الانتخابات الرئاسية الأميركية هل ستشكل فرصة للنظام الإيراني ..؟
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات ….
أن الإنتخابات الرئاسية الأميركية المهمة ألتى تجري الآن يبدو أن النظام الإيراني بصدد الإستفادة من تكرار فرصة حدثت قبل 44 عاماً بالتزامن مع الإستحقاق الإنتخابي في الولايات المتحدة الأمريكية، في وقت الولايات المتحدة الأميركية مقبلة على أحد أهم الإنتخابات المصيرية في البلاد، فعودة الرجل الجمهوري دونالد ترمب من شأنها أن تحدث تغييرات كبيرة في السياسة الخارجية والمحلية في الولايات المتحدة الأميركية كما هي الحال بالنسبة إلى وصول أول امرأة ديمقراطية إلى المنصب الرئاسي على رأس أكبر قوة إقتصادية وعسكرية في العالم، في كلا الحالتين وعندما يؤدي الرئيس الجديد اليمين الدستوري في الـ20 من كانون ثاني/ يناير 2025 سنرى أميركا مختلفة، وهذا الإختلاف يؤثر في مصير وموقع عدد من البلدان، وفي مثل هذه الإنتخابات المهمة ألتي يبدو بأن النظام الإيراني بصدد الإستفادة من تكرار فرصة حدثت قبل 44 عاماً بالتزامن مع الإستحقاق الإنتخابي في أميركا، كما أنه أيضا في مثل هذه الأوقات عام 1980 عندما كان التنافس محتدماً بين الديمقراطي جيمي كارتر والجمهوري رونالد ريغان، كانت إيران قد أقدمت على خطف 52 دبلوماسياً أميركياً كرهائن في طهران، وكان موضوع إطلاق سراح الدبلوماسيين الأميركيين الذين أحتجزتهم إيران قبل عام من عقد الإنتخابات من شأنه التأثير على نتيجة الإنتخابات لمصلحة أحد المرشحين، وفي تلك الأيام كان الغضب من إعتقال الدبلوماسيين الأميركيين يأخذ منحى تصاعدياً في جميع أرجاء الولايات المتحدة الأميركية، وكانت العملية الفاشلة لجيمي كارتر لأستعادتهم بالقوة قد فشلت، كما لم تؤد المفاوضات إلى نتيجة، حيث كان النظام الإيراني مطلعاً على هذا التأثير، وقد إستثمر موقفه للتأثير على الإنتخابات الأميركية، ولم يقدم النظام الإيراني على إطلاق سراح الرهائن قبل الأنتخابات، وكان الدبلوماسيون الـ52 الذين أحتجزتهم إيران 444 يوماً قد أطلق سراحهم قبل يوم من أداء رونالد ريغان اليمين رئيساً للبلاد في الـ21 من يناير عام 1981 لكي ينال رونالد ريغان شرف هذا الحدث الكبير، وبالعودة إلى تلك الفترة ألتي شهدناها عام 1980، فهل ينوي النظام الإيراني الذي يمر بأكثر الأوقات حساسية والظروف المرتبطة ببقائه أو إستمراره التأثير في الإنتخابات الأميركية لمصلحته ..؟ فخلال أزمة الرهائن ذهبت إيران وأميركا حد الحرب، وقال كارتر وقتها في مقابلة مع قناة سي أن بي سي إن سبب عدم إنتخابه هو تجنبه شن هجوم عسكري على إيران، قال حينها : كان بإمكاني محو إيران من خريطة العالم بقوة السلاح لكن هذه العملية تؤدي إلى قتل مزيد من الأبرياء، لكن الوثائق ألتى نشرت عام 2023 تشير إلى أن المفاوضات بين النظام الإيراني وأميركا بوساطة ألمانية لم تؤدي إلى نتيجة، وكان النظام الإيراني يرى في فوز الجمهوريين وهزيمة الديمقراطيين مصلحة له، وكتبت يومها صحيفة إشبيغل : إن مساعد الخارجية الأميركية وارن كريستوفر وهانز ديتريش غينشر من الحزب الليبرالي في ألمانيا الغربية، خاضا مفاوضات مع ممثل إيران صادق طباطبائي وذكرت بأن كريستوفر وارن منح إيران ضماناً بعدم الهجوم على طهران في حال قبلت إطلاق سراح الرهائن، كما تعهد بإعادة نحو 6 مليارات دولار ومخزون من الذهب في حال الإفراج عنهم، كما أتفق الجانبان على التعاون للتصرف في ممتلكات وأموال شاه إيران السابق، وقد أشار كارتر إلى هذا الموضوع في مذكراته وقد أكد أن ” الخميني” كان على إطلاع بصورة مباشرة بهذه المفاوضات، لكن في وقت كان الجانبان يقتربان فيه من الأتفاق، أقدم النظام الإيراني على مغادرة المفاوضات في أكتوبر ذلك العام في أداء مفاجئ، وقد أجرى الكونغرس الأميركي تحقيقاً في شأن تدخل الجمهوريين لفوز رونالد ريغان في الإنتخابات، لكن صحيفة ” نيويورك تايمز ” أعلنت قبل عام نقلاً عن جون كانلي حاكم ولاية تكساس عام 1980، وهو من السياسيين المتنفذين في الولايات المتحدة الأميركية، أنه نقل رسالة إلى طهران في شأن المساعدة في هزيمة كارتر فقلت لهم : لا تطلقوا سراح الرهائن الأميركيين قبل الإنتخابات، بعد فوزه سيقدم رونالد ريغان لكم عرضاً أفضل، وكان المسؤولون الإيرانيون قد استأنفوا المفاوضات