أسئلة ينبغي الإجابة عنها في مستهل 2025
د. ماجد الخواجا ….
ثمة أسئلة منذ النكبة الفلسطينية في 15 أيار من عام 1948، وما زال يتم استعادتها واسترجاعها دون التحقق من الإجابات الشافية الصحيحة عنها، ومع امتداد الزامن ربما تتلوث وتتناقض الإجابات لتصل إلى درجاتٍ مذهلة من تغييب مجريات الأحداث الفعلية التي جرت آنذاك. من هذه الأسئلة ما يأتي:
1-ما هي النكبة : التطهير العرقي «يعني سياسة محددة جيدًا لدى مجموعة معينة من الأشخاص تهدف إلى إزالة ممنهجة لمجموعة أخرى عن أرض معينة، على أساس ديني، أو عرقي، أو قومي. وتتضمن هذه السياسة العنف، وغالبًا ما تكون مرتبطة بعمليات عسكرية، ويتم تنفيذها بكل الوسائل الممكنة، من التمييز إلى الإبادة، وتنطوي على انتهاك لحقوق الإنسان والقانون الدولي.» وهذا ما حصل في فلسطين في عام 1948 وتم تنفيذه بالضبط من قبل العصابات الصهيونية التي حاولت إلغاء الوجود الفلسطيني من الجغرافيا والتاريخ، من خلال تنفيذ عمليات إرهابية لإخراج الفلسطينيين من أرضهم من خلال خطة ترانسفير لتهجير السكان الأصليين بشكل ممنهج ومخطط لها. وكما يقول يوسف فايتس، رئيس لجنة الترانسفير الصهيونية منذ الثلاثينيات من القرن الماضي في مذكراته « الترانسفير لا يخدم هدفاً واحداً فحسب والمتمثل في تقليل عدد السكان العرب، بل يخدم أيضاً غرضاً ثانياً لا يقل أهمية عن الأول، وهو إخلاء الأرض التي يزرعها العرب حالياً وتحريرها من أجل الاستيطان اليهودي. والحل الوحيد هو ترحيل العرب من هنا إلى الدول المجاورة. يجب ألاّ نترك حتى قرية واحدة أو عشيرة واحدة.» إنه كما قال محمود درويش: « إن المعنى لتلك الحرب (1948) يتمثل في تعرضهم لعملية اقتلاع كبرى وفي تحويلهم إلى لاجئين في بلادهم وخارجها، وفي محاولة طردهم من الوجود والهواء والفضاء بعد احتلال أرضهم وتاريخهم، وتحويلهم من كينونة صريحة في الزمان والمكان إلى فائض أشباح منفي خارج الزمان والمكان».
2- هل تم تهجير الفلسطينيين من بيوتهم خلال حرب 1948 أم أنهم تركوها بإرادتهم؟
الإجابة واضحة في السؤال نفسه، حرب وإرادة لا يمكن أن تجتمعا في جملة واحدة. في الحروب الخيارات محدودة، في حال كان هناك أصلاً خيارات، وفي حين يتفهم العالم أجمع أن يترك سكان بلد بلدهم خلال حرب ما، وهذا جرى ويجري في كافة دول العالم ومع جميع الشعوب التي تتعرض للحروب، لكن لسبب ما لا يزال الكثيرون يرون ذلك غريباً بالنسبة للفلسطينيين وكأنهم من عالم آخر، وكأنه من غير الطبيعي أن يحاول سكان البلد الأصليين حماية أنفسهم بالطريقة التي يرون أنها ممكنة. نعم، تم قتل وتهجير الفلسطينيين في مدنهم وقراهم بالسلاح والقوة وبالتهديد، فلسطينيين عزل أمام عصابات صهيونية مدربة ومسلحة ولديها أوامر واضحة، إخلاء الأرض من السكان. البعض ترك بيته إلى مدينة أخرى إيماناً منهم بأن الجيوش العربية العتيدة ستحل المسألة خلال أيام وسيعود كل شيء إلى ما كان. البعض الآخر قرر البقاء وتم قتلهم في بيوتهم وتدمير قراهم ودفنهم في قبور جماعية. لم يتوقع أحد، لا أحد في العالم يمكن أن يتوقع أن بلده وبيته وعالمه وتاريخه وحتى اسم بلده وموقعها على الخريطة كله سيختفي خلال أشهر. ولكن كانت الأمور واضحة بالنسبة للطرف الآخر، الطرف الدخيل، فقد وضع دافيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي والذي هاجر من بولندا إلى فلسطين، خطة مفصلة في 10 مارس 1948 تتضمن أوامر صريحة لوحدات الهاغاناه، منظمة عسكرية صهيونية، باستخدام كل الأدوات والأساليب للقضاء على الوجود الفلسطيني بما في ذلك: إثارة الرعب، قصف القرى، حرق المنازل وزرع الألغام لمنع السكان من العودة لبيوتهم. عندما زارت غولدا مائير، واحدة من الزعماء الصهاينة الكبار، حيفا بعد أيام قليلة (من النكبة) وجدت من الصعب عليها في البداية أن تَكبت إحساساً بالرعب عندما دخلت البيوت الفلسطينية حيث كان الطعام المطبوخ ما زال على الطاولة والألعاب والكتب التي تركها الأطفال (الفلسطينيون) على الأرض وحيث بدا الأمر كأن الحياة تجمدت في لحظة واحدة.» – إيلان بابيه، كاتب اسرائيلي.
3-هل حدثت مجازر؟ مجزرة بعد الأخرى، في مجزرة قرية دير ياسين في 9 نيسان 1948، قامت العصابات الصهيونية بجمع السكان في مكان واحد وقتلوهم بدم بارد، تم اغتُصاب عدد من النساء وبتر اعضائهن ومن ثمّ قُتلن، ومن ثم تدمير القرية وإزالتها من على الخريطة وهي واحدة من 581 قرية فلسطينية تم تدميرها.
4-ما دور العرب في ضياع فلسطين؟ الحقيقة أن الذين احتلوا فلسطين جعلونا نكتشف الوطن حين فقدناه، الذنب ليس ذنب الجيوش العربية، كلنا مذنبون لأننا لم نكن نعرف، وحين عرفنا كان كل شيء قد انتهى، عرفنا من النهاية.» إلياس خوري، روائي لبناني»
5- كيف كانت فلسطين قبل النكبة؟ فلسطين قبل النكبة، كانت من أحلى وأهم البلاد في وقتها في مجال النقل والتصدير والإنتاج الزراعي والتعليم والأدب والثقافة. كانت المدن الفلسطينية متطورة في الكثير من المجالات وتتوفر فيها الكثير من الخدمات من مطارات وسكك حديد ومصانع، إضافة إلى وجود أكبر مصفاة نفط في المنطقة (مصفاة حيفا) في ذلك الوقت وأكبر ميناء في المنطقة ( ميناء حيفا)، وكانت فلسطين معروفة بصادراتها من الخضار والفواكه وخاصة البرتقال اليافاوي والصابون والتذكارات الدينية للبلدان المجاورة. وللبرتقال اليافاوي نسبة لمدينة يافا. «لو يرجع الزمان لعام 1940، لأتيتك غداً بحافلات نقل حيفا إلى بيروت حاملاً لعينيك برتقالة من يافا وسمكتين من عكا وعشر حبات لوز أخضر من صفد.» يامن النوباني، كاتب وصحفي فلسطيني.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.