حتى قبل نهاية الستين يوما من وقف النار في لبنان ما زال أمام الجيش الإسرائيلي الكثير مما يفعله هناك

بقلم: يوآف ليمور  ….

 

الحرب في لبنان انتهت، لكن الشمال بعيد عن إعادة البناء. معظم السكان لم يعودوا بعد. الكثيرون منهم ينتظرون أن يروا ماذا سيحصل في ختام ستين يوما تقررت في الاتفاق. هل سينسحب الجيش الإسرائيلي والى أين، وكيف سيرد حزب الله.

هذا الأسبوع كشفنا في “إسرائيل اليوم” أن الجيش يعتزم البقاء في جنوب لبنان حتى بعد الموعد الذي تقرر في الاتفاق. والسبب الأساس في ذلك هو التأخير في تنفيذ اللبنانيين ما يلزمهم به الاتفاق. فالجيش اللبناني ينتشر ببطء في جنوب الدولة (وعلى طول الحدود السورية اللبنانية، وهو أساسا مرتبك في تفكيك قدرات حزب الله مثلما تعهد.

الآلية التي تقررت يفترض أن تعمل على النحو التالي: إسرائيل تبلغ الجنرال الأمريكي في بيروت بخروقات الاتفاق. يمكن لهذا أن يكون محاولة تهريب، منشأة إنتاج سلاح أو محاولة متجددة للتموضع في جنوب لبنان. ويمكن لهذا أن يكون بنية تحتية لم تنكشف أثناء عمليات الجيش الإسرائيلي. ويفترض بالجنرال الأمريكي أن يبلغ الجيش اللبناني بالخرق وهو الملزم بأن يعالجه على الفور تحت رقابة أمريكية. وإذا ما قصر الجيش اللبناني أكثر مما ينبغي أو امتنع عن معالجة الخرق يمكن لإسرائيل أن تعمل بشكل مستقل.

في هذه الأثناء تعمل إسرائيل بنفسها بقدر غير قليل مستغلة الفترة

الانتقالية والضعف الظاهر لحزب الله المعني أساسا بالهدوء كي يلعق جراحه ويرمم قدراته. صحيح أن الحزب يتباهى بأنه لم يهزم، لكن هذه فرحة فقراء. بخلاف الجولات السابقة لا شك من انتصر في المعركة الحالية. وعليه فهو سيبتلع أيضا تواجد الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان لفترة زمنية إضافية، قد تطول لبضعة أسابيع، بل وربما لبضعة أشهر.

النصر في الميدان العسكري لا ينعكس في الساحة المدنية. القلق مما سيحصل في المستقبل مع حزب الله هو جزء من ذلك فقط، بل وربما ليس المركزي، في وجع رأس السكان. فوقه يأتي قلق الرزق والتعليم وفوقهما قلق أكبر على مستقبل هذا الإقليم الذي تلقى ضربة قاسية جدا. يوجد لها وجوه عديدة – هجران السكان هو الأكثر اقلاقا منها جميعها.

لن تفاجأوا إذا ما اكتشفتم بأن الدولة لا تزال تتردد في موضوع ترميم الشمال. فمشكوك أن يكون زئيف الكين الذي عين في معالجة هذا الموضوع متحمسا لذلك. فقد دخل إلى الحكومة في خلطة استهدفت إحياء اصطناعيا في جثة حزب أمل جديد بقيادة ساعر.

هناك شخصان يمكنها أن ينقذا الشمال: رئيس الوزراء نتنياهو ووزير المالية سموتريتش. الأول مشغول بشؤونه السياسية، القضائية والصحية. والثاني يهتم أساسا بالساحة الفلسطينية. فقد اختار أن يعلن هذه السنة بأنها سنة السيادة في يهودا والسامرة. والمعنى واضح: إسرائيل نجحت عسكريا لكنها تفقد الشمال.

غزة

سقط مقاتلان في غزة هذا الأسبوع. ومعهما يحصي الجيش الإسرائيلي 41 مقاتلا في الحملة في جباليا. أكثر من كل القتلى في أربعة أشهر من القتال خاضته فرقة 98 في رفح في الثلث الأول من السنة الماضية.

يوجد لهذا عدة أسباب محتملة: الأول، الجيش منهك وتعب بعد حرب طويلة في عدة ساعات، وأداؤه يتراجع. الثاني – بغياب أهداف ومهام محددة تتراجع القوات ويستغل العدو هذا لتحقيق إنجازات. الثالث – البقاء الطويل في الميدان يخلق نقاط ضعف. والرابع – العدو يترمم.

في الأسابيع الأخيرة وصلت تقارير من غزة أن حماس تجند آلاف الشبان أبناء عشرة وتنقلهم لتأهيل سريع كي يحلوا محل المقاتلين الذين فقدتهم. هذا يدل على أمرين: حماس ما زالت تسيطر في القطاع والجمهور يخافها، وإسرائيل وإن كانت ضربتها بشدة إلا أنها لم تكسر شوكتها.

هدد وزير الدفاع كاتس حماس بأنها إذا لم تفرج عن المخطوفين ستتلقى ضربات شديدة. وهذا ينسجم مع تهديدات ترامب. وفي الحالتين نوصي ألا نطور توقعات. فبعد 455 يوما من الحرب هناك يقين بأن حماس لن ترفع علما أبيض. قد توافق على تنازلات تكتيكية، محلية ولحظية لكنها لم تحيد عن طريقها.

مخطئ من يعتقد أن الزمن يعمل في صالح إسرائيل. المخطوفون لا يعودون، والحسم لا يتحقق. وعد نتنياهو بالنصر المطلق جاء مع آلاف الوعود الكاذبة الأخرى. في هذه الاثناء حماس تتعزز فقط. تجمع الغذاء، تجمع المال، تجمع الرجال. المأساة هي أنها تفعل كل هذا برعاية إسرائيل التي تعمل على أن تشتري لنفسها شرعية بمواصلة القتال.

لأجل تغيير الاتجاه والانتصار على إسرائيل أن تفعل أمرين: الأول، صفقة مخطوفين. والثاني الاهتمام بجدية في مسألة اليوم التالي. الأمر الحقيقي الذي يخيف حماس ليس الدبابة الإسرائيلية، بل البديل السلطوي. أحد ما آخر يأتي مكانها ويتحكم بالمال والغذاء وبالتالي بسكان القطاع. هذا، إلى جانب استمرار الضغط العسكري الإسرائيلي، أخيرا سيحقق تغيير الاتجاه المنشود.

في هذه الأثناء هذا لا يحصل لأسباب سياسية. والنتيجة هي أن الجنود يواصلون دفع الثمن فيقتلون باسم مهام سيكون أصعب فأصعب تعريفها. ومن جهتها على العائلات الثكلى أن تعرف أن للموت معنى. إن للعمليات معنى. في غياب صفقة مخطوفين وفي غياب أفق للعمليات في غزة، انتقادهم سيزداد. هذه ليست نبوءة – هكذا كان في جنوب لبنان في التسعينيات. لا يوجد أي سبب يمنع هذا بأن يتكرر مرة أخرى الآن وبقوة أكبر بأضعاف.

بقلم: يوآف ليمور

 إسرائيل اليوم 3/1/2025

قد يعجبك ايضا

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.