*فادي السمردلي يكتب:”لا تقلْ أصلي وفصلي أبدًا، إنما أصلُ الفتى ما قدْ حصلْ” تأملات في السياسة وتاريخ الأفراد*
*بقلم فادي زواد السمردلي* ….
*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*
تُعد الأبيات الشعرية “لا تقلْ أصلي وفصلي أبدًا، إنما أصلُ الفتى ما قدْ حصلْ” من أبرز العبارات التي تتناول مفهوم الذات ومرتكزات القوة الحقيقية التي يمتلكها الفرد فهي تطرح إشكالية اجتماعية وثقافية قديمة تتعلق بالنسب والمكانة، وتُبين أن القيمة الحقيقية للإنسان لا تكمن في أصوله أو نسبه فقط ، بل في ما يحققه من إنجازات ونجاحات في حياته فهذه الفكرة لا تقتصر على الأفراد العاديين فحسب، بل يمكن إسقاطها على العديد من السياسيين الذين يسعون لتوظيف تاريخ آبائهم وأجدادهم السياسي لتحقيق مكاسب شخصية، غير مدركين أن التاريخ لا يرحم من لا يقدم شيئًا ملموسًا أو إيجابيًا في الحاضر.
عندما نتحدث عن بعض الشخصيات السياسية التي تعتمد على تاريخ أسلافها، فإننا نرى أن هذه الظاهرة تتكرر بشكل واضح في بعض الساحات السياسية حول العالم فهؤلاء السياسيون، الذين قد يظلون عالقين في ظلال الماضي، يسعون إلى استثمار سمعة احد افراد العائلة او العائلة أو مكانتها للظهور بمظهر القائد الفذ الذي يستحق القيادة أو اتخاذ القرارات المصيرية ومع ذلك، يغفل هؤلاء عن حقيقة أساسية أن النسب والمال والمكانة التي قد يتمتع بها الفرد لا تعني بالضرورة أنه يمتلك المقومات أو المهارات اللازمة ليصبح قائدًا سياسيًا حقيقيًا.
في واقع الأمر، يُعتبر هذا النوع من السياسيين مجرد أدوات للظروف التي أتاحتها لهم الحياة، وقد يتمكنون من الوصول إلى المناصب في وقت معين بفضل الحظ أو الصدفة أو حتى تأثير أفراد العائلة ولكن في النهاية، التاريخ لا ينسى، ولن يغفر لمن لا يقدم إضافة حقيقية لوطنه فالصعود إلى السلطة بدون قدرة حقيقية على القيادة ليس إلا فقاعة سرعان ما تنفجر عندما تواجه الأزمات والتحديات ومن هنا، تصبح هذه الشخصيات عبئًا على الوطن، إذ إنهم لا يملكون ما يؤهلهم لإدارة الأمور أو تقديم الحلول التي تتناسب مع احتياجات شعوبهم فالشو والخطب اصبحت ادوات غير نافعة في يد الفاشلين.
ليس التاريخ فقط هو من يفضح هذه الحيل، بل إن الواقع السياسي والاجتماعي يفرض نفسه بقوة فالشعوب في النهاية لا تنخدع بالألقاب (وأن خدعوا في البداية )والتاريخ الزائف فهم يبحثون عن قائد يمتلك رؤية واضحة، ويملك من الكفاءة ما يجعله قادرًا على اتخاذ القرارات الصائبة في الأوقات العصيبة كما أن السياسيين الذين يعوّلون فقط على ما ورثوه من مجد تاريخي، وليس على أعمالهم الحالية، يظهرون عاجزين عن الوفاء بتطلعات شعوبهم وسقطوا وسيسقطوا مستقبلا.
الظروف التي وضعت هؤلاء في مواقع معينة لا تكفي لبناء مستقبل سياسي مستقر ففي عالم السياسة، حيث المنافسة لا تعرف الرحمة، يصبح الفشل سريعًا إذا لم يكن هناك عمل حقيقي وقادر على تقديم حلول واقعية للمشكلات وعليه، لا يمكن أن يستمر هؤلاء السياسيون في الادعاء بأنهم أبطال سياسيون لمجرد أنهم وُضعوا في أماكنهم بفضل الحظ أو أسلافهم.
في النهاية، إن القيادة الحقيقية تقوم على أساس من الكفاءة والعمل الجاد والتفاني في خدمة الوطن، وليس على التاريخ العائلي أو الظروف الطارئة وفي هذا السياق، يمكننا أن نكرر القول: “إعانك الله يا وطني”، لأن الأوطان بحاجة إلى قادة يمتلكون تاريخهم الخاص الذي يصنعونه بأيديهم، لا إلى أولئك الذين لا يحملون سوى إرث الماضي ولا يقدمون شيئًا في حاضرهم.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.