صورة العربي عند الأتراك … الاسباب والدلالات
د.اسامة امين المجالي ….
في بداية تناولي لهذا الموضوع المهم ينبغي أن أخبركم أن شهادتي بتركيا والأتراك مجروحة ، فأنا عشت بينهم معززاً مكرماً طيلة أيام دراستي للطب في جامعة “جراح باشا” في استنبول ، ولكن بينما تمضي الأيام تطالعنا الاخبار والزملاء الزائرين لتركيا في الزمن الحاضر والتقارير الصحفية والاعلامية القادمة من هناك وتعكس بصورة مغايرة عما ألفنا وعرفنا من خلطتنا وألفتنا للأتراك خلال اعوامٍ طويلة ، فالأتراك ونحن العرب وبقية مكونات شعوب الاقليم نتشارك الجغرافيا والتاريخ المشترك والدين وأطباق الطعام وزيت الزيتون ، الماضي والحاضر وحتى المستقبل المشرق إذا أحسنّا صنعاً .
وجدت مقالات وكتب وأبحاث كثيرة تناولت الموضوع من جوانب كثيرة ، خاصة بعد موجة الربيع العربي التي إجتاحت العالم العربي من أقصاه لأقصاه وترتب عليها مظالم كثيرة واضطهاد لفئات كبيرة من الشعوب العربية في كل من ليبيا ومصر والسودان واليمن والعراق وسوريا ، ومن قبلها ما حدث في فلسطين ولبنان مما دفع بالكثيرين للنزوح من ديارهم وكان لتركيا جارتنا الكبرى النصيب الأكبر من المهاجرين خصوصاً من سوريا البلد الأكثر تضرراً بسبب ثورة شعبه على نظامه الطائفي .
لذلك دعونا نحاول أن نفهم ونستعرض تاريخياً وأدبياً وسياسياً ما الذي حدث حتى تطل العنصرية والتعصّب وكراهية الآخر بقرونها احياناً هنا وهناك.
كما احب أن افسر بالبداية مفهوم ” الصورة ” فصورة العربي ” imaj “ باللغة التركية عنده هي
حصيلة الانطباع النفسي والادبي الموجود عند أمّة او قومية عن أمّة او قومية اخرى والتي تتشكل بسبب مجموعة من التجارب والاحتكاكات بين الأمتين عبر الزمن ، وهذه الصورة او الأنطباع ليس بالضرورة أن تكون صحيحة أو دقيقة .
وسوف نحاول ان نتناول الموضوع بتقسيمه لفترات زمنية متعددة لأن الأتراك كما غيرهم مرّوا بمجموعة من العوامل والحقب التاريخية التي أثّرت بقوة على نسيجهم الاجتماعي والقيمي إبتداء من العهد العثماني وحتى وقتنا الحاضر :
١: صورة العرب ما قبل الجمهورية ( العهد العثماني )
علينا نعرف أن عدد سكان الامبراطورية العثمانية الفعلي في العام ١٩٠٢ هو ٢٥ مليوناً كان نصفهم تقريباً من العرب في كل من اسيا وافريقيا وكانوا منخرطين تماما في كل مظاهر الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى العسكرية للامبرطورية ، وعموماً ما كانت الصفات التي تطلق آنذاك على العرب تتراوح بواحدة من ٥ صفات حميدة وهي : جيران، أشقاء، مؤمنون، قوم نجيب ومثقفون(د. فاروق بوزكوز – 2007).
واذا ما تناولنا أعمال احد الكتاب الروائيين والمسرحيين العثمانيين ” عبد الحق حامد تارهان ” المسرحي والشاعر الذي عاش في الفترة ما بين ١٨٥٢-١٩٣٧ فنلاحظ ان كل انطباع او ذكر لخصائص العربي في كتاباته كانت ايجابية وهذا مما يتلائم مع القيم القومية والدينية العثمانية السائدة آنذاك ، ولم يتناول عبد الحق العربي ” كآخر ” بل قدّمه ” كواحد منا” من الأمّة العثمانية .
لذلك عندما عندما كتب مسرحياته الخمسة عن المسلمين العرب في الأندلس في الاعوام ما بين ١٨٧٦-١٩١٧ وابرزها ” طارق فاتح الاندلس ” وابو عبدالله الصغير ” ” ولطيفة ” وغيرها .
كان عبد الحق يؤمن بفكرة ” الوحدة الإسلامية ” و ” الأمة ” وبسبب من منطلقاته جسّد العرب وشخصياتهم بشكل ايجابي وجميل فبطلته ” لطيفة” وهي من اول اعماله هي فتاة عربية مسلمة معتدة بنفسها وشريفة وجميلة معاً ، تقاتل من اجل بلادها ضد الملك فرناندو ولكنها تخسر الحرب ويتم أسرها ، وبالرغم من انها بالسجن يبدأ الملك الاسباني بمحاولة تطويعها واصطفائها لنفسه مستغلاً وضعها الصعب بالسجن وخسارتها ، إلا ان كل هذا لا يكسرها وتقابل طلبه بالرفض وتأبى كرامتها ان تستسلم لعدوها حتى تموت بالسجن صامدة صابرة .