مع الأميركيين عام 1981 في الجزائر، وفي نهاية المطاف حررت واشنطن مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المجمدة، لكن في هذه المرة يبدو بأن النظام الإيراني ينوي مرة أخرى خوض تجربة وذلك من خلال التأثير في الإنتخابات الأميركية، والجميع يقترب من إنتهاء الساعات الأخيرة للأنتخابات الأميركية ألتي يتابع الشعبان الإيراني والإسرائيلي بقلق نتائجها خشية وقوع حرب كبيرة، وكانت إسرائيل قد ردت على الهجوم الصاروخي الإيراني في الـ 26 من تشرين أول/أكتوبر الماضي بهجوم أستهدف المراكز العسكرية والأنظمة الدفاعية في منشآت الطاقة الإيرانية، وقد أكد النظام الإيراني مقتل أربعة عسكريين ومدني واحد في الهجوم، وفي الوقت الحالي تهدد إيران بهجوم أوسع من السابق على إسرائيل، وقد كرر التهديدات المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي وعدد من قادة الحرس الثوري الإيراني، وفي حين يبدو أن الجانبين يستعدان لمثل هذا الهجوم، ذكر موقع ” أكسيوس ” القريب من الديمقراطيين نقلاً عن مسؤول أميركي، أن إدارة جو بايدن وجهت تحذيراً لإيران من شن هجوم آخر على إسرائيل وقد أكد لها أنها هذه المرة لا يمكنها إحتواء إسرائيل، مما يعني أن الهجوم المقبل قد يكون ضد المنشآت النووية الإيرانية وستدخل الحرب مرحلة أخرى، وقد تدخل الولايات المتحدة الأميركية الحرب لدعم إسرائيل في حربها المباشرة ضد طهران، ومع الحديث عن قرب الهجوم الإيراني على إسرائيل، أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة الأميركية أمس الأحد إرسال 12 من مقاتلات ” بي 52 ” الإستراتيجية إلى القاعدة الأميركية في قطر، كما أن البدء بالحرب قد يفتح الباب أمام أميركا لخوض مواجهة في الشرق الأوسط، وقد تؤثر في آراء الديمقراطيين وإلحاق الضرر بكامالا هاريس، والجيل الشاب في الولايات المتحدة الأميركية يضم غالبية يعبرون عن دعمهم للحزب الديمقراطي ولديهم ميول يسارية، وقد نظموا عدداً من التظاهرات ضد إستمرار الحرب في غزة ومقتل الفلسطينيين، وتبقى تشكل معارضتهم للحرب ودعم بايدن وهاريس لما يجري في غزة ضعفاً لمعسكر هاريس الإنتخابي، وقد تجلى هذا الجدل في عدد من التجمعات الإنتخابية إذ طرح الحاضرون أسئلة جريئة تحدوا فيها كامالا هاريس، كم يبقى يشكل عدم الوضوح الذي تلجأ إليه إدارة بايدن والهرب من الرد على أسئلة الداعمين للحزب من جيل الشباب، تحديات أساسية في ما يتعلق بتطورات الشرق الأوسط وبخاصة أن هذه التطورات إنتقلت إلى لبنان، وفي هذه الأثناء يؤكد دونالد ترمب أنه بفوزه في الإنتخابات سيعمل على إنهاء حربي غزة وأوكرانيا وتحرير الرهائن الإسرائيليين، وسبق أن هاجم ترمب النظام الإيراني في الحملات الإنتخابية السابقة خلافاً للحملة الحالية، وقد أكد في مقابلة أنه لا ينوي تغيير النظام الإيراني وأن الشعب الإيراني هو المسؤول عن تغيير حكومته، الرسائل قد تحث النظام الإيراني على الرغبة بفوز ترمب للعمل على وضع خياري الحرب والسلام على الطاولة من أجل أستغلالها خدمة لمصالحه، ولكن هذا القمار قد يؤدي إلى كارثة للنظام الإيراني بسبب عدم إمتلاك أوراق كبيرة، وما تبقى من خيارات خلال الساعات القليلة المقبلة هو وقف إطلاق النار في غزة الذي من شأنه التمهيد لإطلاق سراح الرهائن، هذا من شأنه التمهيد لفوز كامالا هاريس ويسبب حرجاً لمعسكر الجمهوريين الذين يبحثون عن فرصة لإعادة النظر في الإستراتيجيات المتعلقة بالشرق الأوسط، وكان قد أكد الرئيس الإيراني مسعود بزكشيان هذه الرغبة في الإجتماع السابق للحكومة إذ قال : إنهم يعلمون أنه إذا ما ارتكبوا أي خطأ ضد النظام الإيراني سيتلقون صفعة على الفم، وإذا ما أعادوا النظر وقبلوا بوقف إطلاق النار ووقف قتل الأبرياء في المنطقة سنعيد النظر في طبيعة ردنا وحدّته، لكن النظام الإيراني يفكر في تأجيل الهجوم على إسرائيل وتحمل النتائج إلى فترة بعد وصول ترمب إلى السلطة، إلا إذا أقدم بايدن على وقف الحرب قبل الإنتخابات الحالية، وفي هذه الإنتخابات ألتى تشير فيها الأستطلاعات إلى فوز ترمب، قد يؤدي التحرك الإيراني إلى التأثير في الإنتخابات في هذا البلد لكن لا ضمان لتحقيق نتيجة تنتهي لمصلحة النظام الإيراني.
المحامي الدولي فيصل الخزاعي الفريحات
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.