هآرتس.. للإسرائيليين: هل علمتم في السوريين ذلاً ليسكتوا عن كل ما فعلتموه؟
جدعون ليفي – هآرتس ……
طيور جارحة تحلق الآن في سماء سوريا. شمت رائحة كريهة فجاءت لنهش الجثث: طائرات سلاح الجو تقصف وتدمر الجيش السوري، والجيش البري يحتل مناطق فيها. مثل المياه التي تبحث عن مكان منخفض، وجدت إسرائيل فرصة أخرى لنفسها، أمام وفرة الفرص التي ظهرت مؤخراً، لتدمير الجيش السوري واقتطاع أراض من سوريا، في الوقت الذي تستيقظ فيه الدولة المنهكة من كابوس النظام السابق على مستقبل مجهول.
يبدو أن هناك حكمة في خطوة إسرائيل. هذا هو الوقت المناسب لتدمير القدرات العسكرية لعدو آخر. لا أحد يستطيع الآن الوقوف أمام إسرائيل في سوريا بعد صدمة الانقلاب. ولكن يجب عدم تجاهل الأضرار المصيرية التي قد تسببها أعمال النهب القبيحة هذه على المدى البعيد. “الباز” يشعر بالغنيمة بسرعة”، والنبي يشعياهو أُمر بدعوة أحد أولاده. وفي حينه كان القصد دمار قريب في دمشق و”السامرة”. “الصقر يشعر بالغنيمة”، هو أيضاً برنامج عمل إسرائيل بعد 3 آلاف سنة.
برز أمل ما الآن في سوريا. ربما أمل عبثي. لكن الأيام الأولى للنظام الآخذ في التبلور تعزز هذا الأمل بشكل قليل. زعيم المتمردين يبدو شخصاً حكيماً ومتزناً في هذه الأثناء. خلافاً للانقلاب في العراق، فلا نراهم يدمرون العالم القديم أو يسفكون دماء الجمهور أو يدمرون البنى التحتية. أبو محمد الجولاني يفعل الآن كل ما في استطاعته من أجل استقرار الوضع وإقامة بنى تحتية حكومية. أما إسرائيل في هذه الأثناء فهي آخر همه. ماضيه لا يبشر بالخير، لكن ربما تغير. الشعب السوري يستحق ذلك.
في الوقت الذي تتلمس فيه سوريا الطريق، دخلت إسرائيل بطريقتها العدوانية والعنيفة، تقصف وتحتل، بطلة على الضعفاء النازفين. ربما ستكسب من ذلك، لكن سوريا ستستيقظ ولن تنسى من هاجمها في وقت محنتها بدون أي سبب أو شرعية. نقطة ضعفها وجود فرصة للمهاجمة، لكن ربما تكون فرصة لمد اليد أيضاً، التي قد يتضح أنه لا فائدة منها وربما يتم رفضها تماماً، لكن عندما تكون الأحداث متسارعة ودراماتيكية جداً، فلا أحد يعرف ما هو الصحيح.
كان على إسرائيل المحاولة على الأقل. فبدلاً من تهديد سوريا، ما كان سينقص لو دعت إلى فتح صفحة جديدة. سيقول الساخرون إن هذا جنون، لكن الجنون الحقيقي عدم المحاولة، بالذات الآن. الشعب السوري لن ينسى من يستغل ضعفه ويدمر بلاده الآن. في مظاهرة تأييد للثورة جرت في مجدل شمس هذا الأسبوع، قال لي أحد السكان: “إذا أبقوا مصير سوريا لسكانها فقط، فثمة فرصة للأمل. ولكن إسرائيل أصبحت تتدخل وتنقب ولم تترك للجيش السوري إلا كلاشينكوف ورصاص.
إسرائيل لم تدمر الجيش السوري فحسب، بل تقتطع مناطق سيادية سورية بحجم وعمق غير واضحين. لنترك جانباً الوقاحة التي لا تصدق، وسحق سيادة دولة أخرى بدون أي سبب، والاستخفاف بالقانون الدولي. لنتخيل أن سوريا اقتطعت “كريات شمونة” من إسرائيل. الضرر الذي سيصيب إسرائيل من اقتطاع هذه المنطقة مؤكد. هذا القضم الجغرافي سيكون ذريعة للحرب القادمة. مثل مزارع شبعا في الجولان، فإن احتلال إسرائيل لن يكون مؤقتاً أبداً. لا يوجد ما هو أكثر خلوداً منها، ونهايتها ستشكل دملاً لا يتعافى.
المناطق التي احتلتها إسرائيل الآن لن تسارع إلى الانسحاب منها. لأن ذلك سيعتبر خضوعاً، واليمين سيعارض، واليسار أيضاً. ستقول إسرائيل لسوريا الجديدة: يجب نسيان فتح صفحة جديدة. سنواصل مقاتلتكم إلى الأبد. بالإجمال، هذا منطقي ويبعث على الأمل.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.