وكذلك الأمر في مسرحيته ” طارق فاتح الأندلس ” حيث يصوره كقائد شجاع ومسيطر وقوي وأمين لا يمد يديه للكنوز الكثيرة التي تم الاستيلاء عليها أثناء فتوحاته ، وحتى عندما أحب ” زهرة ” ابنة قائده ” موسى بن نصير فإنه بقي يعلي من قيم الاسلام واخلاقياته بهذا الحب ويخاطبها بالمسرحية بقوله : يا زهرة أنا عربي ، لا أكذب ، أعرف اشياء كثيرة لكنني لست مغروراً ، وفي سبيل رفعة الإسلام أضحي بكل شئ ”
وكذلك ” موسى بن نصير ” الذي صُوّر كقائد مجرّب وصبور ومعتد بنفسه وشجاع ومغوار وابنته ” زهرة ” فتاة في العشرين من عمرها شجاعة معتزّة بنفسها تريد أن تعيش وتقاتل سواسية مع المقاتلين الرجال وهي لا تقل عنهم قوة وشجاعة وهكذا تمضي أعماله بنماذجها وأبطالها بكل فخر .
واخيراً بهذا الصدد فإن عبد الحق لا ينكر وجود عرب سيئين كخادم السلطان سليمان”وليد ” الذي كان شريراً وقاتلاً ينفذ الاوامر الظالمة بحذافيرها دون مساءلة او تردد او ضمير . إذن فالعربي عند عبد الحق وكثيرين في الدولة العثمانية آنذاك سواء كنبي عربي أو كصحابي أو حاكم ، جندي ،رجل او امرأة ، أسير او مقاتل كان يتحلّى بالشجاعة والكرامة وحب الوطن والبطولة والتضحية والصدق والأمانة في مواجهة ” الآخر ” الاسباني ، كانت شخصية العربي متماهية مع شخصية التركي العثماني ويلبي جميع تطلعاتها وطموحاتها الإنسانية ”
( من دراسة أصدرها الأستاذ عبد الستار الحاج حامد باللغة التركية )
وأحب في نفس هذا السياق الايجابي التعريج على ” ديوان السلام ” للشاعر نجيب فاضل الذي يلقب بسلطان الشعراء الاتراك والمولود عام ١٩٠٤ وقد عاش في نهاية عهد الإمبرطورية وأول عهد الجمهورية ، وقد تربّي ببيئة محافظة وعلمانية معاً قبل أن يتغلب عليه النهج الإسلامي المحافظ والذي أدّى به إلى مجابهة الدولة العلمانية الجديدة ودخول السجن مراراً وتكراراً دفاعاً عن أفكاره ومعتقداته لتحرير الشعب التركي من ربقة العسف والطغيان .
في ديوانه ” السلام ” يسرد في ٦٣ قصيدة شعرية سيرة وحياة وشخصية النبي العربي ” محمد “عليه السلام ويبدو فيها متأثراً بالشعر العربي القديم ، وكل القصائد تذكر مراحل حياة النبي عليه السلام في منحنى عرفاني يربط العاشق بالمعشوق والمريد بالشيخ ، حيث يستدعي نجيب فاضل في كل من قصيدة ” الزمان ” و ” الميلاد ” و” النور ” لحظات الميلاد المقدس للنبي في مكة المكرمة حيث الزمان مشوش والحياة قاسية ثم تتالى بعدها البشارات والمعجزات التي تجعل الخير يملأ المكان ؛ مكة المكرّمة ” الجزيرة العربية ” ثم العالم من بعدها ، ويصف الميلاد على لسان أم النبي ” آمنة ” بلحظة إنسكاب نور من السماء صبّ في إناء ارضي ، نور رباني يتجسد مكتملاً في شخصية النبي الانسان عليه الصلاة والسلام …. يمضي الديوان يشرح محطات النبوة محطة محطة في قالبٍ يختلط فيه القرآني بالصوفي بالسيرة النبوية العطرة كلاً بكل .( من مقالة احمد المراغي بمجلة حراء )
٢: صورة العرب بعد قيام الجمهورية التركية الحديثة
لا شك بأن تصاعد التيارات القومية في أوروبا والتي أحاطت بالدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر والحقت بها عدة هزائم عسكرية ثقيلة قد أثّرت بالنخب التركية وأدّت إلى نشوء حركات اصلاحية وقومية عديدة كان من اشهرها ” حركة تركيا الفتاة ” ثم جمعية ” الإتحاد والترقّي ” والتي قامت بإنقلاب عام ١٩٠٩ واطاحت بالسلطان عبد الحميد الثاني آخر السلاطين الأقوياء للأمبرطورية ، ثمّ توجهت لمحاولة تتريك الدولة وإخضاعها لسلطة مركزية وعملت على دمج العناصر غير التركية كالعرب والأكراد بالامبرطورية قسراً ، مما أدّى إلى ثورة العرب بالحجاز والشام والعراق في الثورة العربية بقيادة الشريف حسين بعد تحالفه مع الإنجليز ثم خسارة الحرب واحتلال الدولة بما فيها العاصمة إستنبول ، ثم بعد ذلك جاء عهد الجمهورية التركية الحديثة بزعامة ” مصطفى كمال أتاتورك ” بطل حرب الاستقلال التركية ، فأحضر للحكم معه مجموعة من المثقفين والكتاب والسياسيين القوميين العلمانيين المتشددين الذين أخذوا على عاتقهم إنشاء دولةٍ حديثةٍ وطنية قومية تعمل وفقاً للقواعد بالواقعية للسياسة دون أي مرجعية دينية او ايدولوجيا ، ورأوا أن سبب تخلف الدولة العثمانية يعود إلى الإسلام والتراث الإسلامي العربي المنشأ فبدأوا بتأصيل مرحلة اطلق عليها ” تجريف الثلج ” وهو إزالة وإلغاء كل ما له علاقة بالعرب والمسلمين في الدولة الناشئة بما في ذلك حركة تغيير الحرف العربي بالكتابة ومنع الحجاب وتنقية اللغة التركية من مصطلحاتها العربية واستبدالها بكلمات تركية خالصة وإلغاء الخلافة ككل ، ولعقود تلت تمّ التعامل بكل عداء مع الإسلام والتراث العربي الإسلامي على كل الوجوه وبكافة الوسائل بشكل متطرف وقسري ، مما أدّي بالنهاية إلى تكريس القطيعة مع كل ما هو مقترن بالعرب والثقافة العربية ، متأثرين في جهودهم تلك بكثير من الإتجاهات الإستشراقية الغربية والتي هدفت إلى ” تغريب ” المجتمع التركي ولو ” بالسيف ” .
ومن ذلك التغيير أن صورة خيانة العرب للأتراك اثناء الحرب العالمية الاولى تكرست في كل انتاج المؤرخين القوميين من تلك الحقبة ك يوسف آق جورا وسعدي مقصودي ورشيد صفوت كما تم تكريس هذه الخيانة بالمناهج الدراسية ( خالد بشير ، حفريات ) .
كما أن النظام العلماني الجديد قرّب عدداً من الكتاب والصحفيين القوميين المتحدة المتشددين من أمثال رشاد نوري كونتكين ١٨٨٩-١٩٥٦ بروايتيه ( النمنمة، المرض القديم ) .
وفالح رفقي أتاي ١٨٩٤-١٩٧١ وهو صحفي وكاتب ونائب بالبرلمان من اشهر رواياته ( جبل الزيتون ، الساعة القديمة ) .
يعقوب قدري اوسمان اوغلو ١٨٨٩-١٩٧٤ وهو كاتب وصحفي ونائب برلماني ودبلوماسي من اشهر رواياته ( المنفى ، ليلة تنفيذ حكم الإعدام ) .
كان كل هؤلاء ضيوفاً أساسيين على مائدة اتاتورك وأصدقائه ومن خلّص اصحابه وفي نفس الوقت شغلوا مواقع رسمية في البرلمان والدولة ، واصبحت فيما بعد افكارهم وكتاباتهم هي المحدّدة للنظر نحو العرب والعالم الإسلامي في غرب الجغرافيا العربية وشمال افريقيا .
وإذا ما استعرضنا بعض الامثلة من الأعمال التي كتبوها والتي تمّ الإشارة إلى بعضها قبل قليل ، فهم يعممون ويصفون العالم العربي ككل بالمتخلف ومأوى الخفافيش ومكان للنفي بطقسه الحار جداً والمؤذي للحجر والبشر حسب إفادتهم ، كما وصفوا السكان العرب دون تمييز بشديدي السواد والبدو المضطربين والذين يعيشون بأحوال قاسية ومريعة ،
وفي عمله ( الساعة القديمة ) يقول أتاي واصفاً ” العرب “في الرواية ” بأنهم لآخر قطرة في دمهم ينزون زناخةً دهنيةً شهوانية تمتد لتطال بيت العربي وحديقته وفاكهته وكلماته وغنائه ، كل ذلك ينز دهناً ذائبا من الحرارة الشديدة ويسيل في كل جانب ، بينما يتدفق من أفواهم اللعاب والرغوة القرمزية ، فيما تذوب أيديهم ويتدفق دمهم ساخناً أثناء تناولهم للبهارات الحارة والحلويات داكنة اللون مع اللحم المهروس والمفروم وكأنهم حيوانات تتناول طعامها ” وهكذا يمضي بوصف حياة ابطاله العرب بإسلوب تحقيري ساخر ، وفي كل اعماله يركز على الطبيعة البدائية للعرب وطبيعة اراضيهم الموحشة والقاسية متناسياً حواضر العالم العربي في كل من دمشق وبغداد والقاهرة وسواها .
