**فادي السمردلي يكتب: رؤية وحكمة الإمام علي بن أبي طالب في القيادة**

*بقلم فادي زواد السمردلي* …. 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
( سئل الإمام على بن أبي طالب كرم الله وجه ما يفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين؟ قال: ثلاثة وثلاثة، وضع الصغير مكان الكبير، ووضع الجاهل مكان العالم، ووضع التابع في القيادة، فويل لأمة مالها عند بخلائها، وسيوفها بيد جبنائها، وصغارها ولاتها).

في حديثٍ عميق وذو دلالات واسعة، تناول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ما يفسد أمر القوم من خلال ثلاث قضايا جوهرية، تشكل مرجعية هامة في فهم إدارة المجتمعات وتنظيم المؤسسات والهيئات المدنية والاحزاب السياسية فقال الإمام علي: “ما يفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين؟ قال: ثلاثة وثلاثة، وضع الصغير مكان الكبير، ووضع الجاهل مكان العالم، ووضع التابع في القيادة، فويل لأمة مالها عند بخلائها، وسيوفها بيد جبنائها، وصغارها ولاتها”. هذه الكلمات لا تعكس فقط رؤية الإمام حول نضج الإدارة في أي مجتمع أو مؤسسة، بل تدل على حكمته العميقة في التعامل مع القيم والأخلاقيات التي يجب أن تحكم أي إدارة أو قيادة ويتجلى في هذا الحديث جملة من المفاهيم المهمة التي تفتح لنا أفقًا واسعًا لفهم كيفية اختيار القيادات الملائمة وأثر هذه الاختيارات على سير العمل داخل أي منظمة أو مؤسسة.

إن وضع الصغير مكان الكبير هو من أكبر الأخطاء التي قد تواجهها أي مؤسسة أو منظمة، حيث يشير الإمام علي إلى أن تعيين شخص غير مؤهل أو مبتدئ في مكان ذي مسؤولية كبيرة يؤدي إلى تدهور الأداء وفقدان القدرة على اتخاذ القرارات السليمة لذلك فإن القيادة تتطلب خبرة وحكمة تراكمت عبر السنين، فالشخص غير المتدرب أو المبتدئ في مجال معين لا يمكنه إدارة القضايا المعقدة واتخاذ قرارات حاسمة تؤثر في مستقبل المؤسسة او المنظمة وهذا النوع من التعيينات يؤدي في الغالب إلى فشل الأفراد في التعامل مع التحديات الكبيرة التي قد تواجهها المؤسسة، مما ينعكس سلبًا على أدائها.

أما وضع الجاهل مكان العالم، فيتعلق بمسألة جدلية حول أهمية العلم والخبرة في القيادة فقد نرى أحيانًا أن المناصب القيادية تمنح لأشخاص يفتقرون إلى المعرفة المتخصصة أو الوعي الكافي بالأمور المعقدة التي تتطلب فكرًا عميقًا واستراتيجيات دقيقة وهذا الوضع يؤدي إلى قرارات غير مدروسة، وتوجيهات قد تكون بعيدة عن الواقع، مما يؤثر على فعالية العمل داخل أي مؤسسة ومن هنا، يصبح من الضروري أن يتسلم المسؤولون المناصب بناء على مؤهلاتهم العلمية والعملية، لا أن يعتمدوا على المجاملات أو المحسوبية.

فيما يتعلق بوضع التابع في القيادة، فإن الإمام علي يبرز مشكلة ولاء الأعمى الذي لا يرافقه تفكير مستقل أو حكمة في اتخاذ القرارات وهذا النوع من القيادة يؤدي إلى إغفال المصلحة العامة والقرارات العادلة، ويضعف القدرة على مواجهة التحديات بمرونة وموضوعية فعندما يتولى التابعون المسؤولية دون امتلاك القدرة على التفكير النقدي واتخاذ قرارات مستقلة، فإن المؤسسة أو المنظمة تصبح عرضة للخلل وعدم الكفاءة.

هذه الحكم النابعة من تجربة الإمام علي تعتبر بمثابة مرشد قيم لأي مؤسسة أو منظمة تسعى لتحقيق النجاح والازدهار ففي العديد من المؤسسات الحديثة، خاصة في هيئات المجتمع المدني أو المنظمات الاجتماعية، وبعض الاحزاب يمكن أن نلاحظ تأثير هذه الظواهر سلبًا إذ قد نرى بعض المناصب القيادية تشغلها شخصيات لا تملك الكفاءة المطلوبة أو الخبرة اللازمة، الأمر الذي يؤدي إلى تعطيل العمل وتدهور النتائج وبذلك، تصبح المؤسسات التي تفتقر إلى القيادة الرشيدة في خطر، فقد تتعرض لتحديات كبيرة يصعب التغلب عليها إذا استمر الوضع على هذا النحو.

وفي الختام، تظل رسالة الإمام علي بن أبي طالب واضحة للقيادات في كل زمان ومكان، إذ لا بد من التزام الكفاءة والنزاهة في اختيار من يتصدرون المناصب القيادية فالقيادة الفعالة تتطلب أشخاصًا قادرين على اتخاذ القرارات المدروسة، الملتزمين بالمصلحة العامة والمبنيين على العلم والخبرة إن تطبيق هذه الحكمة في المؤسسات والعمل المؤسسي هو السبيل الوحيد لتحقيق النجاح والاستقرار، وعلى كل من يتولى مسؤولية قيادة أي مجتمع أو مؤسسة أن يعي أن المسؤولية ثقيلة، وأنها تتطلب دائمًا الحكمة والقدرة على اتخاذ القرارات الصائبة التي تضمن التطور والازدهار

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.