بعبارة “هرب الدكتور”.. جدران درعا تطوي صفحة الأسد- (صور)
شبكة الشرق الأوسط نيوز : في عام 2011، أشعل أطفال في مدينة درعا الشرارة الأولى للثورة السورية ضد نظام “البعث” عبر كتابتهم شعار “إجاك الدور يا دكتور (بشار الأسد)” على جدار مدرسة، وعادوا شباناً إثر انتهاء الثورة بعد 14 عاماً، ليكتبوا على الجدار نفسه عبارة “هرب الدكتور”.
وإثر اعتقال هؤلاء الأطفال في درعا، الواقعة جنوبي سوريا، في الفروع الأمنية للنظام، اندلعت الاحتجاجات التي امتدت إلى سائر أنحاء البلاد.
وبعد الإفراج عن الأطفال من السجون، اضطروا للنزوح إلى محافظة إدلب شمالي سوريا بسبب الهجمات المكثفة لقوات الأسد ضد المدنيين.
وبعد إسقاط نظام الأسد، في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عاد الشبان الذين كتبوا عبارة “إجاك الدور يا دكتور” إلى منازلهم في محافظة درعا جنوب سوريا، ليكتبوا عبارة “هرب الدكتور.. 8-12-2024” على نفس جدار المدرسة، مؤرخين تاريخ سقوط النظام.
وتمكنت “الأناضول” من الوصول إلى الأطفال الذين أشعلوا الثورة ضد نظام الأسد المخلوع، بعد أن أصبحوا شباباً، عقب 14 عاماً من ثورتهم.
شرارة الثورة
الشاب معاوية الصياصنة، البالغ من العمر 28 عاماً، تحدث عن انطلاق شرارة الثورة في مدينة درعا، ومن أمام جدار المدرسة الذي كُتب عليه شعار “إجاك الدور يا دكتور”.
وعرَّف الصياصنة عن نفسه قائلاً: “أنا معاوية الصياصنة، أحد أطفال شرارة الثورة السورية في مدينة درعا البلد”.
وأوضح أنه وصديقه سامر الصياصنة وأحمد من المدرسة كتبوا شعارات ضد النظام السوري مثل “إجاك الدور يا دكتور” و”حرية” و”يسقط النظام” بعد أن شاهدوا المظاهرات في تونس ومصر.
وأضاف الصياصنة أنه قبل كتاباتهم للشعارات شهدت المدينة تكثيفاً لعناصر الأمن في كل الأحياء، الذين تسببوا في عرقلة حركة المدنيين والضغط عليهم.
وتابع: “كتبت أنا وسامر وأحمد العبارات المناهضة للنظام على جدار المدرسة، ليكتشف فرع الأمن السياسي الأمر، وتبدأ عملية الاعتقال في اليوم التالي مباشرة”.
وذكر الصياصنة أنهم اعتُقلوا في فرع الأمن السياسي مدة 45 يوماً، حيث تعرضوا لكافة أنواع التعذيب من الصعق بالكهرباء والتعليق على الجدار والضرب، وغير ذلك من طرق التعذيب.
وأكد أن عوائلهم بذلت جهوداً كبيرة من أجل إطلاق سراحهم في ذلك الوقت، لكنهم تعرّضوا للإهانة والشتم بألفاظ نابية للغاية.
ومن بين الإهانات التي وجهها الأمن للأهالي هي قولهم: “انسوا أطفالكم، ولا تطالبوا بهم، وإلا نأتي بنسائكم إلينا ونعلمكم كيفية إنجاب الأطفال”.
وأكد أن الاحتجاجات بدأت في المحافظة بسبب هذا الوضع، مضيفاً: “خرجنا من السجن والجميع كانوا ينتظروننا، وبعد ذلك شاركنا أيضاً في التظاهرات”.
ولفت الصياصنة إلى أن الاحتجاجات كانت سلمية وترفع أغصان الزيتون، لكن قوات الأمن أطلقت النار على المتظاهرين متسببة في سقوط الشهداء والجرحى.