وكذلك الأمر في قصة ” السماء” لكونتكين وهو يصف إحدى بطلات القصة التي ذهبت لتتزوج من شخصٍ أعمى يعمل في خدمة المسجد النبوي الشريف ، ثم يتزوج عليها عبدة حبشية رغم انها جميلة فتضطر للهرب والعودة لإستنبول ، وهكذا فإنه بالعمل يصف العربي ( بأنه مزواج ومنكب على شهواته وأعمى ويعمل في مكان مقدس )
ويكرر وصفهم ايضاً بالرجال الشهوانيين الذين يضاجعون جواري حبشيات شديدات السواد ويأكلون بنهمٍ وتسيل من ايديهم الدهون لتغطي ملابسهم ”
( المرض القديم رشاد نوري )
ويكمل ويصف بشكل عنصري كامل الأوصاف بأن -العربي- ” الذي أصله الحقيقي من الحجاز يتغير مزاجه بشكلٍ سيئ كلما نزل للأسفل أكثر فأكثر ، وحتى بيوت ” المدينة المنورة ” التي تبدو بيوتا مهذبة ما هي إلا نسخ واحدة عن بعضها البعض وليست سوى أقفاص ما أن ترفع أي قفص منها حتى يصدمك رجل عربي يضاجع جارية سوداء ويشرب من ركوة حجرية طوال النهار .
( دراسة داوود اكشي )
٣: ما بعد عهد الجمهورية الأول
من الدراسات المهمة والتي تناولت هذا الموضوع والتي يمكن الاستفادة باستفاضة وصولاً الى فترة التسعينات من القرن الماضي دراسة الاستاذ والباحث العراقي ابراهيم الداقوقي فقد كتاباً ضافيا عن “صورة العرب لدى الاتراك ” وذلك قبل هجرة السوريين والعرب الى تركيا بالملايين وحتى قبل حكم حزب العدالة والتنمية ، فقد صدر كتابه في العام ١٩٩٦ عن مركز دراسات الوحدة العربية كما أن له كتاباً اخر عن ” صورة الأتراك لدى العرب ” في العام ٢٠٠١ .
عاش الداقوقي وعمل بتركيا بالستينات من القرن الماضي ملحقاً صحفياً بالسفارة العراقية وترجم وألّف عدة دراسات وكتب تتناول الثقافة والأدب التركيين مثل ترجماته ليشار كمال والشاعر العثماني فضولي كما أصدر مع عدة زملاء قاموساً عثمانياً- تركياً- عربياً .
سعى الداقوقي لتتبع مكونات الصورة العربية سلباً وايجاباً لدى الرأي العام التركي وتقلبات وتناقضات هذه الصورة ، وقد بدأها بتناول تاريخ العلاقات الثقافية المشتركة بين الشعبين ، منذ إستخدام الأتراك للحروف العربية في القرن العاشر الميلادي ( اثناء الحكم العباسي ) ، ثم محاولة محمود الكشغري ( عالم وفليسوف تركي تمتد اصوله الى مدينة كشغر في منطقة الايغور ) في القرن الحادي عشر تعليم العرب اللغة التركية في معجمه الشهير ( ديوان لغات الترك ) والذي أهداه آنذاك للخليفة العباسي المقتدي بأمر الله . بعد ذلك تناول الدقوقي تأثير اللغة العربية في اللغة التركية والعثمانية سابقاً وذكر ان بعض الباحثين يقولون ان ٨٠٪ من اللغة التركية القديمة كانت من اصول عربية وفارسية ، ثم تطرق لتأثير اللغة التركية باللهجات العربية خصوصا في بلاد الشام ومصر والعراق .
وقد ركز الدقوقي في دراسته على مرحلة ما بعد انهيار الدولة العثمانية عندما أصبح الأتراك والعرب على مفترق طرق بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى وثورة العرب على الإنقلابيين الإتحاديين ويؤكد أن مصطفى كمال أتاتورك قائد حركة التحرير الشعبية لتحرير الاناضول ومؤسس الجمهورية التركية فيما بعد كان على اتصال بالقوميين العرب في سوريا والعراق أثناء حرب الاستقلال من أجل تحقيق الأهداف القومية لكلٍ من العرب والأتراك معاً ضد مطامع الغرب في بلادهم ، إلا أنه يرى أن المخابرات الفرنسية والغربية لعبت دوراً بارزاً في قطع الطريق على محاولات الصلح والتفاهم بين العرب والأتراك آنذاك من خلال إرضاء مصطفي كمال بالانسحاب الجزئي من الاناضول . ثم تم منحه لواء الاسكندرون من ارضي سوريا تحت الانتداب الفرنسي . أما ما بعد إنشاء الجمهورية التركية الحديثة فقد كان هدف الفريق الذي قاده اتاتورك – كما سبق الإشارة إليه – هو انشاء دولة حديثة وطنية قومية تعمل وفقاً لقواعد السياسة الواقعية بالسياسة والتالي فهي تحتاج إلى تعميق مفهوم ” الآخر ” وذلك بإزالة كل ما له علاقة بالإسلام أولاً ( دين الدولة العثمانية الزائلة ) ثم العرب ثانياً كمسلمين اوائل قاموا بحمل رسالة الاسلام للأتراك والعرب على حدً سواء وهذا مذكور في دراسة “داوود أكشي وهي دراسة باللغة التركية “عن هذا الموضوع كما سبق وأشرنا لذلك .
