هي ردت على العدوان وردعته، إنتهت تلك المرحلة مع الأجتياح الإسرائيلي الواسع للبنان عام 1982 وخروج منظمة التحرير الفلسطينية إلى المنافي، ثم لاحقاً إلى فلسطين بعد توقيع إتفاقية أوسلو، وكان على التجارة في القضية أن تنحو منحى جديداً، وورثت إيران منصة الحرب اللبنانية ضد إسرائيل بأدواتها القديمة وأضافت إليها ذلك البعد المذهبي ( الطائفي )، هزمت الأحزاب اللبنانية ألتى راهنت على الفوز بالسلطة إستناداً إلى السلاح الفلسطيني عندما ضربت إسرائيل البنية الفلسطينية ومعها لبنان، ليعود “حزب الله” إلى لعب اللعبة نفسها تحت عنوان إسناد غزة على حساب تدمير لبنان، وقبل أشهر قليلة من فتح ” حزب الله ” الحرب على إسرائيل في الثامن من تشرين أول/أكتوبر 2023 كان الخلاف السياسي الداخلي على أشده في لبنان والمراوحة في أوجها عندما أعلن أحد الناطقين باسم الحزب أن كسر الجمود الداخلي قد يستلزم حرباً مع إسرائيل، وفتح الحزب تلك الحرب المستمرة والمدمرة، لكن مع عدم اليقين ما إذا كانت حسابات بيدر الناطق المذكور ستطابق حسابات حقل الألغام الذي زج لبنان فيه، كمراقب ومتابع للشأن اللبناني عن قرب يمكن أن يقال كثيراً عن المشروع الصهيوني وقيام دولة إسرائيل على قاعدة أغتصاب الأرض وطرد سكانها، كما يمكن الحديث مطولاً عن الأطماع الإسرائيلية في الجوار العربي ومنها دولتي الأردن ألتي أعشق كل ذرة تراب فيها، وأنا جندي للدفاع عن الوطن حتى الكفن، وكيف أن دولة قامت عام 1948 لم تستقر يوماً على حدود نهائية، لكن مقابل هذا التاريخ التوسعي الأسود الذي يقع ضحيته الشعب الفلسطيني على نحو خاص، هناك تفاصيل أساسية يتم إغفالها تتصل مباشرة بمسؤولية الأطراف الأخرى العربية والفلسطينية تحديداً، عن تطور المشروع الصهيوني الإسرائيلي التوسعي ووصوله إلى حالة التغول والفلتان الحربي السائدة اليوم، ولم تكن الحروب العربية تحت راية حماية فلسطين حروباً من أجلها فعلياً، حرب الإنقاذ في الأربعينيات لم تضع نصب عينيها الأحتفاظ بنصف الأرض الفلسطينية بموجب قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة وإقامة دولة فلسطينية عليه، لذلك إنتهت تلك الحرب بقيام دولة إسرائيل، وإلغاء مشروع الدولة الفلسطينية وتم ضم قطاع غزة إلى مصر وألحقت الضفة الغربية بالأردن، والتهديد من قبل إسرائيل بطرد الفلسطينين المتواجدين في الضفة الغربية إلى الأردن لا زال قائماً، وكانت تلك بدايات حروب الأنظمة لتوطيد سلطتها بأسم فلسطين وليس من أجلها، في السنوات اللاحقة بدأت إنقلابات العسكر في سوريا ومصر ثم العراق وكان التبرير الجاهز لتلك الأنقلابات الأستعداد للتحرير واستعادة الأرض من الكيان الصهيوني المحتل والغاصب، بيانات الأنقلابيين في سوريا حفلت بأتهام الآخرين بالتفريط في ” القضية “، وعندما لحقهم الضباط في مصر في إطاحة الملك فاروق لم ينسوا في بيانهم الأول الذي تلاه أنور السادات ذكر فلسطين من بين الأسباب ألتي دفعتهم للأستيلاء على السلطة، وكانت القضية الفلسطينية ولا تزال عنصراً أساسياً في تكوين وعي الجمهور العربي، وتحولت إلى عنوان لتحركات على المستوى العالمي تطالب بالعدالة والسلام والأمن والأمان لشعب هو الأكثر تعرضاً لأستغلال مصيبته من ذوي القربى، وكانت قد خاضت الأنظمة الأنقلابية حرب الشعارات طوال وجودها وعندما هزمت في حرب عام 1967 بررت لنفسها الهزيمة وفقدان الأرض بالقول إنها أنتصرت لمجرد إستمرارها في السلطة، فالمعركة بالنسبة إليها هي معركة سلطة داخلية وليس الأنتصار للقضية الخالدة القضية الفلسطينية، لاحقاً ورثت أحزاب وتنظيمات منطق الأنقلابيين، وكانت الثورة الإيرانية ( الخمينية ) تلميذاً نجيباً لهم، إذ أكتشف الراحل الخميني باكراً أن بقاء نظامه وقدرته على التوسع رهن برفع شعار القضية الفلسطينية والدعوة إلى زوال إسرائيل، لكن إسرائيل بالنسبة إلى إيران ليست دولة جوار، وإزالتها مهمة ستوكل هذه المرة لتنظيمات حليفة لها، وغالبية الذين قاتلوا بأسم القضية الفلسطينية كانت السلطة هدفهم وليس تحرير فلسطين وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.
حمى الله لبنان الشقيق وشعبه الأغلى على قلبي من كل سؤ.

المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.