الغارديان: الطريق للتسوية الدائمة في الشرق الأوسط يمر عبر غزة ووقف الحرب الوحشية فيها
شبكة الشرق الأوسط نيوز : علقت صحيفة “الغارديان” في افتتاحيتها على وقف إطلاق النار في لبنان، قائلة إن السلام الدائم يجب أن يمر عبر غزة.
وأضافت أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، كان وبشكل غريب، متفائلا ومتحمسا جدا في كلمته يوم الثلاثاء التي أعلن فيها عن صفقة وقف إطلاق النار بين إسرائيل و“حزب الله”.
وقال بايدن: “هذا يذكرنا بأن السلام ممكن”، حيث أوقف الاتفاق مواجهات عسكرية استمرت على مدى 14 شهرا، وأدت إلى مقتل 4,000 لبناني، ومئات الآلاف من المشردين.
وأضافت الصحيفة أن الصفقة تمثل بالنسبة للرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، اختراقا وداعيا لدبلوماسيته الضعيفة، حيث فشل في كبح جماح إسرائيل منذ هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
والأكثر أهمية، فإن الاتفاق يمنح سكان لبنان فرصة راحة بعد حملة قصف جوي وغزو بري إسرائيلية لم تولِ أي اهتمام يذكر لحياة المدنيين. أما بالنسبة للإسرائيليين الذي فروا من المناطق الحدودية وأُجبروا على العيش في أماكن تجميع ونزوح لأكثر من عام، فهناك أمل في عودتهم إلى بيوتهم.
وأضافت الصحيفة أن السلام على الجبهة الإسرائيلية الشمالية، يعطي ضوء أمل بتقدم أوسع، في وقت يستمر التدمير الوحشي والمخزي على الجبهة الجنوبية لإسرائيل، وتتضاءل فيه الآمال بعودة الأسرى لدى حماس.
وتستدرك الصحيفة قائلة إنه من غير الحكمة إساءة تقدير ما يحمله الاتفاق من إمكانيات تحفيزية، مع أنه تم وفقا لشروط رئيس الوزراء الإسرائيلي وخدمة لمصالحه. وما هو حاسم في الأمر، أن القرار منح إسرائيل فرصة لفصل الحرب في لبنان عن غزة، حيث باتت لديها اليد الحرة لعمل ما تريد هناك.
وبناء على قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي أنهى حرب لبنان في عام 2006، ولكن لم يتم تنفيذه بالكامل، فإن الاتفاق الجديد سوف يلزم القوات الإسرائيلية بالانسحاب من جنوب لبنان، ويجبر “حزب الله” على الانسحاب إلى شمال نهر الليطاني. وهذه المرة من المرجح أن تصمد المنطقة العازلة التي تم إنشاؤها.
فـ”حزب الله” يعيش حاليا في حالة من الفوضى، ويفتقر إلى القادة والبنية الأساسية والمعدات العسكرية. وبعد زوال التهديد المباشر الذي يشكله وكيل إيراني قوي قريبا من حدود إسرائيل، أصبح نتنياهو حرا لكي يضاعف أهدافه الحربية في أماكن أخرى، خاصة في ما يتصل بإيران.
وفي غزة، لم يبد نتنياهو أي استعداد للمشاركة في محادثات السلام التي توسطت فيها قطر، والتي علقت دورها كوسيط هذا الشهر في حالة من الغضب. والآن تجاوز عدد القتلى هناك 44,000 شخص معظمهم من النساء والأطفال، وهذا أمر غير مقبول.
وتعقب الصحيفة قائلة إنه في منطقة تقف على الحافة، فإن التسوية الدائمة يجب أن تمر عبر غزة وتقود إلى إنشاء دولة فلسطينية قابلة للحياة. وكما كتب أوسكار روميرو، الأسقف السلفادوري الشهيد: “السلام ليس صمت القبور… السلام ليس النتيجة الصامتة للقمع العنيف”. وهو تحذير يتردد صداه بشكل صارخ في مأساة غزة المستمرة.