ثم يكمل الداقوقي فيرى ان العرب بدولهم اثناء الاستعمار الفرنسي والانجليزي لم يكن لهم أي موقف سلبي من الجمهورية التركية الوليدة حتى العام ١٩٤٩ عندما اعترفت الجمهورية التركية بالكيان الصهيوني المحتلّ لفلسطين وذلك بعد رحيل اتاتورك بعشرة اعوام ، واعتبرت تلك نقطة التحول الحقيقية في علاقة العرب بتركيا في التاريخ المعاصر ، لذلك مرت العلاقات بينهما بفترات من الركود والتوجس حتى وصول الرئيس تورغوت اوزال للحكم منتصف الثمانينات من القرن الماضي وبعده سليمان ديميريل في العام ١٩٩٣ ، وقد وعد آنذاك بأن تقف تركيا إلى جانب العرب والمسلمين في قضاياهم المشروعة وأقيمت في عهده عدة مؤتمرات في كلٍ من انقرة والقاهرة وبيروت من أجل مناقشة المشاكل الرئيسية التي تعترض سبيل العلاقات بين العرب والاتراك في ضوء التحولات على صعيد السياسة الدولية ونهاية الحرب الباردة – ولا يفوتني في السياق أن أشير إلى أن هذا الإتجاه تنامى اكثر وأكثر بعد وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في العام ٢٠٠٢ بقيادة الرئيس رجب طيب اردوغان ورفاقه – .
لاحظ الداقوقي صورتين نمطيتين عن العرب في تركيا ؛ الأولى تصفهم ” بالتخلف ” المتمثل بالضعف الذي هم عليه وفرقتهم وصراعاتهم المستمرة مع بعضهم البعض وتفريطهم بفلسطين ومقدراتهم وثرواتهم بشكل دائم ، وتقدمهم كمسرفين ومحبين للنساء ولا يمكن الإعتماد عليهم ، بينما في الجانب الآخر بقي من الاتراك من يربط العرب بالإسلام ويصفهم “بالقوم النجباء” الذين ينحدرون من نسل الرسول المعظم عليه السلام والصحابة الكرام والتدين المشهود .
ومن الملاحظات التي يسلّط الداقوقي الضوء عليها في سياق تشويه صورة العرب في الكتب الدراسية التركية ، أن مؤلفي هذه المناهج أرادوا إضفاء صفة الدين على مسألة ” خيانة ” العرب للخليفة العثماني والاتراك وذلك ببعديها العسكري والسياسي ( الداقوقي ) .
-رغم ان الجمهورية الحديثة تنبذ الدين في تعاملاتها الأخرى ومع ذلك لم تتوان عن استخدام الدين للحط ومهاجمة العرب في تلك الحقبة – وحاولت تلك الادبيات في تلك المرحلة المبكرة من تاريخ الجمهورية اختزال كل العرب بالثورة العربية التي قادها الشريف حسين بالحجاز وكأنها تمثل كل العرب دون النظر بمظلومية المنطقة العربية ككل واوضاعها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المهلهلة والظلم والإضطهاد الذي مورس ضدها في تلك الحقبة من الزمن ( نهاية الدولة العثمانية والحرب العالمية الاولى ) والتأخر الإقتصادي والفقر والفاقة التي عمّت انحاء هذه المنطقة بالذات ( بلاد الشام والجزيرة العربية والعراق ) . ومتجاوزة أن تيارات عربية أخرى بقيت على وفاءها وإخلاصها للدولة العثمانية كإبن رشيد في السعودية وسعدون باشا في العراق وأحمد عرابي في مصر وقد دفعت هذه القوى وغيرها ثمناً باهضاً لهذا الولاء والاخلاص .
