*فادي السمردلي يكتب: الأوراق البيضاء تكشف ازمة ثقة بالأحزاب*

*بقلم فادي زواد السمردلي* …… 

 

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

ظهرت في الانتخابات النيابية لعام 2024، ظاهرة مثيرة للقلق تمثّلت في وجود حوالي 260 ألف ورقة بيضاء، وهو عدد كبير يعكس بوضوح حجم الإحباط الشعبي تجاه الاحزاب والمشهد السياسي القائم فهذه الظاهرة ليست مجرد أرقام عابرة بل رسالة صريحة من الناخبين تعبّر عن حالة عدم الرضا تجاه أداء الأحزاب السياسية وعجزها عن تقديم برامج وأفكار مقنعة تستحق الالتفاف حولها كما أن الأوراق البيضاء تُبرز أزمة ثقة حقيقية بين الناخبين والأحزاب، حيث لم تنجح الأخيرة في كسب تعاطف القواعد الشعبية أو التفاعل مع همومها وطموحاتها.

بدلًا من أن تستغل الأحزاب هذه الانتخابات كفرصة لعرض رؤى سياسية ناضجة تعكس روح التحديث السياسي الذي يحتاجه المجتمع، جاءت برامجها وأطروحاتها باهتة وغير قادرة على استقطاب الناخبين فالطريقة التي أُديرت بها العملية الحزبية، بدءًا من اختيار المرشحين وحتى ترتيبهم داخل القوائم، أظهرت أن الأحزاب لم تلتقط الإشارات الملكية والشعبية ولم تستجيب لمتطلبات التحديث السياسي فقد اعتمدت العديد من الأحزاب على معايير غير موضوعية لاختيار المرشحين، حيث طغت القوة المالية للمرشح والعلاقات الشخصية على الكفاءة والقدرة على تحقيق برامج الحزب وهذا ماجعل العملية السياسية تبدو وكأنها صفقة ضيقة الأفق، هدفها الفوز بمقاعد البرلمان أكثر من كونها عملية بناء ثقة واستقطاب شعبي.

إن هذا العدد الكبير من الأوراق البيضاء تظهر بوضوح إلى أن الأحزاب السياسية تعاني من مشكلات عميقة هذه المشكلات ليست وليدة اللحظة، بل تراكمت من الأداء غير الفعّال فالأحزاب اليوم تُظهر ضعفًا في الإدارة، حيث تفتقر بعض الأحزاب إلى الكفاءة والقدرة على صياغة برامج انتخابية تعكس هموم الناس وتستجيب لاحتياجاتهم اليومية بالاضافة اننا ، نجد أن بعض قيادات الأحزاب تنظر إلى العمل الحزبي باعتباره فرصة لتحقيق مكاسب شخصية أو اجتماعية، متجاهلة تمامًا الدور الحقيقي للأحزاب في خدمة المجتمع وتوجيه العملية السياسية وهذا النهج أدى إلى إضعاف الثقة بين الأحزاب وقواعدها الشعبية، وجعلها تبدو وكأنها كيانات منفصلة عن الواقع.

إلى جانب المشكلات الداخلية، تعاني بعض الأحزاب من ضعف كبير في أدوات التواصل مع الشارع فهناك فجوة هائلة بين الأحزاب والناخبين، حيث فشلت معظم الأحزاب في إيصال رسائلها وبرامجها بشكل فعّال حتى وإن كانت بعض البرامج تحمل أفكارًا جيدة، فإن ضعف وسائل الاتصال والتواصل وعدم كفاءة القائمين عليها جعلها تفقد تأثيرها فالأحزاب لم تستطع الاشتباك الفكري مع القواعد الشعبية أو تقديم نفسها كبديل سياسي موثوق، بل أظهرت حالة من العجز عن التفاعل مع تطلعات الناس واستيعاب همومهم.

إن هذه المشكلات، سواء كانت داخلية تتعلق بالقيادة وصياغة البرامج، أو خارجية تتعلق بالتواصل مع الجمهور، تضع الأحزاب السياسية أمام تحدٍ وجودي كبير فإذا استمرت هذه الأحزاب في اتباع نفس النهج القائم على المحسوبية والعلاقات الشخصية، فإنها ستفقد ما تبقى لها من شرعية وثقة لدى الناخبين فالمطلوب اليوم هو مراجعة شاملة وجذرية لكل أدوات العمل السياسي داخل الأحزاب وعليها أن تعيد ترتيب أولوياتها، وتختار قيادات تمتلك الكفاءة والقدرة على إدارة المشهد السياسي بحرفية ووعي كما يتعين عليها تطوير برامج حقيقية تستجيب لاحتياجات الشارع، وتبني استراتيجيات تواصل فعّالة تستطيع من خلالها الوصول إلى الناخبين بشكل مباشر وواضح.

وفي الختام، رسالتنا واضحة إلى الأحزاب السياسية إن استمراريتكم في المشهد السياسي أصبحت على المحك فالشعب قال كلمته من خلال الأوراق البيضاء التي تعبّر عن فشلكم وإحباطه من أدائكم فإن لم تستوعبوا هذه الرسالة، وتعملوا على تغيير جذري في أساليبكم وبرامجكم، فإنكم لن تكونوا قادرين على الاستمرار في تمثيل الشعب أو قيادته فلقد بات الشارع أكثر وعيًا وإدراكًا، وهو يبحث عن بدائل حقيقية قادرة على استعادة الثقة وتحقيق التغيير الذي ينشده فإن تجاهل هذه التحذيرات سيعني ببساطة نهاية دوركم السياسي، فالشعب لن ينتظر أكثر فالفشل واضح للعيان..فهل لديكم الجرأة لتصويب ما صنعته اياديكم او تفسحوا المجال للاكفأ والاقدر..كفاكم معانده فهشاشتكم واضحة للعيان سواء اعترفت بها ام لا!!!

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.