بين التآمر والخذلان.. هل العرموطي مَن أوصل الصفدي؟!..

محمود الدباس ….

 

منذ أن أعلنت جبهة العمل الإسلامي عن ترشيح النائب المخضرم صالح العرموطي لرئاسة مجلس النواب.. وحتى لحظة إعلان فوز النائب أحمد الصفدي بالرئاسة.. امتلأت الساحة السياسية بالتكهنات والتحليلات.. كأنما هذه الانتخابات كانت أكثر من مجرد سباق برلماني.. بل مواجهة رمزية بين القوى التقليدية.. والتكتلات الحزبية الجديدة.. وبين ما هو متوقع.. وما هو غير محسوب..

أثارت خطوة الجبهة تساؤلات عميقة.. فكيف يمكن لحزب يعلم يقيناً أن فرص مرشحه في الفوز تكاد تكون معدومة.. أن يختار خوض هذا السباق؟!.. أكانت الجبهة تراهن على تثبيت موقعها السياسي.. وتعزيز شعبيتها بين قواعدها الانتخابية؟!.. أم أنها سعت لإثبات وجود قوى سياسية تعمل على تحجيمها.. ومنعها من الوصول إلى مراكز صنع القرار؟!.. رغم أن الجبهة حصدت 31 مقعداً.. بفارق واضح عن أقرب منافسيها.. إلا أن النتيجة جاءت لتؤكد قوة التكتلات السياسية الأخرى.. وقدرتها على توحيد صفوفها.. فقط لإزاحة مرشح الجبهة من المشهد..

من بين الفرضيات التي تسللت بشكل غريب الى أروقة التحليل السياسي.. تلك التي ترى أن الجبهة تعمدت ترشيح العرموطي لتُظهره بمظهر الهزيمة.. أو “المذل”.. بحكم أنه ليس عضواً رسمياً فيها.. وأن شعبيته الجارفة قد تُشكّل تهديداً لمركزية القرار داخلها.. خاصة مع حصوله على حوالي 30 ألف صوت في دائرته.. ورفضه المبدئي للترشح للنيابة ثم للرئاسة.. إلا أن هذه الفرضية تبدو غريبة كل الغرابة أمام الواقع.. فالجبهة التي تسعى لتثبيت صورتها كقوة معارضة وازنة.. لا يمكن أن تُقامر بمصداقيتها.. عبر إضعاف شخصية مرموقة ومؤثرة كالعرموطي.. بل على الأرجح كانت خطوتها نابعة من قراءة خاطئة لتوازنات القوى داخل المجلس.. ولن تكون مؤامرة داخلية..

فكان من اللافت.. أن انسحاب أسماء كانت متداولة كمرشحين للرئاسة لصالح الصفدي.. جاء كرسالة واضحة.. بأن الهدف لم يكن دعم الصفدي.. بقدر ما كان منع العرموطي من الوصول.. فهل كان هذا التحالف مؤشراً على حجم المخاوف التي تحملها القوى الأخرى.. تجاه مرشح يمثل صوتاً معارضاً قوياً تحت القبة؟!.. أم أن هذه الخطوة كانت تجسيداً لما اعتادت عليه القوى السياسية في مواجهتها لجبهة العمل الإسلامي “الحركة الإسلامية” منذ سنوات طويلة.. وفي محافل ومناسبات انتخابية مختلفة؟!..

ورغم كل هذا الجدل.. فإن ما حدث يسلط الضوء على مشهد سياسي معقد.. حيث تتداخل المصالح الشخصية مع التوجهات الحزبية.. وحيث لا يمكن قراءة أي خطوة.. دون النظر إلى الأبعاد الأوسع.. فقد أظهرت هذه الانتخابات.. أن التحالفات السياسية.. حتى وإن بدت عشوائية.. يمكن أن تتشكل بسهولة لمواجهة خطر مشترك..
وهذا ما حدث -برأيي الشخصي- عندما بات الصفدي مرشح الجميع.. فقط لأنه “ليس العرموطي”.. ولو لم يترشح العرموطي.. لكنا شاهدنا اسماء ستترشح.. ومن المحتمل بشكل كبير.. ان تجلس على كرسي الرئاسة..

في نهاية المطاف.. يبقى السؤال معلقاً.. هل كان ترشيح العرموطي.. خطوة استراتيجية لتعزيز صورة الجبهة كمعارضة قوية؟!.. أم أنها كانت نقطة ضعف.. قد تؤثر على ثقة قواعدها بها؟!.. وهل ستتمكن الجبهة من استثمار ما حدث لصالحها في المستقبل؟!.. أم أن هذه الخطوة قد تكون بداية لمراجعات أعمق في حساباتها السياسية والتشاركية؟!.. الأيام المقبلة فقط.. هي التي ستكشف الإجابات على أرض الواقع..

محمود الدباس – ابو الليث..

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.