أهم فصول كتاب الداقوقي هو الثابت والمتحول في الصورة العربية لدى الاتراك داخل انماط الفلوكلور ووسائل الاعلام والكتب المدرسية منذ تأسيس الجمهورية وحتى منتصف التسعينات . ويذهب إلى أن الفلوكلور الشعبي التركي تأثر لوقت طويل بالفلوكلور العربي وأن معارف الإنسان الشعبي التركي لا تكاد تختلف عن معارف الانسان الشعبي العربي، نظراً للتاريخ المشترك الطويل الذي افرز الكثير من الحكايات والسير الشعبية والأمثال والتعابير التي وجد فيها العامة من كلا الشعبين طريقاً للخلاص من الكبت النفسي والاجتماعي والسياسي الذي كانوا كانوا يعانون منه معاً كشخصية “جحا ” ” نصر الدين هوجا ” وكراغوز وعياض ” كراكوز ”
أخيراً في الإحصائيات التي أجراها الداقوقي للصحف التركية كافة بغض النظر عن اتجاهاتها لمدة ثلاث شهور في الفترة عن ١٩٩٣-١٩٩٤ للمواد المنشورة عن العرب من اخبار ومقالات وتحقيقات وكاريكاتيرات في أبرز عشرة صحف تركيا آنذاك تشمل كل الاطياف السياسية التركية المختلفة فوجد أن الصحف كافة بغض النظر عن اتجاهاتها قد نشرت شيئاً عن تطوّر العلاقات العربية التركية وإن كانت الصحف ذات الاتجاهات الاسلامية ” كمللي غازيتا “و” زمان ” أكثر اهتماماً بهذه العلاقة وأحوال الدول العربية والاسلامية تلتها في ذلك الصحف اليسارية
صحيفة ” جمهوريات ” فيما تجاهلت الصحف القومية الكبرى الحديث عن العرب . بينما يلاحظ إتفاق معظم الصحف التركية – مناط الدراسة – على التنديد بالاعمال الصهيونية ضد العرب بإستثناء صحيفتي “حرّيّات ” و “مليّات ” حيث دأبتا على التأكيد على ضرورة توثيق علاقة تركيا بالكيان الصهيوني ، بل إن صحيفة ” مليّات ” كانت الصحيفة الوحيدة التي كثيراً ما وصفت الفلسطينيين ” بالارهابيين ” عندما تعرض لعملياتهم التي تقاوم الاحتلال الصهيوني لبلادهم فلسطين . ( عرض احمد زكريا / العربي الجديد )
علينا ان لا نغفل هنا أن نذكر أنه في مواجهة هذا التيار القومي العلماني الرافض للدين من أساسه كانت هناك تيارات أخرى بالمجتمع التركي ” محافظة ” ومتمسكة بالموروث الاسلامي وقد قاومت عملية التغيير القسري هذه ولم تقبل أبداً بفصلها عن المكوّن الحضاري العربي والإسلامي ووفقاً لهذا التيار فقد اعتبروا أن ” الترك ” بخلاف الفرس لم يكن لهم أي حضارات أو أمجاد سابقة على دخولهم الإسلام ، فالإسلام كان الأساس لتوحيد الأتراك واندفاعهم لتأسيس دولهم عبر التاريخ وتوسعهم الكبير ، وأيضاً كانوا يرون أنه ما زال من واجبهم حماية هذا الدين ونشره في العالمين والدفاع عنه بالغالي والنفيس ، وهذا يقترن بحب بالعربية والعرب على حدٍ سواء ، فالعربية كانت لقرون ممتدة اللغة الرسمية للمثقفين والعلماء الأتراك ، وهذا التيار وكتّابه ومفكريه تصاعد وجودهم في الدولة التركية المعاصرة أثناء السبعينات من القرن الماضي وما بعدها مما أدّى إلى نشوء أحزابٍ قوية كحزب السلامة الوطني وحزب الرفاة وجماعة ” النور” وحزب السعادة واخيراً حزب العدالة والتنمية الحاكم الآن .
وقد جاءت الصدمة لإتجاه التغريب في تركيا من “الغرب ” نفسه عندما تعامل مع تركيا الحديثة بتحيز وتعصب ، خاصة منذ السبعينات كما في أزمة قبرص وسواها , ثمّ توالى الفعل نفسه في الثمانينات عند تصاعد الاعمال الارهابية الأرمنية ضد الدولة التركية ووقوف الغرب منها موقف المتفرج بل والمتواطئ احياناً كما في فرنسا والولايات المتحدة ، ثمّ وصولاً للتسعينات زمن حروب البلقان والمجازر التي مورست على الأقليات المسلمة في أوروبا ، ثم توّجت هذه القطيعة والعزلة عن الغرب برفض دخول تركيا للسوق الأوربية المشتركة على اعتبارها ” نادياً مسيحياً ” كما افاد البعض ، وكذلك الدعم الأوروبي غير المحدود للإنفصاليين الأكراد في حربهم مع الدولة التركية خلال الثمانينات والتسعينات ووصولاً الى الزمن الحاضر ، رغم أن تركيا عضو في النيتو ، كل ذلك عمم ” الإرتباك “داخل النخب التركية وباتت الحاجة ملحّة لدى هذه النخب لإعادة تعريف الهوية الجامعة للمواطنين الأتراك ” بالإسلام ” مرّة أخرى ، لأن التمسّك بالقومية التركية بشكلها المتطرف العلماني هو برأي كثيرين من الأتراك هو ما أجج ويؤجج كثير من العداوات بين مكونات الشعب التركي نفسه ، فبدؤا ومنذ عهد رئيس الوزراء السابق تورغوت أُوزال الذي حكم ١٩٨٣-١٩٩٣ بوضع أُسس ما سمّي ” بالعثمانية الجديدة ” ثم تبعه على نفس النهج حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب اردوغان رئيس تركيا الحالي وكذلك حزب الحركة القومي اليميني – الذي تسبب نهجه هذا بانشقاق كبير في صفوفه قادته ميرال اكشينار -وقاموا جميعاً بإعادة التموضع بالسياسة الخارجية التركية كشريك للعالم الإسلامي والعربي ، وخاصة بعدما أن إنتهت الحرب الباردة وقام العالم بتعريف علاقاته من جديد ومنها اعادة تعريف تركيا بعلاقتها مع تاريخها والعالم معاً ، وللعلم فإن هذا النهج ما زال موضع شد ورخي بين التيارات السياسية العلمانية واليسارية واليمينية الشوفينية والاسلامية المحافظة حتى الان ، بل ولوجود تواصل حكومي متصاعد مع العالم العربي حالياً وحركة النزوح الضخمة من السوريين والسياحة العربية اللافتة نحو تركيا أصبحت هذه العلاقة مادة سامّة في التنازع السياسي التركي الداخلي .
