إسرائيليون معارضون: هذه حرب خرجت عن أهدافها إلى تطهير عرقي بحق الفلسطينيين
ديمتري شومسكي ….
لا شك أن مذبحة الإبادة الجماعية في 7 أكتوبر لا يمكن تفسيرها في سياق الاحتلال الإسرائيلي فحسب. التفسير الكامل للمذبحة يكمن في الأيديولوجيا الوطنية – الجهادية لحماس، التي تقول إنه لا مكان لدولة يهودية بين النهر والبحر. القتل الذي كان سيستمر لولا جنود الجيش الإسرائيلي، استهدف نقل رسالة قاطعة وواضحة لإسرائيل، وهي أنه لا حق أو مستقبل لوجود إسرائيل في فلسطين الكاملة. جرائم الحرب المخجلة التي ترتكبها إسرائيل الآن في القطاع، كما يتبين من أقوال حاييم هار زهاف وشهادات كثيرة جمعها زميلي الدكتور لي مردخاي وعدد كبير من مقالات “هآرتـس”، لا يمكن فهمها فقط كرد انتقامي على مذبحة 7 أكتوبر.
الرؤية الأساسية الأيديولوجية للحكومة القومية – الكهانية الحالية هي بمثابة صورة مرآة معكوسة لرؤية حماس و”الجهاد الإسلامي”: أرض إسرائيل الكاملة هي لشعب إسرائيل، ولا حق فيها للفلسطينيين
الرؤية الأساسية الأيديولوجية للحكومة القومية – الكهانية الحالية هي بمثابة صورة مرآة معكوسة لرؤية حماس و”الجهاد الإسلامي”: أرض إسرائيل الكاملة هي لشعب إسرائيل، ولا حق فيها للفلسطينيين. بناء على ذلك، فإن القتل والدمار الذي تزرعه إسرائيل في القطاع له أهداف استراتيجية واضحة: توسيع سيطرة إسرائيل على أراضي الفلسطينيين، والتوضيح للجميع بأن الدولة الفلسطينية لن تقام.
هذه الأقوال سارية أيضاً على حرب “السيوف الحديدية” كلها، وليس عبثاً أن يصمم نتنياهو على تسميتها “حرب النهضة”. يجب تذكر أنه من ناحية اليمين الأيديولوجي – الفاشي الذي يسيطر الآن على الدولة، فإن نهضة إسرائيل في هذه الأيام لم تستكمل بعد ما لم يتحقق حلم خلاص إسرائيل بكاملها. ولتجسيد هذا الحلم الخيالي، فإنه يقتل عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة، ويسقط المئات من جنود الجيش الإسرائيلي.
هذه النقطة مشحونة وتحتاج إلى التوضيح؛ لأنها غير مفهومة ضمناً لمعظم الإسرائيليين. لأن الاهداف المعلنة لحرب 7 أكتوبر كانت منذ البداية القضاء على قدرة حماس العسكرية والحكومية. ولكن كلما اتضح أن إعادة السيطرة على أجزاء من القطاع باتت في متناول اليد، يتم تحديث الأهداف بحيث بات الاسم الوحيد المناسب لهذه الحرب هو “سلامة نتنياهو واكتمال البلاد”، ولم يعد يفصلها حتى شعرة واحدة عن حرب الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
إن الحرب التي بدأت كحرب عادلة من بين حروب إسرائيل، يتضح أنها أكثر حروب إسرائيل إجراماً، الحرب التي وجهها وجه العميد يهودا فاخ من “كريات أربع”، ورؤيته المثيرة للاشمئزاز القائلة بوجوب إفراغ شمال القطاع من مئات آلاف سكانه الفلسطينيين، وصفت مؤخراً في مقال ينيف كوفوفيتش (“هآرتس”، 18/12).
رؤية حماس الانتحارية الشاذة، التي في مركزها محو الوجود السياسي اليهودي بين البحر والنهر، أنزلت على الشعب الفلسطيني كارثة وطنية بحجم النكبة. وشبيهاً بذلك، حرب الاحتلال والاستيطان الإسرائيلي في القطاع قد تدهور المشروع الوطني الصهيوني نحو الهاوية.
مشروع الاستيطان المستقبلي في قطاع غزة ربما سيحظى بحصانة الرعاية الأمريكية على يد ترامب، لكن عندما ينزل عن منصة التاريخ ستصبح إسرائيل، بشكل نهائي، دولة منبوذة بما يشبه جنوب إفريقيا في فترة الأبرتهايد.
في مواجهة الكارثة الوطنية والأخلاقية التي تحدق بإسرائيل وحرب أوريت ستروك ودانييلا فايس، يواجه الوطنيون الحقيقيون في البلاد معضلة صعبة. من جهة، يحبون دولتهم أكثر من الوطنيين المزيفين في القناة 14، المتحمسين للتضحية بدولة إسرائيل على مذبح أرض إسرائيل. ومن جهة أخرى، لا مناص من التوصل إلى استنتاج مؤلم، وهو أنه يجب على الوطنيين الإسرائيليين إثارة الضغط الدولي على إسرائيل الكهانية – البيبية بهدف وقف الحرب فوراً لإنقاذ الدولة اليهودية من الكارثة المحتمة التي تنتظرها في المستقبل القريب.
هآرتس 29/12/2024
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.