**فادي السمردلي يكتب: الخطابات رنانة والتصويت صادم **

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

في كل مرة يتقدم فيها رئيس حكومة لنيل ثقة البرلمان، تتوجه الأنظار إلى النواب وخطاباتهم التي تمثل مؤشراً واضحاً لمواقفهم وتوجهاتهم، حيث تصبح هذه الكلمات محور النقاش السياسي وتوقعات المراقبين فبعض الخطابات تأتي بمثابة قصائد مدح وإشادة بالحكومة وبرنامجها، مما يجعل المراقبين والمتابعين واثقين بأن النائب سيمنح الثقة، بينما تفيض خطابات أخرى بنقد شديد وتهديدات مباشرة، مما يعطي انطباعاً بأن النائب لن يتوانى عن حجب الثقة ومع ذلك، لا تخلو اللحظات الحاسمة للتصويت من مفاجآت، إذ يفاجئ بعض النواب الجميع بتبديل مواقفهم التي كانت واضحة في خطاباتهم قبل قليل وهذا التناقض بين الأقوال والأفعال يثير تساؤلات جوهرية حول الأسباب والدوافع التي تقف خلف هذا التحول، ويطرح جدلاً عميقاً حول مصداقية العمل البرلماني ومدى استقلالية النواب عن الضغوط والمصالح المختلفة.

من أبرز التفسيرات لهذه الظاهرة هي الضغوط السياسية التي تُمارس على النواب في الساعات الأخيرة قبل التصويت وهذه الضغوط قد تكون من داخل الحكومة أو من قوى خارجية😉، وتأخذ أشكالاً متعددة مثل وعود بمناصب سياسية، أو تحقيق مكاسب مباشرة شخصية أو لدائرته الانتخابية، أو حتى التلويح بحرمانه من امتيازات حالية وفي المقابل، فمثل هذه الضغوط تُظهر أن القرار البرلماني أحياناً لا يكون نابعاً من قناعة مبدئية أو انحياز للمصلحة العامة، بل يخضع لمعادلات قوى ومساومات لا تخدم الإرادة الشعبية.

في أحيان أخرى، يكون تبدل المواقف مدفوعاً بحسابات شخصية وطموحات ذاتية، حيث يسعى بعض النواب لتحقيق مكاسب فردية، مثل تأمين منصب سياسي رفيع أو ضمان مصالح ترتبط في محيطه وهذا يتنافى مع الدور الذي يُفترض أن يؤديه النائب كوكيل عن الشعب كما تلعب الضغوط دوراً لا يُستهان به في هذا السياق، حيث يجد النائب نفسه بين مطرقة قناعاته الشخصية وسندان التزامات حزبية أو شعبية تفرض عليه الانصياع لرغبات قاعدته الانتخابية أو قيادة حزبه، حتى وإن كان ذلك مخالفاً لتوجهه المبدئي.

على جانب آخر، هناك من يبرر التحولات المفاجئة بتغير المعطيات في اللحظات الأخيرة، حيث تقدم الحكومة أحياناً تعهدات أو ضمانات تزيل مخاوف النواب أو تلبي مطالبهم، مما يدفعهم لإعادة النظر في مواقفهم السابقة ومع أن هذا المبرر قد يكون مقبولاً إذا تم الإعلان عنه بشفافية، إلا أنه غالباً ما يُستخدم كغطاء للتغطية على الضغوط أو المصالح .

هذه التحولات المفاجئة في المواقف لا تمر دون تأثير على علاقة النائب بناخبيه، إذ يشعر المواطن بخيبة أمل عميقة عندما يجد أن الكلمات الرنانة التي صدرت عن ممثليه لا تتطابق مع قراراتهم النهائية فهذا التناقض يضرب ثقة الشعب بالنواب ويعزز الشكوك حول مدى استقلاليتهم إضافة إلى ذلك، فإن صورة البرلمان كسلطة تشريعية ورقابية تتعرض لضربات موجعة، حيث يظهر بمظهر مؤسسة قابلة للتأثير، بدلاً من كونه منبراً للتعبير عن الإرادة الشعبية.

إن هذه الظاهرة تُبرز تحدياً سياسياً عميقاً أمام النواب، إذ أن الثبات على المواقف والوضوح مع الناخبين يمثلان حجر الزاوية في استعادة ثقة المواطن فإذا كان هناك مبرر منطقي للتغيير في المواقف، فمن واجب النائب أن يعلنه بشفافية ووضوح أمام الشعب أما التبدل الغامض والمدفوع بضغوط اومصالح ضيقة، فهو لا يعكس إلا ضعفاً في الالتزام بالمبادئ، ويؤدي إلى تآكل صورة العمل البرلماني ككل.

لمواجهة هذا الواقع، يجب تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة داخل الاحزاب والبرلمان، بحيث يكون النواب ملزمين بتقديم مبررات واضحة لمواقفهم، مع وضع قيود على الضغوط السياسية التي قد تؤثر على قراراتهم كما أن تعزيز وعي الناخبين حول أهمية محاسبة النواب على أقوالهم وأفعالهم يمثل خطوة أساسية نحو إصلاح العلاقة بين البرلمان والشعب وفي نهاية المطاف، يُفترض أن يكون النائب صوتاً للأمة، لا انعكاساً لحسابات أو رهينة لضغوط ومصالح آنية.

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.