( خالد بشير ، حفريات )
وفي نفس السياق يحاول ( فخري شاهين الكاتب في الجزيرة )تلخيص العلاقة بين العرب والاتراك ” بالعداء القومي الزائف في مواجهة الأخوة التاريخية الراسخة ” وأضاف بأن صورة العربي في المخيال التركي والثقافة التركية المعاصرة جرى عليها اشتغال تحريضي مقصود وألاعيب سياسية داخلية وخارجية يراد تكريسه بشكلٍ فجٍ وإجباري ، وأورد مثلاً تركياً مشهوراً يعاكس كل هذه العنصرية ويقول” بأن الأمّة التركية زوّجت بناتها لسبع قارّات وتزوج أبناءها من سبع قارّات ” في إشارة لسيادة روح التسامح بين الأمة التركية ومحيطها اجمعين .
وفي دراسة تمّ اجراؤها في العام ٢٠١٠ وذلك قبل الهجرة السورية والربيع العربي وقامت بها منظمة “سيتا” SETA التركية المتخصصة في إجراء الأبحاث السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية حول صورة الشعب العربي لدى الأتراك، شارك فيها 3040 تركي، أظهرت النتائج أن 39% من الأتراك لديهم مشاعر سلبية تجاه الشعب العربي، وبأنه شعب كسول ومفرط في التدين، وصرح 45% من المبحوثين أن العرب قاموا بخيانة الشعب التركي عندما قام العرب بالثورة على الخلافة التركية وعندما قام الإستطلاع بالبحث عن الاسباب التي ساهمت بتكون هذه الصورة وجدوا ؛ التطرف القومي ” الفاشية ” ، المناهج الدراسية ، الدين ثم الصحافة التركية والسينما والدراما مع ما يوجهها من تيارات سياسية وأحزاب بأجندات مختلفة وأنها كلها مجتمعة أو منفردة مسؤولة عن ترسيخ تلك الصورة السلبية للعرب (بوزوكوز، 2007) ، ويذكرون كذلك من اسباب هذا التباغض ” الإرث الحضاري والمدني المعاصر للجمهورية ما بعد الدولة العثمانية ” فعندما انتصرت الأتاتوركية تبنّى قادتها ومفكروها ومؤرخوها “نظرية الشمس” التي اعتبرت الحضارة التركية، أساس الحضارات القديمة في العالم !!! في سياق استعلائي شوفيني .
كما أن هناك دراسة أخرى أجرتها ” اسراء أتاك أبجة” عام ٢٠١٩ وقدمت لجامعة إزمير ، أفاد غالبية المشاركين بالدراسة أن معظم معلوماتهم عن العرب قادمة من ” الإعلام ” فإذا ما عرفنا ان هذا الاعلام بأغلبيته علماني يميني معادٍ للعرب فهمنا لم عبرت نسبة ٦٢ ٪ منهم عن مشاعر سلبية ووصفت العرب بأنهم غير جديرين بالثقة ناكري جميل ، واذا تم التدقيق بنتائج الاستطلاع توصلت الباحثة إلى أن ما نسبته ٦٧٪ منهم كانت أحكامهم مسبقة عن العرب دون ان يعرفوهم او يخالطوهم أو حتى يروهم ولو لمرةٍ واحدة في حياتهم .