وأشار إلى اعتقال قوات الأمن للعديد من الأشخاص خلال التظاهرات، ثم بعد ذلك تدخّل الجيش إلى جانب قوات الأمن.
وأضاف أنه عقب تطور الأحداث تم تأسيس “الجيش الحر” بأعداد قليلة، واستمرت التظاهرات وتمت السيطرة على بعض نقاط التفتيش في المدينة.
وذكر أنهم اضطروا لمغادرة درعا بعد الهجمات المكثفة لنظام الأسد وداعميه، مضيفاً: “مرت 14 عاماً على الثورة وسقط النظام المجرم”.
فخورون بما فعلناه
وأوضح الصياصنة أنه في الماضي لم يكن بوسع الناس التحدث بالسياسة بقولهم: “الجدران لها آذان”، مضيفاً: “نحن فخورون بما فعلناه ولم نندم على ذلك أبداً، لقد أنهينا النظام المجرم”.
وفي حديثه عن الأحداث في سجن صيدنايا، قال الصياصنة: “أين هم آلاف المساجين؟ كانوا يذبحونهم ويسكبون فوقهم الأسفلت. وحتى الآن، هناك أناس يبحثون عن جثث أبنائهم”.
ولفت إلى أن “النظام المجرم” استخدم الأسيد وآلة المكبس وأدوات أخرى للقضاء على جثث القتلى، وتساءل عن مصير 70 ألف معتقل في صيدنايا، مؤكداً أن النظام كان يذبحهم.
وعبّر الصياصنة عن افتخاره بما فعله في طفولته ضد النظام رغم صغر سنه، وقال: “كان يجب على أهالينا وأجدادنا أن يقوموا بذلك. نحن كنا أطفالاً وتعرّضنا للضرب والتعذيب”.
وأضاف: “الحمد لله بعد مرور 14 سنة، انتصرنا بفضل من الله، ونحن نفتخر بالشيء الذي قمنا به، ولا نشعر بالندم أبداً”.
وشدد على أن الشعب السوري سيعيد إعمار بلاده، وستكون سوريا أفضل مما كانت عليه في أيام النظام المخلوع.
من جانبه قال سامر الصياصنة (29 عاماً) إنه كان أحد الأطفال الذين كتبوا عبارة “إجاك الدور يا دكتور”، وإنه تعرض للاعتقال والاستجواب مع رفاقه على يد عناصر نظام الأسد المخلوع.
وفي حديث من الغرفة التي خضع فيها للاستجواب بفرع الأمن العسكري، أكد الصياصنة أنهم كتبوا العبارة على الجدار في 15 فبراير/شباط 2011 وفي اليوم التالي تعرّضوا للاعتقال فوراً.
وأوضح أن أساليب التعذيب التي مورست ضدهم في هذا الفرع وكذلك في الفرع العسكري، كانت عنيفة جداً ولم يروا مثلها في أماكن أخرى.
وذكر أن عناصر النظام سألوه أولاً عن سبب كتابته للعبارة، وعمّا إذا كان هناك شخص ما حرّضهم على القيام بذلك، وما إذا كانت هناك مجموعات ينتمون إليها.
وأكد أن تلك العبارة كتبوها بطريقة عفوية، ولم يكونوا يتوقعون ما سيحل بهم بعد ذلك، وأن الدليل على ذلك هو أنهم كتبوا تحت العبارة أسماءهم.
وشدد على أن أساليب التعذيب كانت عديدة، وأنه لا يستطيع أن ينسى صدمات الكهرباء.
وأضاف: “بعد خروجنا من المعتقل، شاركنا في الحراك الثوري في درعا، وكان الأمر حينها عبارة عن مظاهرات سلمية، وكنا نخرج بأغصان الزيتون، ثم تشكلت مجموعات بأعداد قليلة لحماية المظاهرات”.
ولفت إلى أنه تعرّض للإصابة في عام 2012 وخضع حينها للعلاج في الأردن.
وقال إنهم كتبوا في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري عبارة “هرب الدكتور” على الجدار، وأن النظام كان يظن تلك العبارة الأولى مزحة لكنها أصبحت حقيقة.
المصدر : (الأناضول)
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.