متى كان قتل أكثر من 10 آلاف طفل “ضرراً جانبياً”؟
إيريس ليعال ……
أحب سينما الرعب التي تتحدث عما بعد نهاية العالم، لا سيما أفلام “زومبي”. يصعب علي تحديد ما هو نوع الراحة الخاصة التي أجدها في صور المدن الكبيرة والفارغة من الناس والمتروكة، والثقافة المدمرة وأسراب الزومبي المتعطشة للدماء التي تسير بين الأنقاض. لكني أحب ذلك بشكل مرضي. النمط هو نفس النمط: جرثومة أو فيروس تم إنتاجه في المختبر الذي ينتقل من القرود إلى بني البشر، ويحولهم جميعهم إلى زومبي مجنون، ودافعه الذي لا يمكن السيطرة عليه هو نقل العدوى للآخرين والقضاء على البشرية.
حسب هذا النوع، فإن الأبطال دائماً هم مجموعة صغيرة من الناجين الذين يحاولون إعادة بناء المجتمع والثقافة. أفضل فيلم من هذا النوع “بعد 28 يوماً” – اسم الفيروس هو “الغضب”. في 7 تشرين الأول، أصابت مجموعات النخبة القاتلة المجتمع الإسرائيلي بفيروس قاتل معد. لا شيء مما نشاهده الآن كان يمكن أن يحدث لو لم نصب بالعدوى ونتحول إلى زومبي لديه دافع واحد فقط: الانتقام. هناك توافق أخلاقي واضح بين اللامبالاة المطلقة تجاه التجمد حتى الموت في غزة لثلاثة أطفال بسبب أفعالنا، وبين إهمال المخطوفين واللامبالاة تجاه معاناتهم.
في 7 تشرين الأول، أصابت مجموعات النخبة القاتلة المجتمع الإسرائيلي بفيروس قاتل معد
بعد سنة وربع على الإصابة بعدوى هذا الفيروس، يقول الوزير عميحاي الياهو ما يعرفه الجميع، وهو وجود مكائد سياسية على رأس سلم الأولويات، تهدف إلى الحفاظ على الحكومة وليس المخطوفين. الدولة التي بنيتها التحتية الأخلاقية تسمح لأطفال غزة بالموت بسبب انخفاض حرارة الجسم، يمكنها تحمل نساء إسرائيليات يتم اغتصابهن في الأنفاق. التخلي عن المخطوفين وجرائم الحرب ترضع نفس الشر العشوائي.
أنا لا أقلل من حجم التهديد الذي يشكله نتنياهو على الجمهور، لكن دعمه تآكل، والتعاطف معه تآكل بشكل أكبر. هناك حدود لما يستطيع الناس تحمله، ولكن الفيلم الذي نشره قبل وقت قصير من إعلان المستشارة القانونية للحكومة بوجوب التحقيق مع زوجته عقب تقرير “عوفداه”، تجاوز هذه الحدود. سارة مكروهة، ونفد لدى بيبي الأوكسجين الذي زوده به بني غانتس، وتسونامي ارتفاع الأسعار والقرارات الاقتصادية يقترب من الشاطئ ويهدد بإغراقنا. “الوطنيون” بدوا متكدرين مؤخراً.
لكن فيروس “الغضب” ما زال في حالة هياج. فهو الذي مكن، حسب تقرير “نيويورك تايمز”، حدوث القتل الجماعي والعشوائي في غزة. الضباط الذين تحدثوا مع الصحيفة قالوا إن السياسة التي كانت متبعة هي: دمروا كما تشاؤون. وخطة التجويع أكملت حملة القصف غير المسبوق الذي قضى على عائلات كاملة. يمكن التحاور حول موثوقية البيانات، لكن هناك اتفاقاً على الرقم المتواضع لأكثر من عشرة آلاف طفل، الذين تحولوا إلى ضرر جانبي.
هكذا يبدو المجتمع المفلس، ثقافة انهارت وأصبحت بربرية. بعد المذبحة فإن مبدأ الأخلاق المسيطر، حتى في أوساط الوسط واليسار الصهيوني والليبرالي المعارض لنتنياهو، هو عدم الشفقة الواضح تجاه الغزيين بسبب ما فعلوه، وكأن من ذبح الأطفال في بلدات الغلاف سمح لنا أخلاقياً بقتل الأطفال في غزة بشكل جماعي.
مجموعات من الناس الذين لم يفقدوا صورتهم الإنسانية، الناس الذين تم إبعادهم في الدولة، اليسار الراديكالي، ومنظمات حقوق الإنسان والمراسلين الأتقياء مثل نير حسون، يحاولون الحفاظ على مجتمع غير ملوث كي يكون بالإمكان إقامة المجتمع من جديد بعد انقضاض الزومبي على نفسه. كما قلنا، هناك صلة وثيقة بين غياب الشفقة تجاه مصير الأطفال الفلسطينيين الذين تجمدوا حتى الموت، والرضا ببقاء المخطوفين هناك. هاتان الظاهرتان تنبعان من نفس التشوش الأخلاقي. حكومة نتنياهو ستسقط في النهاية، لكن المجتمع الإسرائيلي سيحتاج إلى أجيال كي يعالج الفيروس الذي جعله يتجاهل موت أطفال في الجانب الآخر للجدار.
هآرتس 29/12/2024
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.