ماذا إذن ؟؟ ما العمل ؟؟
بعد كل التوضيحات السابقة والاستعراض المستفيض يمكننا القول أن هناك مشكلة لدى الطرفين وأنه ينبغي العمل على حلها خاصّة وأن هناك أيضاً على الجانب العربي إشتغال كبير لشيطنة وصورة التركي في المخيال والثقافة العربية لذلك فإني أرى ان الحل الذي ينبغي ان يشتغل عليه الطرفان سواء على البعد الرسمي والسياسي أو على صعيد البعد الشعبي والنخبوي الثقافي والأدبي هو العمل على تغيير الواقع بين الشعبين بشكل جذري فالتغيير يبدأ بإصلاح عالم الافكار ثم عالم المشاعر ثم عالم العلاقات
فلا بد من التركيز وتوضيح موقعنا كعرب وأتراك في الجغرافيا السياسية وهو مؤشر لا نقاش فيه على الجيرة التاريخية المهمة والاقليمية ووحدة المصير وذلك عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعية والاعلامية والدرامية وكذلك تمتين العلاقات الاقتصادية والاعلامية ويمكن ان نلخص ذلك بثلاث مساحات :
الاولى : معالجة المناهج الدراسية لدى الطرفين لمحاربة الصورة النمطية عن العربي كخائن وقذر وكسول وكذلك عن صورة التركي كمستعمر واستبدادي ومتخلف ، وهناك دراسة للدكتور “إحسان اكمل اوغلو ” عن المناهج العربية ما بين ١٩١٢-١٩٨٠ وكذلك دراسة الأستاذ ” ابراهيم الداقوقي “عن المناهج التركية في الفترة ما بين ١٩٣١-١٩٩٠ للتدليل على ذلك عند الطرفين ، والحق يقال انه بدأت محاولات جادة لدى الطرفين للوصول إلى هذا الهدف بالنسبة للمناهج التركية فكما يذكر الباحث (محمد نور النمر ، العربي الجديد ) أن ” الربيع العربي ” تمّ إدراجه بمناهج الصف الثاني عشر بكتاب التاريخ التركي المعاصر وذكر فيه أنه بشهر كانون الاول من العام ٢٠١٠ قام شاب عربي تونسي كادح بإحراق نفسه بسبب من إعتراضه على الظلم والقهر والاهانة لكرامته الإنسانية ثم انتشرت الأحداث في كلٍ من ليبيا ومصر واليمن وسوريا تحت شعارات الديمقراطية والتغيير ، متطرقة ً إلى أن بنية النظام العربي ودوله القومية تقوم على أسس عشائرية وطائفية ومحسوبية وحكم الفرد سواءً بالأنظمة الملكية أو الجمهورية مما أدّى إلى انتشار الفساد والبطالة والفقر فضلاً عن القمع السياسي رغماً عن توفر الموارد الاقتصادية الوفيرة وكل هذا يشكل بمجمله مناخاً مناسباً للثورة والرغبة بالتغيير وهذا ما حدث بالفعل ، ثم هناك تغيير آخر يتعلق بسوريا وثورة السوريين وكفاحهم ونهوضهم بوجه الطائفية والاستبداد والفساد وبسبب ما لسوريا ووضع السوريين من خصوصية لذلك تم تعميم التغيير الإيجابي بالمناهج في كل مراحل الدراسة التركية وذلك بشرح سبب الثورة ودور الشعب السوري الحر فيها ، وما زال التغيير الإيجابي في تركيا حاصلاً ومستمراً حتى لحظة كتابة هذا الدراسة .
ثانياً : الاعلام
ويمكن بهذا الخصوص أن يلعب الإعلام العربي والتركي دوراً فاعلاً عن طريق تعريف الشعب التركي بالعالم العربي على حقيقته وتنوعه وأن يكون ذلك عبر منصات اعلامية ناطقة باللغة التركية تركز على المشترك الحضاري بين الثقافتين التركية والعربية خاصة وأن الناطقين باللغة التركية يصلون الى ٢٠٠-٢٥٠ مليون بالعالم طبعاً بدول مختلفة وأعراق تركية متعددة .
كما يجب ان يكون هناك مشاريع ثقافية مشتركة منها مراكز تعليم اللغة العربية في كل ارجاء تركيا وكذلك تعليم التركية في العواصم العربية كافة وتشجيع حركة الترجمة والكتب واصدار البحوث بكافة الشؤون المشتركة وتكوين جمعيات الصداقة بين الشعبين فضلاً عن تشجيع مشاريع الانتاج الفني والسينمائي والوثائقي والإعلامي المشترك .
ثالثاً : تركيا تمتلك قدرات اقتصادية هائلة والنخب العربية تمتلك رؤوس أموال طائلة وتبحث عن مجالات الاستثمار والاسواق الواعدة التي هي موجودة بكثرة في العالم العربي لذلك من المفيد بناء شراكات بين رجال الاعمال العرب والأتراك وتشكيل جمعيات اقتصادية مشتركة ومعارض وفعاليات مستمرة بهذا الخصوص وتذليل العقبات التي تعترض سبل الاستثمار وتهيئة المناخات الآمنة والمريحة لكلا الطرفين .
( ياسر الغرباوي ، الجزيرة )
هذه عجالة للمجالات التي يمكن الاشتغال عليها والاستثمار بها بعيداً عن تعقيدات المواقف السياسية العربية وتقلبات الموقف السياسي التركي الذي يتشكل طبقاً لتوجهات الأحزاب التركية المتنافسة على السلطة ، ولا شك بأن هذا سيمثل رأس جسر لتحالف عربي -تركي قوي يعود على الجميع بالنفع والقوة .
وهنا أختم بقول الشاعر التركي العظيم يونس أمرة :
فلنتقارب ولنتعارف ولنجعل الأمر أسهل وأجمل .
◦
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.