لكن نتنياهو ليس لديه أي رغبة في أن يكون صانع سلام، وهو يحاول التهرب من محاكمة الفساد، والانتخابات التي من شأنها أن تعزز غضب الناخبين بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وعليه، فمصلحته تكمن في إدامة حس أن إسرائيل تعيش حالة حرب، ومواصلة “تدليل” اليمين المتطرف في حكومته والذين بيدهم قرار إسقاطه، ويحلمون بعودة الاستيطان إلى غزة بعد تطهيرها عرقيا.
وعلقت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب يحضّر ليحل محل بايدن في البيت الأبيض. وهناك أمل لدى العالم كي تتوقف شهيته لفرض العقوبات وفتح الباب أمام احتمالات جديدة. وفي الوقت الحالي، فالتطورات المرحب بها في الشمال، لا تعطي راحة لسكان قطاع غزة اليائسين.
ولهذا السبب، تبدو إدارة بايدن التي أعلنت عن “انتصار” في تحقيق الصفقة، حذرة في المبالغة بالتفاؤل.
وفي تقرير آخر بنفس الصحيفة، قال أندرو روث، إن السلام الذي سبقته غارات جوية مكثفة على بيروت في الساعة الأخيرة قبل بدء سريان مفعول الاتفاق، يظل هشا على الأرجح.
فالاتفاق يسمح لإسرائيل بضرب الأهداف التي ترى أنها تمثل خطرا أمنيا، ويعتمد بالضرورة على انضباط نتنياهو. كما يعتمد اتفاق وقف إطلاق النار لمدة 60 يوما على قدرة الجيش اللبناني في الحفاظ على السلام بمعاقل “حزب الله” وأنه لن يعيد تسليح نفسه، وقدرة لبنان على تحويل نفسه بعد الحرب المدمرة.
ويأتي الاتفاق في فترة انتقالية للرئاسة الأمريكية، وبين رؤية دونالد ترامب القائمة على “أمريكا أولا”، وبين رؤية بايدن العالمية والقائمة على التحالفات.
ولهذا يرى المحللون أن هناك فرصة كبيرة لاستئناف القتال في جنوب لبنان. ويرى أرون ديفيد ميلر، الزميل في وقفية كارنيغي للسلام العالمي بأن “وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله مهم ونجاح مرحب به”، و”لكنه تعاقد وليس تحويل، ومن الحكمة التوقف عن إصدار الأحكام حتى تنتهي الـ60 يوما”. وأضاف: “من مفارقة المفارقات أنها قد تنتهي في ظل ترامب”.
ومع ذلك، ترى إدارة بايدن في الاتفاق نجاحا نادرا. وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية تحدث من خلف الأضواء، إنه رأى بارقة أمل في نهاية تشرين الأول/ أكتوبر. وجاء ذلك بعد موافقة وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر على بنود الاتفاق، حسبما أشار موقع “أكسيوس” الذي التقى مع فريق ترامب ثم قابل فريق الإدارة الحالية في واشنطن.
وقال المسؤول إن الدافع وراء تحقيق الاتفاق هو “خسارة الأرواح واعتقاد الطرفين أن ساحة المعركة لن تكون الجواب النهائي”.
وتقول “الغارديان” إن ما يدعو إلى الأمل، هو أن إدارة ترامب المقبلة تزعم أنها هي التي حققت الانتصار الأخير في السياسة الخارجية. وقال مرشح ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي مايك والتز: “جاء الجميع إلى الطاولة بسبب دونالد ترامب”.
وأضاف في منشور على منصة إكس: “هذا النصر الحاسم يرسل رسالة لبقية العالم أنه لن يتم التسامح مع الفوضى. وأنا سعيد برؤية خطوات قوية باتجاه خفض التوتر في الشرق الأوسط”.
وقال المسؤول في الإدارة الأمريكية، إن الإدارة تعتقد أن لديها “نافذة” للقفز من اتفاق “حزب الله” نحو وقف إطلاق نار أكثر مراوغة في غزة.
المصدر : القدس العربي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.